قبل ايام روى لي احد اصدقاء صفحتي على الفيس بوك قصة طفل في الصف الخامس الابتدائي اصيب بشظايا عديدة في احد الانفجارات الاخيرة بينما كان يبيع المناديل الورقية في الشارع ...قال انه نقل الى المستشفى وسأله العاملون في المستشفى عن اهله ليحضروا لاستلامه فقال لهم انه يسكن مع والدته وزوجها وان زوجها اجبره على مغادرة المدرسة هذا العام ليعمل في الشارع وانه يضربه باستمرار ..اتصل العاملون بوالدته وزوجها فانكر الزوج معرفته به ورفض استلامه ومازال الطفل ينتظر عطف والدة وصفها بالخاضعة لزوجها بسبب ظروف فقرها وحاجتها له وقد فضلت الصمت والرضى بالحكم الجائر لزوجها على انقاذ ولدها اما الزوج فلايمتلك شيئا من العطف ولاالرحمة كما يبدو ...
وبعد ايام ، ستقيم هيئة رعاية الطفولة مؤتمرا للدفاع عن حقوق الطفل العراقي وستقام احتفالية بالمناسبة يشارك بها اطفال عراقيون مكفوفون سينشدون واطفال سيمثلون ليستنهضوا همم المسؤولين بالدفاع عن حقوقهم فهل ستحرك فعاليات الاطفال احاسيسهم ولم يحركها يوما بكاء طفل جائع اجبرته اطماعهم ومؤامراتهم السياسية على النزوح والعيش في خيام متهرئة يرتجف سكانها من البرد والمطر ، او صراخ اطفال مرتعبين من انفجار او هجوم داعشي او مداهمة من ميليشيا او قوات حكومية ، ولم يفكر احدهم بشكل جدي في انتشال الاطفال المتسربين من المدارس من فقرهم وعوزهم وتوفير قوت عيش شريف لهم ليعودوا الى مدارسهم ...
يعمل المسؤولون في بلدي على ممارسة لعبة الجري حول الكراسي ثم محاولة الالتصاق بأول كرسي حين تبدأ اللعبة ومن يفوز بآخر كرسي فسوف يزداد به التصاقا ليثبت لهم انه تمكن من الوصول اليه ولن يتركه لهم ، فكل مايهمهم هو التدافع من اجل الفوز بالكرسي ثم المحافظة عليه بينما يحاول المسؤولون في اماكن اخرى ان يثبتوا للعالم كيف عملوا على تطوير بلدانهم وتنشئة اجيالهم الجديدة افضل تنشئة لينافسوا بهم الدول الأخرى وهم يضمنون بذلك رضى شعوبهم وتفوق مكانتهم بين الدول ..لقد فهم الكثيرون هذا الدرس في معظم الدول العربية ودول العالم وهذا حاكم دبي وجه اهتمامه للجيل الجديد والشباب واصبحت الامارات بجهوده وجهود حكامها قبلة انظار العالم وهذا رئيس ماليزيا مهاتير محمد الذي كان يبيع الموز في طفولته ووصل الى كرسي الحكم بكفائته فصب اهتمامه على تعليم الجيل الجديد ومحو اميتهم وتحولت ماليزيا بفضله الى دولة يشارلها بالبنان ، اما حكامنا فلايجيدون سوى لعبة الجري والقتال وترصد بعضهم البعض وخلق الفتن مع اهمال الاطفال وتهميش الشباب وبالتالي فهم يصنعون منهم آلة للقتل وضحية ابدية لتناحرهم الطائفي وحروبهم الخاسرة ..اطفالنا وشبابنا اليوم يدورون في حلقة مفرغة من الحرمان والفقرواليتم واليأس تقودهم الى مغادرة مدارسهم او حمل السلاح او الهجرة او الى الانتحار احيانا لأنهم لايجدون حماية حقيقية لهم ومنهم هذا الطفل الذي جرب اليتم وظلم زوج الأم والحرمان والفقر والعمل المبكر ثم الاصابة في انفجار وهو مازال في العاشرة من عمره فقط ..ماالذي ينتظره بعد الآن .. يد بيضاء رحيمة ومخلصة تمتد له لتنتشله من ضياع مؤكد أم مصير مجهول وبلا ضمانات ..جميعكم تعرفون الاجابة دون شك ؟...
|