• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وقفة مع أذهاب السيئات من خلال الحسنات .
                          • الكاتب : ابو فاطمة العذاري .

وقفة مع أذهاب السيئات من خلال الحسنات

قال تعالى :
( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود/114} )
إن للأفعال أثرًا في الإنسان فمنها ما يقتصر أثره عليه ومنها ما يتعداه إلى الخارج . وذكرنا في ما سبق إن الأفعال هي النوايا ومما أوجده الله تعالى من التأثير في عالم الأفعال هو تأثير الأفعال على بعضها فمن الأفعال ما تكو ن له القدرة والهيمنة على غيره من الأفعال وذلك يعود إلى أساسه لان كل هيم نة في الأرض أو في السماء لكل مخلوق مستمد ة من اسمه المهيمن فكلما قرب الفعل من هذه الصفة اكتسب الهيمنة والسيطرة على ما دونه من الأفعال وبما إن النظام العام ونظام الأفعال خصوصًا مؤسس ع لى أساس الخير يكون الفعل الخير مؤثرًا في السيئ ولا عكس هذا ليس استنباط عقلي ربما يصح أو يخطأ إنما هي قاعدة أثبتها في نظامه وبي نها في كتابه ،وليس موضوع قاعدتنا تولد الحسنات إنما هيمنة الحسنات على السيئات من خلال السلطان الذي وهبه الله تعالى للحسنات . فمد رك القاعدة لا يحتاج كثير من البيان إنما أراد الحق تعالى من كلامه أن يبين لنا إن هنالك قواعد في الأفعال كما إن هنالك قواعد في الصفات أو المعتقدات . منها ما أعطاه الحق تعالى بسعة رحمته من القابلية للحسنة على محو وإذهاب السيئة وهو يعود لما أركز الحق تعالى من صفة الزوال في الجانب الباطل ، قال تعالى : ( إِ  ن الْباطِلَ كَا  ن  ز  هوق ًا) أي ليس الزوال عرضًا يعرض على الباطل وإنما هو من خصا ئصه الذاتي ة ، فكل ما يأتي من الباطل وكل ما يؤدي إل يه يحمل تلك الخاصية وهي الزوال . وكذلك فان الأعمال الصالحة لها خاصية البقاء في الدائرة وذلك لامتدادها للخير المطلق فأخذت صفة البقاء من أصلها له ذا أصبحت من خصائص الحسنات هي الهيمنة ومحو السيئات . التطبيق : إن الحق تعالى عندما تفضل على عباده بإنزال رحمة محو السيئات بالحسنات كانت الإرادة من ذلك هو ف تح باب من أبواب تسقيط التبعات المبعدة عنه سبحانه والمعو قة للمسير في طريقه وهو الإسلام والتدرج بدرجاته . إذ من المعلوم إن الأفعال السيئة تترك أثرا في قلب الإنسان من الصعب إزالته وكذلك ُتهيأ الإنسان إلى النزول إلى مادون ذلك من الأفعال وتعطيه القابلية للاكتساب من الجهة السفلى وتكسر لديه رهبة الإقدام على السيئات . فجعل الحق تعالى هذه
القاعدة والتزم بها وبينها للعباد. أما كيفية إزالة الحسنة للسيئة فنراه من وجوه :
الوجه الأول : إن الأعمال الحسنة تبعد السيئات عن الإنسان وتذهب بها إلى مكان بعيد ، واقصد بالسيئات هو ما يسوء الإنسان من المصائب والبلايا ونقص الأرزاق ونحوه . فيكون ما يأتي به المرء من الحسنات مبعدة لهذه السيئات عن ساحته وشافعة له في محوها من لوحه.
الوجه الثاني : هو في كون الأعم ال الحسنة مبعدة للأعمال السيئة ، وبيان ذلك : إن ال نفس موجودة في كل مستويات الإنسان  وان اختلفت قوة وضعفًا وعليه تكون السيئات قريبة دائمًا من الإنسان لوجود النفس ودوافعها وإيحاءاتها إلى الإنسان بفعل السوء ولوجود الدنيا ومغرياتها والتزيين الشيطاني فيكون الإنسان بتماس دائم مع أسباب السيئات ومولداتها , فيكون عمل الحسنات مبعد ًا لهذه السيئات عن قلب الإنسان ومبعد ًا للرغبة فيها ، طبعًا في هذا المستوى فقط لا في كل المستويات نعم لكل مستوى حسناته وسيئاته .
الوجه الثالث : إن الحسنات من الإعمال لها القابلية على محو السيئات التي وقعت من الإنسان فع ً لا ، فعندما يأتي بالحسنة تمحو السيئة التي ارتكبها قبل الحسنة ، قال الرسول (صلى الله عليه وآله ) ( واتبع الحسنة السيئة تمحوها ) . وهذا كما قلنا في البدء مما أعطاه الله تعالى للحسنات من خصائص . فتكون الحسنة اللاحقة للسيئة غافرة لها .
الوجه الرابع : إن الحسنات يذهبن اثر السيئات . وذلك إن السيئة إذا ارُتكبت خّل فت أثرًا معنويًا وهذا الأثر يكون حاجبًا عن التقدم في سلم الكمال ، وبعض مراتب غفران الذنب لا يشمل إزالة أثره المع نوي بل إقالة المذنب من العقاب المادي المتر تب عليه . لكن بعض الأعمال الحسنة لها من القابلية لإزالة الأثر المعنوي للذنب وهي ما تسمى في علم الإيمان بأفعال التطهير أي من خصائصها تطهير القلب من اثر الذنب .
الوجه الخامس : إن الحسنات يذهبن أساس السيئات وبيان ذلك إن الإنسان إذا توجه إلى شيء قويت إرادته إليه وضعفت عن الجانب المقابل . وكذلك من نعم الله تعالى إن القيام بالحسنات يكون مضع فًا لإرادة السيئات ومقويًا لإرادة الحسنات لأنه حسب النظام من قام بشيء استحق الذي يليه . فيكون البعد ع ن الشوق للسيئات وإرادتها بتضعيف وإذهاب الحسنات لإرادة السيئات .
الوجه ا لسادس : أي يذهبن الحسنات ب الأمراض النفسية من الرياء والتكبر وحب الذات وغيرها فتكون هذه الحسنات د افعًا لإزالة السيئات الص فاتية الموجودة في مكمن الإنسان ، لان الأفعال الحسنة ممحصة لما في صدر الإنسان ف ُتذهب بالسيئات من صدره و تبقي الحسنات . فإذا عرفنا ذلك يكون التطبيق منه : على الإنسان الذي يسعى إلى الرضوان أن لا يهمل كل تقصير أو ذنب أو خطيئة بما أن الله تعالى فتح له هذا الباب فيجب عليه أن لا يترك له ذن بًا في يومه بمعنى أن يراقب نفسه كل يوم باستمرار فان صدر ت منه سيئة أردفها بفعل حسن أو أكثر لإزالة تلك السيئة وإز الة آثارها بحيث ينتهي يومه وما من سيئة إلا و أعقبها حسنة عندئذ يكون يومه له لا عليه . قال الإمام الصادق (ع) : ( ليس شيء اشد طلبًا وأسرع دركًا للخطيئة من الحسنة , أما إنها لتدرك الذنب العظيم القديم المنسي عند صاحبه فتحطه وتسقطه وتذهب به بعد إثباته

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=7389
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 07 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12