• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : قصص قصيرة .
                          • الكاتب : زوليخا موساوي الأخضري .

قصص قصيرة

 : زوليخا موساوي الأخضري

النص: قصة قصيرة
مراوغة
تجلس قبالته و تبتسم.
مجنون. أنت مجنون. تصمت و تعاود الابتسام.
و هو يتكلم، يلقي أشعارا و يتغزل في عينيها، صوتها، شعرها.
و عقلي؟
وعقلك أيضا.
أعشقك كلك.
لا تجيب. تبتسم و تهرب بنظراتها وراء زجاج النافذة. المقهى خال إلا منهما. الوقت متأخر و النادل بدأ في ترتيب الطاولات إيذانا بالإغلاق. كان عليها أن ترحل أن تستقل القطار إلى المدينة المجاورة.
صراخ عبر مكبر الصوت. السوبر ماركت في هذه الساعة يكون خاليا. ماذا يقع؟ جمهور متجمع في إحدى الزوايا.
ماذا يفعلون؟ ماذا ينتظرون؟ ينظرون إلى بعضهم البعض لكن لا يبتعدون عن المكان. كلهم في نفس الزاوية. الزوايا الأخرى للسوبر ماركت خالية. تستطيع الآن أن تميز ما يزعق به الصوت عبر المكبر. مادة إشهارية. تخفيض مهم في ثمن فوط السباحة. أصبحت الآن بنصف ثمنها الحقيقي.
ماذا ينتظر الناس؟
أن يحضروا الفوط.
هل من الممكن أن تجيبيني؟
على ماذا؟
كيف على ماذا؟ ألا أشكو لك حالة عشقي لك منذ أكثر من ساعة؟
تضحك. تنعته بالمجنون. تكاد تمد يدها كي تربت على خده كما تفعل الأم حين تسامح شقاوة أحد أبنائها.
لقد أجبتك. أنت شاعر ومجنون. كل ما تفعله يغفر لك بهذا العذر الجمالي.
أنت تراوغين!
لا تجيب. تنظر إليه فقط و تبتسم ثم تسير نحو باب المقهى.
خرج موظف باللباس الأحمر و الأبيض الذي يميز العاملين بالسوبر عن الزبائن، ظهر يدفع أمامه عربة مملوءة بعلب كبيرة من البلاستيك تحتوي على فوط من مختلف الألوان مطوية بعناية.
في لمح البصر، هجم الواقفون على العربة، يتخاطفون العلب و هم يتدافعون بالأكتاف و المناكب و يصرخون.
في لمح البصر، أصبحت العربة فارغة.
الصوت عبر المكبر يضحك، يقهقه ثم يقول: سيداتي سادتي، نشكركم على إقبالكم على سلعنا اغتنموا هذه الفرصة لأنها لن تتكرر أبدا. أذكّركم فقط أن المبلغ الذي ذكرت هو للفوطة الواحدة. العلبة تحتوي على ست فوط. 
توقف الناس الذين كانوا متجهين صوب أكشاك الدفع، رجعوا أدراجهم صوب العربة . ألقوا فيها بالعلب ثم غادروا نحو الباب الخارجي. 
 
