في عز مرحلة الاستعمار للهند كانت جهود الزعيم الوطني غاندي والشخصيات الوطنية تعمل في اتجاه استقلال الهند وتخلصها من الاستعمار والإذلال والتدخل في شؤونهم الداخلية وتعطيل البلاد ونهب مقدراتها، ولاحظ الهنود في تلك الفترة أن كل ما اتحد الهنود من جميع الطوائف والاتجاهات والأعراق جاء الاستعمار في الخفاء ليذبح بقرة -هي محل قداسة لدى الهندوس- ويقذف بها في مناطق التماس بين الهندوس والمسلمين؛ فيتفجر الموقف بين الطرفين، ويحدث الصراع والشتائم والتقاتل، ويرتاح المستعمر وينفذ مخططه بكل تركيز، فلقد صنع صراعات داخلية أوقفت عنه الضغط، وحولت التركيز إلى الصراع الداخلي المفتعل، إلى أن جاء الزعيم غاندي بحنكته السياسية وشرح هذه الفكرة للناس، وطلب منهم العودة إلى مقاومة المستعمر والوحدة الوطنية، بعيداً عن هذه المسرحيات العبثية.
وفعلاً زاد وعي الناس، وحررت الهند من الاستعمار واستقلت، وأصبحت من أعظم القوى الصناعية والاقتصادية والسياسية في العالم هذا اليوم، بفضل وحدتها وقوتها، على رغم أنها البلد الوحيد الذي يعيش فيه أكثر من 4 آلاف طائفة وعرق ومذهب ودين، إلا أنهم اختاروا التعايش على الصراع، وقطعوا الطريق على العدو المتربص بهم.
ما يحدث في العراق اليوم ليس بعيداً عن هذه التصورات، ان بعد الحكومات السابقة التي فشلت في النهوض بالعراق وجعله من البلدان المتقدمة اقتصاديا وصناعيا وزراعيا وأمنيا برغم امتلاك الحكومات السابقة على مدار 12 علما لميزانيات انفجارية كان بها ان تنهض بالمواطن الى المستوى المطلوب ولكن باتت الأحلام بالفشل بسبب حكم الفاشلين وبعد الانتخابات الاخيرة والتغيير الذي حصل في الكابينة الحكومية قلنا بان هناك بصيص امل ان يحكم العراق مجموعة من العقول النيرة لتقوم بتطوير كل المجالات المتوقفة وتحسين حالة المواطن العراقي فكل ما جاء به الناس من رجال لصناعة القرار السياسي والذين يريدون التركيز على القضايا الكبرى للوطن والتنمية والبناء، يأتي العدو الخارجي ليصنع الفتن ويخلق الاحتقان ويبدد الطاقات، ويحول طاقة البناء والتنمية والإعمار والنهوض، إلى طاقة حروب وصراع وجدل واستنزاف وذلك بمعيّة الذين فشلو في إدارة الدولة طول الحقب السابقة واصحاب المصالح الخاصة وبذلك بعد فتوى المرجعية الشيعية بالنجف الأشرف لتحرير الاراضي السنية تيقن العدو بان محاولاتهم لاشعال الفتنة بين السنة والشيعة ستفشل بعد تحرير الاراضي واسترجاع الشيعة لسنة أراضيهم ومنازلهم فقام بحيلة اخرى لخلق صراع عربي شيعي مع الكرد بموقف سني لبعض الذين خانو السنة وباعوا نساء السنة وشرفهم لدواعش الأجانب ولإيزال العقول الاستحمارية تصدق بكلام كبارها وتهرول خلف الهاشمي او مطلك او النجيفي .
العدو لن يفرق بين سني من الأنبار أو شيعي من البصرة ، لن يفرق بين كردي من أربيل أو مسيحي من الموصل ؛ لأنه يريد أن تحصل الفوضى؛ فيتحقق الضعف بالدولة وبالشعب ؛ فتحصل له فرصة التسلل وتحقيق طموحاته السياسية الصرفة، والتي يُستخدم الدين والعاطفة فيها بشكل احترافي ومتقن، والخطاب هنا يكون إلى جميع الطوائف بقصد التجنيد والاصطفاف.
علَّمنا التاريخ أن الحروب الطائفية والدينية حروب مفتوحة تأكل الأخضر واليابس ولا تنتهي؛ لأنها عناقيد حقد وغضب وتأجيج. أما الحروب السياسية فتنتهي على طاولة التفاوض وتقاسم الصلاحيات والمصالح، ولهذا فالحروب الطائفية أو الصراعات القبلية أو العرقية هي خير ورقة يلعب بها عدو أي أمة أو شعب؛ فهي ورقة الاستنزاف والتقسيم والتضعيف وتضييع الثروات والطاقات وعلى عتباتها تنكسر الوحدة التي هي مصدر القوة، وهذا ما لا يريده العدو المتربص.
إن وعينا العميق بأهمية الحكمة والرشد من أهم الأمور، ولاسيما في هذا الوقت، وعلى المؤثرين في كل تيار أن يعووا أنهم يخدمون عدو الأمة والوطن حين يكون خطابهم مليئاً بالتحريض والشتائم والتأجيج، وعلى صانع القرار أن يسن القوانين التي تحمي الوحدة الوطنية، وتمنع العنصرية والطائفية والمناطقية والقبلية، وتوقف حفلة الشتائم وسرادق التحريض، وإلا سنرى ما لا يسرنا في قادم الأيام. |