• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَلنِّمْرُ..إِنْتِصارُ الدَّمِ عَلى [الشَّرْعِيَّةِ] (١) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَلنِّمْرُ..إِنْتِصارُ الدَّمِ عَلى [الشَّرْعِيَّةِ] (١)

   تعتمد سُلطة (آل سَعود) على مبدأين أساسيَّين (خطيرَين) هما؛ وُلاية الأمرِ والتّوريث باسم الدّين.
   وانَّ هذا النّوع من الأنظمة السّياسيّة يعتبر الدّولة وما فيها وما عليها وما تحت الثَّرَى مُلكاً له والنَّاس رعايا فلا معنى للمُواطنة، ولذلك لم يأتِ ايّ ذكرٍ لمفهوم المواطنة والوطن في قانون 
(هيئة البيعة) بالمطلق، وانّ كلّ ما تحت يدِ الحاكم هو ملكٌ له إنْ شاء أعطى مِنْهُ لمن يُرِيدُ؟ كيفما يُرِيدُ؟ ومتى ما أراد؟ وَإِنْ شاءَ منَع.
   الأساس الاوّل لخّص جوهرهُ احدهُم بقوله (السّواد، ويقصد بهِ سوادُ العراق، بُستان لقريشٍ، ما شِئنا أخذنا مِنْهُ وما شِئنا تركناهُ) والآخر الذي قال في بيتِ المال، خزينة الدّولة والمال العام (لنأخُذنّ حاجتنا من هذا الفَيء وإن رغُمت انوفُ أقوامٍ).
   ولذلك اصبح (الصّحابة) الدّراويش في عهد رسول الله (ص) أثرياء حتى التُّخَمة، في عهد الخليفة الثّالث، بسبب هذه السّياسة، فلقد ذكر المسعودي وغيره بعض الأمثلة على هذه الثّروات الضخمة بقولهم [فقد بلغت ثروة الزُّبَيْر خمسين الف دينار وألف فرس والف عبدٍ وضياعاً وخططاً في البصرة والكوفة ومصر والاسكندريّة.
   وكانت غلّة طلحة بن عبيد الله من العراق كل يوم الف دينار، وقيل اكثر، وبناحية الشراة اكثر مما ذكرنا.
  وكان على مِربط عبد الرحمن بن عوف مائة فرس وله الف بعير وعشرة آلاف شاة وبلغ رُبعُ ثُمنُ ماله بعد وفاته أربعة وثمانين الفاً.
   وحين مات زيد بن ثابت خلفَ من الذَّهَب والْفِضَّة ما كان يُكسر بالفؤوس غير ما خلّفَ من الأموال والضّياع بقيمة مائة الف دينار].
   اما الأساس الثّاني فقد شرح جوهرهُ مُعاوية بن ابي سفيان بعد ان تمّ له السّلطان على البلاد الاسلاميّة فيما بات يُعرف بعام الجماعة عندما عالنَ النّاس بطبيعةِ الحكم الجديد في كلمتهِ التّالية (يا أهل الكوفة، أَترَوني قاتلتكم على الصّلاة والزّكاة والحجّ؟ وقد علمتُ أنّكم تُصلّون وتُزكّون وتحُجّون، ولكنّي قاتلتكُم لأَتأَمّر عليكم وأَلي رقابكُم، وقد أتاني الله ذلك وأنتم كارهون، الا انّ كلّ دمٍ أُصيب في هذه مَطول، وكلّ شرطٍ شرطتهُ فتحتَ قدمي هاتَين).
   ولقد لخّص الامام الحسين (ع) كل ذلك في خطبتهِ التي وصف فيها طبيعة هذا النّوع من الحكم بقولهِ {إِتّخذوا عبادَ الله خَوَلاً [الخَوَلُ: عطيّة الله من النِّعَم والعبيد والإماءِ وغيرهم من الأتباع والحشم] ومالَ اللهِ نحلاً}.
  هذا النّوع من الأنظمة لا يستقيم له الملك الا بالتّخندق خلف الدّين والفتوى، وهو يوظّف كل شيء من اجل تكريسِ سلطتهِ، بما في ذلك الأحاديث المزوّرة عن رسول الله (ص) فلقد روى ابْنُ عرفة المعروف بنفطَويه، وهو من أكابر المُحدِّثين وأعلامهم، في تاريخهِ ما يُناسب هذا الخبر قائلاً [انّ اكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصّحابة افتُعلت في ايّام بني أميّة تقرّباً إليهم بما يظنُّون أَنَّهُم يُرغمون به أُنوف بني هاشم].
  الدّين، إذن، هو على رأس الأشياء التي يوظّفها هذا النّوع من الأنظمة السّياسية لشرعنة سلطته الظّالمة، فما بالك اذا كان يحكم في بلادٍ فيها أقدس المقدّسات الدّينية؟ وأَقصد بهما الحرَمَين الشّريفَين بيت الله الحرام في مكّة المكرّمة والمسجد النّبوي وقبر رسول الله (ص) في المدينة المنوّرة؟!.