 
فراغ أو انجذاب الماءحالة 
انظروا, انظروا ألا ترون؟ ألا ترون الفراغ حولي دوائر من تيه؟
لماذا لا ترونني؟ لماذا أراكم؟
تدور و تدور حول أرجاء المكان، حول نفسها و حول القيظ في الفراغ الممتد أمامها.
حاولت. بكل ما لديها من سبيل. حاولت مغادرة الفراغ، مقارعته كي ينجلي.
ماذا أفعل؟ تسأل دائما.الفراغ حولها لا ينجلي و هي لا تستكين. حار معها الأطباء. كل من حولها انفض.رجعوا إلى ما كانوا فيه. نفس المسار و نفس المآل في كل مرة. وحيدة تعبر المساحات التي تفصلها عن نفسها و عن السكينة.
لم تكن حياتها معقدة. و لم يكن شيء ينبئ بما سيحدث.
سيرة عادية بل أحيانا مملة. هي تماما هذا مملة. من هنا ابتدأ كل شيء.
عزلة راقية في البداية. يا لهذا السكون الحالم. كانت تقول لنفسها. لكن الظلال شيئا فشيئا تسللت إلى مباهج الضوء في الفضاء الجميل الذي كانت تحاول تأثيثه لما سيأتي من أيام.
فكرت في الكتابة. الحروف أصبحت خشبية.
فكرت في العزف. تكسرت كل النايات.
فكرت في قوس قزح انجلى خديعة.
فكرت في الرقص أصبح جسدها تمثالا من شمع.
ماذا إذن؟
لا شيء. 
كل شيء باهت، بارد ،عليل و هارب. تحاول أن تقبض بيديها على شيء ما فتكتشف أن لوركا زارها ذات حلم.
سراب. سراب و عتمة. 
ضجرا. تأففت. ضاقت. سخطت.انفجرت. ذهبت في غيبوبة. لم تستفق منها. أو هكذا يخيل إليها و إلا لم لا يراها و لا يسمعها الآخرون؟ هي وحدها من تصم آذانها أصواتهم الخشنة و تملأ صورهم كل الشاشات.
كأنها في قفر. لكن يجب أن ينتهي كل هذا.
لم تفكر لحظة أنها ستفكر يوما بهذا الشكل.
كل ما كانت تتمناه أن تكون لديها غرفة. غرفة بسيطة تحفظ حميميتها مع الفراغ. ترسم الكلمات كي لا تعلن الحرب على نفسها و تنشغل بغزل المعاني كي تستطيع التنفس. صدرها أصبح يضيق كل يوم أكثر و تشعر بنفسها تخنتق.
لكن الآن و بعد أن استهلكت كل مخزونها من المراوغة لم يعد باستطاعتها الاستمرار. يرهقها أكثر هذا الدوران المحموم حول موروثاتها و أشيائها البسيطة التافهة.
أوه! لا . لا تريد أن تنظر إلى شيء. كل شيء غريب عنها. الغرفة، الأثاث، الكتب و أصوات الظلال التي تنبعث من الغرف الأخرى.
تصفق الباب إذن وتخرج. تمشي بخطى متزنة كأنها على موعد. في نفس الإتجاه. لا تنعطف يمينا و لا شمالا. دائما في نفس الاتجاه نحو آخر الطريق هناك حيث الطبيعة البريئة تجاور الخراب.
تقترب أكثر فأكثر. تشعر ببرودة تسري في أصابع قدميها ثم في ساقيها ثم تتسلل إلى قفصها الصدري تضغط على مسامها ثم يدخل الماء إلى فمها ثم تغوص في عمق النهر حيث العتمة الأزلية و حيث السكينة. ثم لا شي

كافة التعليقات (عدد : 4)


• (1) - كتب : زوليخا موساوي الأخضري من : المغرب ، بعنوان : كلمة شكر في 2011/07/16 .

أصدقائي
ممتنة لإطلالتكم الراقية على هذا النص المتواضع لكم مودتي و باقات من الورد
زوليخا


• (2) - كتب : وليد الموسوي من : العراق ، بعنوان : جميل جدا في 2011/07/16 .

الاستاذه زوليخا مبدعه الى منتهى الحدود ولديها قدرة رائعه على التعامل مع الالفاظ والكلمات بحيث توضفها كيف تشاء نتمنى ان نطالع المزيد من نتاجاتها



• (3) - كتب : عراقي من : العراق ، بعنوان : شكرا لكم في 2011/07/06 .

كما تعودنا منكم على الابداع
شكرا لكم على هذا الابداع

• (4) - كتب : د.مسلم بديري من : العراق ، بعنوان : ابداع في 2011/07/06 .

الاستاذة الرائعة زوليخا مرحبا بك مع اطلالتك الاولى في موقع كتابات في الميزان
ونأمل ان يكون هذا الندى هو اول غيثك
تقبلي مودتي واعتزازي





  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=7453
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 07 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13