يعدّ محي الدين ابن عربي المالكيُّ المذهب وصاحب كتب (فصوص الحكم، الفتوحات المكية وغيرها)، أحد أشهر المتصوفين ولقبه أتباعه وغيرهم من الصوفية "بالشيخ الأكبر" ولذا ينسب إليه الطريقة الأكبرية الصوفية، وقد اشتملت كتاباته أحياناً على لمحات راقية في مضامينها إلى درجة تثير الإعجاب، ولكنه يتضاءل ويسفل في كتاباته أحياناً أخرى، وقد أثرت كتاباته (المنمّقة) كثيراً على المتلقين ومتصفحي كتبه، وقد شاع عنه بأنّه تشيّع ولم يبقَ على المذهب (السني) ولكنّ الكلمة الفصل تقول أنه سني (متعصّب) وسنتعرف على ذلك من خلال صفحة حوار الكتب التي اخترنا فيها كتاب سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي بعنوان (ابن عربي ليسَ بشيعي).
ويقول سماحة السيد العاملي بأنّ "العديد من الناس ممن قصُر باعهم وقل اطلاعهم قد ان الكلام الذي صدر من ابن عربي في مؤلفاته يمثّل خطّ التشيّع ويصب في الاتجاه الصحيح فأخذوا به ولكنه للأسف لا يمثل الإسلام وينافي العقائد الشيعية".
ويتابع حديثه، ان ابن عربي "أودع في كتابيه (فصوص الحكم وفتوحات مكية) فنوناً من الكلام الذي أعجب كثيرين من أهل التصوف من أهل السنة، واجتذب عدداً من العرفاء من الشيعة الإمامية أيضاً، وقد دعتهم هذه الكلمات إلى الاعتقاد بتشيّع هذا الرجل رغم أنه من أهل السُنّة المتعصبين والمكذبين لعظمة أهل البيت (عليهم السلام)".
كما وأن هنالك بعض علماء الشيعة قد ذهبوا إلى تشيّع ابن عربي لنفس السبب وكذلك لذكر بعض فضائل أهل البيت وخاصة في كتابه الأخير (اليقين والمعرفة)، بينما هذا الرجل "سُنيٌ متعصب، ومهتم بتشييد مباني مذهبه، وإثارة الشبهات حول صحة التشيُّع، ويسعى جاهداً لزعزعة مبانيه، وتشويه معالمه" كما يقول العاملي.
ويبيّن العاملي أيضاً بأن ابن عربي قد ذكر في كتابه (المحاضرات) بعضاً من فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وكذلك استخدام الشواهد من الأحاديث والروايات الصادرة عنهم (عليهم السلام) في مؤلفاته فيما أنه في الوقت ذاته يسمي الشيعة بالروافض ويضعهم في الحضيض، حيث أنه يستشهد مثلاً بحديث للإمام الصادق (عليه السلام) حول البدأ بالبسملة في الأعمال وأحاديث أخرى في مواضيع عامة، فيما يقول العاملي: "كيفَ دلت مثل هذه الشواهد على تشيّع هذا الرجل وقد تناول في مواضع أخرى كرهه للشيعة وكذلك تصريحه بالتسنن وعقائد أهل السنة".
كما إن من مفارقات وأخطاء هذا الرجل أنّه قال بنفس قول (الغزالي) بأن "الإمام الحسين (عليه السلام) قد أخطأ بخروجه على إمام زمانه (يزيد بن معاوية) وقد قُتل بسيف جده وأن يزيد الملعون أمير المؤمنين واجب الطاعة فكيف يمكن لهذا الرجل الذي يصدّر مثل هذا الكلام أن يكون شيعياً؟.
وقد اشتهر ابن عربي كما أورد العاملي في كتابه بالكذب، وخاصة من خلال مؤلفاته التي يمتدح فيها نفسه وأن كتبه منزلة عليه من الله تعالى ومن بينها كتاب (الفتوحات المكية) كما وادعى أنه يعلم الغيب ويرى الله جل وعلا في رؤياه وقد تحدث عن ذلك في مواضع كثيرة، حتى وصفه ابن خلدون وابن زرعة العراقي بالكاذب الملحد الذي سيتبوأ مكاناً من النار لكفره وإلحاده وكل هذا يجعل منه محل جدل ولا يمكن أن يكون شيعياً مع عقائده وأفكاره المنحرفة التي تتوافق مع العقائد الشيعية وفكر أهل البيت (عليهم السلام) وتنافي الإسلام كثيراً، فيما أن "سمات التسنن العميق ظاهرة عليه في مختلف المجالات التي تصدى للحديث عنها" كما يلفت إلى ذلك السيد العاملي.
ويورد العاملي في كتابه بعض (افتراءات) هذا الرجل الذي لا يمكن أن يكون شيعياً موالياً لأهل البيت (عليهم السلام)، ومن بينها (اعتماد على وضوء أهل السنة وليس الشيعة وهنالك اختلاف بين المذهبين، وكذلك يدعي في حديث له أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يستمع للغناء في بيته ويأذن للمغنيات أن يدخلن بيته ولمّا أراد أبو بكر نصحه بحسب ادعاءه قال له يجوز ذلك في يوم العيد.
وأخيراً فإنّ ابن عربي قد اعترف في كثير من مؤلفاته بأنّ مذهب أهل السنة هو المذهب الحقّ، فمن يرى أن أهل السنة هم أهل الحق، وكذلك يؤكّد على استحباب الصيام بيوم عاشوراء مثلما فعل بنو أميّة.. لا يكون شيعياً، كما هو معلوم.
|