• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : الوجوب الكفائي وقيم الشهادة .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

الوجوب الكفائي وقيم الشهادة

 العديد من الأساليب الفكرية تدخل بوتقة الصراع، نهوض مفاجئ لفلسفة غريبة تبنتها الوهابية وصدرتها الى العالم عبر الداعشية وسواها؛ لتصبح القيمة الاستشهادية انتحاراً مميتاً مؤذياً لعامة الناس، فيكون المنتحر لعنة أبدية توزع الارهاب، وتحمل الى العالم ترسبات الانغماس بالجريمة بحجة الغلظة التي أوصانا بها الدين في ساحات المواجهة لا في اسواق الناس، ومدارس الأطفال، وسيارات النقل وغيرها من الأماكن التي تحمل طابع التعايش السلمي مع الأحداث.
 وكان لابد من استنهاض الفلسفة الحقيقية لقيم الشهادة قبل أن تُجيَّر لصالح الجرائم الداعشية، فتشوه صورة الدين الحقيقية، وهذا يوضح نوعية فهم المرجعية الدينية المباركة لتقويم هذه المفاهيم بما تحمل من مرجعيات انسانية، ركزتها علوم أئمة اهل البيت (عليهم السلام)، ليكون الارتباط الجذري الرسالي حاضراً مع الناس.
البحث في جوهر التكامل الروحي وعي استنهاضي للقيم التضحوية، هذا هو جوهر الصراع، فكر ارهابي يسعى لزراعة الموت من أجل الموت، وتحويل الحياة الى مدافن، وبين فكر يرى الموت من اجل كرامة الحياة.
 لنقف أمام الارث الحوزوي الباعث للوجوب الكفائي، ونتأمل في آليات المرتكز الفهمي لمحتوى الموت، يقول الامام زين العابدين وسيد الساجدين مولاي علي بن الحسين (عليه السلام): (إلهي عمرني ما دام عمري بذلة في طاعتك)، هذا المفهوم الحياتي الاول والثاني: (فان كان مرتعا للشياطين فاقبضني اليك)؛ كي يكون الموت حرزا يمنعني من أذى نفسي والناس، فمراتع الشياطين مؤذية، ولذلك تبقى الشهادة والتي لم ينلها إلا ذو حظ عظيم، هي السبيل الحقيقي لذروة العطاء.
 لقد استطاعت المرجعية الدينية الشريفة ومن خلال هذا الوجوب الكفائي المبارك ترجمة معنى ابتهاج امير المؤمنين علي (عليه السلام) حين أبلغه النبي (ص) أن مصيره الشهادة.
 الوجوب الكفائي بعث هذا الزهو الشعبي للشهادة، وأعاد الحياة الى الشارع الاسلامي؛ كي لا يجير موضوع الشهادة لصالح الفكر الانتحاري، والفلسفة الشيعية هي وليدة (فزت ورب الكعبة) وهذا يؤكد شرف الانتماء في نهضة الوجوب، الالتحاق بركب الفكر الرسالي الذي هو هوية جميع أئمتنا، أئمة الخير والسلام، قال النبي (ص) وهو يخاطب الحسين (عليه السلام): (لك منزلة عند الله لا تنالها إلا بالشهادة).
استنهض الوجوب الكفائي القيمة الاجتماعية في الدفاع عن الوطن، الأمة، الدين... حاول الاعلام الضال رسم فكرة عامة مغزاها أن الجيش العراقي جيش مرتزق، وحتى الشهادة هي شهادة من أجل لقمة العيش، وبالمقابل حصل الانتحاري على احاطة اعلامية واسعة التضليل، وهو الانتحاري الذي لا يستطيع أن يقدم على فعل قتل نفسه الا حين يفقد عقله بالتخدير؛ لإبعاد الرأس عن ادارة التفكير، فكشف الوجوب الكفائي هذه اللعبة، وأعاد الهيبة الاجتماعية لموقف الاستشهاد العظيم المكانة، فقدم النداء الحشد الشعبي كموقف نهضوي مؤثر ومحرض إنسانياً، وهو من اعظم الدروس الحياتية المهمة.
 الفارق كبير جدا بين انتحاريهم وشهيدنا المقدس، نقل لنا التراث قضية توسل ابي جهل ببلال الحبشي؛ ليسرع في الاجهاز عليه، فهو لا يريد أن يرى (هبل) يُهان؟ هذا هو عناد الجهل الذي يتصورونه كفاحاً..! خلطوا الأوراق على انفسهم فتاهوا.
  الوجوب الكفائي قدم الشهادة عنواناً من عناوين الثراء الروحي، من أجل قيم الدين والوطن، والانسان... فكان هذا الوجوب فرصة لالتحاق الناس بركب المسؤولية، وفهم معنى أن تموت من أجل الآخرين، لا من أجل القضاء عليهم.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=70792
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12