• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : النظام السعودي.. والماعون السني !! .
                          • الكاتب : فالح حسون الدراجي .

النظام السعودي.. والماعون السني !!

جريدة الحقيقة
أراد النظام السعودي عبر تنفيذ حكم الإعدام بالشيخ النمر، وثلاثة من أبناء الشيعة السعوديين (الأبرياء) سوية، وفي يوم واحد، مع ثلاثة وأربعين إرهابياً دموياً محترفاً بعضهم يحتل موقعاً قيادياً بارزاً في تنظيم القاعدة، كالإرهابي فارس الزهراني. أراد أن يخلط الأوراق على كل من يسعى لمعرفة الحقيقة، ويروم البحث عن دوافع تنفيذ الإعدام في هذا التوقيت الساخن من الأحداث الداخلية والعربية والإقليمية، بل والعالمية أيضاً. وهو الوقت الذي يتطلب تهدئة، وتبريداً، وتلطيفاً للمناخ السياسي، والأمني الملتهب في المنطقة، وليس تصعيداً- غير مبرر- للأحداث، خاصة وأن السعودية لم تنفذ إعداماً بمثل هذا الحجم منذ خمسة وثلاثين عاماً، أي منذ أن قامت عام 1980 بإعدام ثلاثة وستين متهماً باقتحام الحرم الملكي بقيادة جهيمان العتيبي، ومحاصرة المسجد الحرام في مكة، ما أدى الى مقتل (127) جندياً سعودياً، و(117) مسلحاً إسلامياً، مع عدد من المدنيين.
فهل قام الشيخ النمر-لا سمح الله- بمحاصرة المسجد الحرام مثل جهيمان العتيبي كي ينال الإعدام على فعله، حاشاه من ذلك؟
والجواب لايحتاج فطنة ومعرفة خاصة. فتاريخ الشيخ النمر يشهد أنه لم يتوجه يوماً لحل خلافه مع الأسرة الحاكمة، أو الطائفة الأخرى بغير المنطق، واستخدام الأسلوب الحضاري، ومناقشة الحجة بالحجة لا غير. 
لكن الحكومة السعودية أرادت - بإعدام النمر- تحقيق هدفين، أحدهما اقليمي خارجي، والآخر محلي داخلي .. فعلى الصعيد الاقليمي، وبعد هزائم المملكة السعودية في اليمن، والعراق، وسوريا، وبعد نجاح السياسة الإيرانية في احتواء أغلب الأزمات الدولية التي تعرضت لها طهران، والتي كان بعضها يأتي عبر دفع المال والنفط السعودي، فضلاً عن اتساع مساحات التأييد والتعاطف العربي، والاسلامي والدولي للمشروع الشيعي المسالم، والمناهض للفكر الوهابي التدميري، ما دفع النظام السعودي الى البحث عن مخارج للتنفيس عن الضغوطات المتراكمة على قياداته، فعمدت هذه القيادات على تفجير الأوضاع الأمنية في الشارع، عبر إعدام النمر ورفاقه، عسى أن تأتي ردود الأفعال الشيعية الغاضبة عنيفة وواسعة، وخطيرة، بحيث تكفي لكسب تأييد، وتعاطف الشارع العربي الى جانبها، بعد أن أدار هذا الشارع وجهه عن النظام الداعم للإرهاب والحاضن الأكبر للطائفية..
أما الهدف الداخلي، الذي سعت اليه الحكومة السعودية، وهو برأيي الهدف الأهم، والأخطر، فقد تمثل في تنفيذ حكم الإعدام بعدد من أبناء السنة والشيعة معاً، ليُظهر القرار هؤلاء (المعدومين) أمام الرأي العام وكأنهم إرهابيون وقتلة، يتساوون جميعاً في الجريمة، بحيث يبدو أن لا فرق بين زعيم القاعدة فارس الزهراني المحكوم بالإعدام، بسبب قيامه بقتل مئات الأبرياء السعوديين، وبين رجل الفكر والدين المسالم، الشيخ النمر!!
لقد أراد النظام السعودي أن يقول الى سنة السعودية: لقد أعدمنا قائد الشيعة.
ويقول للشيعة في نفس الوقت: لقد أعدمنا ثلاثة وأربعين (سنياً)، بينهم قادة أيضاً !!
أنا شخصياً أميل الى أهمية الهدف الداخلي في أجندة العائلة الحاكمة السعودية، بخاصة وأن لهذه العائلة قضية داخلية خطيرة، قد لا يعرفها غيرها، فهي تدرك أن مقتلها يكمن في الجانب السني السعودي، وليس في الجانب الشيعي، لذلك سعت بهذا الإعدام (المزدوج)، وبتركيزها الإعلامي على إعدام زعيم القاعدة فارس الزهراني، الى إرهاب، وإخافة أبناء السنة السعوديين، ووضعهم في حالة قلق ورعب دائمين، وفي خوف قاتل من سيف الإعدام الذي لا يفرق بين عنق سني، أو شيعي..
وأظن أن إعدام زعيم الشيعة الشيخ النمر، لم يكن الغاية الرئيسية للنظام السعودي - مع أهمية وخطورة هذا الإعدام- إنما كان إعدامه ورقة من أوراق اللعب السعودي- وليس كلها.
فالشيعة السعوديون كما معروف مسالمون، بحيث يدرك الجميع أن أمرهم لم يتعد التظاهر السلمي، وطرح الخطاب الثقافي، والتجمع المسالم، بينما كان الخطر الأعظم تاريخياً يأتي من السنة السعوديين. (فجميع التهديدات التي تعرضت لها أسرة آل سعود في الماضي، سواء من تمرد قبلي في عشرينيات القرن الماضي، أم من أعمال شغب في الستينيات، الى احتلال الحرم المكي عام 1979، الى احتجاجات التسعينيات الناتجة عن غضب السنة السعوديين من التحديث، والعلاقات مع الغرب. الى تنظيم القاعدة الذي أسسه النظام السعودي بشكل غير مباشر، ثم انقلب عليه عام 2003 عبر مهاجمته لآل سعود عن طريق تأليب السلفيين السنة ضدهم. ثم تأسيس تنظيم داعش السني، الذي بات يمثل مشكلة أخرى لمستقبل العائلة الحاكمة..
والسعودية تعتقد أنها لا تواجه تهديدا ماديا بشن الهجمات وحسب، بل تواجه أيضا معركة فكرية فقهية مع تفسير منافس للإسلام السلفي. بمعنى أن خوف العائلة الحاكمة السعودية لا يأتي من الشيعة مطلقا، إنما من تيارات سنية معروفة..
وسبب هذا الخوف يأتي لكون العائلة الحاكمة، والمتشددين، والسلفيين السنة يأكلون جميعاً من ماعون واحد، وهنا يكمن الخطر!!.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=72706
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13