   وإذا كان مُعاوية قد وظّف فقهاء البلاط وفتاواهم وتزويرهم للحديث الشّريف من أَجل شرعنة سلطتهِ الظّالمة وغصبهِ للحكم بالضدِّ من ارادة الامّة، ومن أَجْلِ تخدير الامّة باسم الدّين 
للحيلولة دون تمرّدها وخروجها على طاعتهِ، كما في الحديث المكذوب عن الرّسول الكريم (ص) [انّكم سترَونَ بعدي أَثَرة وأُموراً تُنكِرونها، قالوا؛ فماذا تأمرنا يا رسول الله؟ قال؛ ادّوا اليهم حقَّهم وسلوا الله حقكم] والآخر الموضوع [مَن رأى من أميره شيئاً يكرههُ فليصبر عليه، فانّ من فارق الجماعة شبراً فماتَ الا ميتةً جاهليّة] فانّ نظام القبيلة اليوم يفعل الشيء ذاتهُ من أجل تكميم الأفواه ومصادرة حريّة الرّاي وقمع المعارضة وكل ذلك باسم الدّين.
   ولقد كرّس هذه الرُّؤية الأمويّة عدد من فقهاء التّكفير الذين شغلوا كل وقتهم وانشغلوا في التّبرير للسّلطة الأمويّة الظّالمة، من جانب، ولاتّخاذها إِنموذجاً يُحتذى لحكمِ القبائل التي مرّت على الامّة من بعد الأمويّين، من جانبٍ آخر.
   فهذا ابْنُ تيميّة، شيخُ الاسلامِ الامويّ، الذي يُعتبر المنظّر الاوّل لسلطة الظّلم والقهر والعبوديّة، يبرّر للأمويّين فلسفتهم في السّلطة بقولهِ في ولاية المغتصِب؛ (يعتقد أهل السُّنّة انّهُ ملك على جمهورِ المسلمين وصاحب السّيف كما كان أَمثالهُ من بني أميّة) ويُضيف (يزيد في ولايتهِ هو واحد من هؤلاء ملك المسلمين المستخلفين في الارض).
  انّهُ يُشرعن سلطة السّيف، بغضّ النظر عن ايّ شَيْءٍ آخر، ونموذجهُ بعد التّبرير هم الأمويّون على وجه التّحديد، فلقد قال بعض فقهاء البلاط مبرِّراً الانصياع للحاكم الفاسق بقولهِ (وقد ظهر الفسقُ، واشتهرَ الجَورُ من الأئمّة والامراء، بعد الخلفاء الرّاشدين، والسّلف كانوا ينقادونَ لهم، ويُقيمون الجُمع والأعياد بإذنهم، ولا يَرَوْن الخروجَ عليهم)!.
   انّ شرعنة سلطة السّيف هو الذي دفع بهم لان يبنوا عليه شرعنة سلطة التّوريث بالسّيف او حتّى الانقلابات العسكريّة، كما يوضّح ذلك أحدُهم بما نصُّهُ (ان تكون الإمامة قد ثبتت له بالقهر والاستيلاء فيجيء آخر ويقهرهُ ويستولي على الامر، فيعزل الاوّل ويصير الامام هو الثّاني، حفظاً لنظام الشّريعة، وتنفيذاً لاحكامِها، وبمقتضى ذلك وقع الفقهاء في زمانِنا هذا مع الملوك في الامر الخطِر، حيث لم يفهموا عنهم مقاصد الشّريعة، وذلك انّهم اذا أَثبتوا ولاية الاوّل بالاستيلاء بالقهر، دعاهم ذلك الى انْ يقولوا؛ انّ الخارج عليه باغٍ واجب القتال، فاذا غلب الثّاني حكموا ببطلانِ ولاية الاوّل وصحّت ولاية الثّاني، ودعاهم ذلك الى عكس القضيّة الاولى، فقالوا؛ انّ الخارج عليه باغٍ واجب القتال، فيظنّ أولئك ان حكمهم بذلك انّما هو محاباةً لصاحب الوقت القائم بالأمر، من غير فهم المقصد الذي الجأهم لذلك).
   وهو الشيء عينهُ الذي حصل لآل سعود عندما استولوا على السّلطة في الجزيرة العربيّة بالسّيْف والقهر.
   انّهم، إذن، يُشرعنون سلطة السيف في كلّ الأحوال، وبذلك يلغون سلطة الشّعب وحرّيّة التعبير والحراك السِّلمي والانتفاضات الشعبية وغير ذلك، فالسّلطة للسّيف ولآخِر من يستولي به على الحكم.
   انّها سُلطة الدّم والقهر وهذا ما ينطبق اليوم على سلطة آل سعود فعندما تمكّنوا من رقاب النّاس في نجد والحجاز وتمكَّنوا من إخضاعهم بالسّيف لسلطتهم اكتسبوا الشّرعية باسم الدّين على قاعدة سُلطة السّيف.
   يتبع
   ١٢ كانون الثّاني ٢٠١٦ 
                       للتواصل؛
E-mail: nhaidar@hotmail. com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=73023
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14