على امتداد الطرق المؤدية إلى مدينة كربلاء، تصادفك العشرات من اللوحات الملونة التي تزيّن واجهات المواكب وهي صور لشهداء من الحشد الشعبي الملبّين لنداء الجهاد الكفائي.
وتَرَكَ هؤلاء الشباب الذين سقطوا شهداءً في جبهات القتال، الحياة الرغيدة وفضلّوا القتال في حماس لا يعرف حدود الجغرافيا، ومحدّدات الزمن، بعدما أدركوا الخطر الذي يتهدد الوطن.
وفي أحد المواكب تلمح من بعيد صورة كبيرة لشاب في مقتبل العمر، وقد كُتب تحتها اسم الشهيد علاء الموسوي.
وتجبرك هيبة الصورة الى التوقف عندها وقراءة الفاتحة على صورة صاحبها، وهو ابن صاحب موكب "قمر بني هاشم " الذي انشغل باستقبال الزائرين الذي أوضح لـ"المسلة" قائلا : انها صورة ابني علاء، افتخر به، وفي السنة الماضية كان هنا في هذا المكان يخدم زوار ابي عبد الله وها هو يفارقنا بعد أن استجاب لنداء المرجعية ".
وأضاف "استشهد في بيجي قبل شهرين، ولازال أصدقائه يتجمّعون تحت صورته يقرأون له الفاتحة قبل الشروع بالعمل"..
وتابع "أراه في كل لحظة معنا، يخدم الزائرين، وروحه لم تفارق المكان ".
وفي جانب من المكان، قال مواطن عراقي "هؤلاء الشهداء يجعلوني اشعر بالفخر".
وكشفت الأحداث المتلاحقة في جبهة الحرب والسياسة، عن قوة سياسية وعسكرية متنامية، سيُحسب لها أي حساب في الحسابات المحلية والإقليمية على حد سواء وهي القوة المتمثلة في فصائل الحشد الشعبي، التي تستند الى قاعدة شعبية عريضة، ستكون خيارا سياسيا وامنيا مستقبليا للعراقيين.
وكانت المرجعية في النجف الأشرف، وعلى لسان خطيب الجمعة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، أوصت مقاتلي الحشد الشعبي بعدم ترك جبهات القتال لأغراض الزيارة. وقال الكربلائي "بعض المقاتلين يريدون أداء زيارة الأربعينية ويتركون مواقع القتال، ولكن نقول لهم جزاكم الله خيرا أيها المقاتلون يمكنكم زيارة الامام الحسين (ع) من مواقعكم التي تجسدون فيها مبادئ الامام (ع) فأنتم تجمعون بين ثوابه والثواب العظيم والمنزلة الرفيعة في هذا القتال الدفاع عن العراق ومقدساته".
ويصادفك في مداخل المدن وفي الساحات العامة صور العشرات من الشهداء ممّن استشهد وهم يقاتلون داعش.
وفي حديقة كبيرة في مدخل مدينة قضاء الهاشمية (23 كم جنوبي بابل) تتوسط اكثر من 40 صورة ملونة كبيرة الحجم لشهداء لبوا النداء فاطلق عليها اسم "ساحة الشهداء"..
وتجلس احدى النساء تحت احدى الصور، ويلتف حولها عدد من الزائرين وهي تصب الشاي لهم وبين الفينة والأخرى، و تنظر الى الصورة التي تجلس تحتها وتتحدث ببضع كلمات وتعود لتمارس عملها..
وفي صباح بارد قالت " نعم انه ابني البطل حيدر".
وأضافت باللهجة الدارجة "رفع راسي وراس العشيرة حتى أخر لحظاته وهو يعارك بيهم ما خلاهم يأسروه سلمهم بشجاعة وما خوفهه الموت".
وكانت لجان الحشد الشعبي قد تأسست بعد سيطرة عصابات داعش الارهابية على مدينة الموصل ومناطق أخرى في محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك، في العاشر من حزيران 2014، لتعلن المرجعية الدينية خلال خطبة الجمعة في 13 حزيران الماضي، الجهاد الكفائي.
وأعلنت لجنة الحشد الشعبي في العراق، أن عدد المتطوعين في عموم البلاد بلغ مليونين و500 الف متطوع، تتراوح أعمارهم بين (16) و(18) سنة بالإضافة الى مقاتلين كبار في السن (60-70 سنة).
وباتت صور الشباب الشهداء على طول الطريق الى كربلاء والمدن الأخرى، شاهدا على تضحية الإباء والأبناء على نفس الطريق والنهج.
|