عندما يضحي أي فرد أو متصدي سياسي أو اجتماعي من اجل وطنه وشعبه يكون ممدوحا ومحبوبا في آن واحد لا بل وناطقا رسميا بدون تعيين , وبتضحيته يكشف عن حالة وسطوة الظلم الواقع على أمته, المشتت لشملها والملبد لأجوائها بالحزن والخوف , والكابت لحريتها , والعاشق لمسيرتها من التقدم والسؤدد, ويكتب اسم هذا المتصدي في عناوين الجهاد والتحدي والرجال المحسوبين على النضال في وقت قل فيه الناصر وقائل كلمة الحق وفاضح الدكتاتورية والاستبداد. إن وقوف هذا المقدام وأمثاله يشكل اصطفافا وطنيا أصيلا بعيدا عن المذهبية والعنصرية لأنه يتجاوز التقسيمات الدينية والعرقية بل يتحدى المؤامرات المفروضة على الناس والتي هدفها تفريقهم وتمزيق وحدتهم ,وهذا الأمر أو العمل الجهادي مفروض وواجب بالأصل على كل مواطن شريف يشعر بظلامة أبناء أمته ويعتبر أداءه ردا جميلا للوطن الحاضن والمربي لنا الذي ننعم في ربوعه وفيافيه ونأكل من خيراته وأثماره.فالوطن كالشجرة العالية الباسقة في الصحراء الواسعة القاحلة المجدبة حيث لا مفر من الطير فيها إلا اللجوء إليها ليستظل بظلها ويامن بوجودها , ويبقى الإنسان المؤمن الأصيل مدافعا عن وطنه وأمته كواجب أولي وبديهي عليه,ولكن قد يحدث اختلال في الطريق فتتضارب مصالح البعض من العاملين الوطنيين فيصاب قسم منهم في النكوص والتراجع والتخلي عن المواقف السليمة والصحيحة , وبدوافع غير متزنة لا تنم عن سلامة نية وخلوصها , كما يحلو للبعض اليوم ممن وقف بوجه البعثيين سابقا فاضطهدوه وحاربوه وسجنوه حتى أوصلوه إلى منصة الإعدام ونجا منها بأعجوبة أو حظ , يأتي اليوم يتباكى عليهم ويضع مقاييس خاطئة لا تصمد أمام المناقشات الصحيحة , إن أصحاب مثل هكذا تصريحات يريدون أن يخففوا عن البعثيين أو يبنوا عليهم آمالا في المستقبل لكسب مواقفهم الرذيلة الخائنة المريبة المهزوزة أو ربما يريدون خلط الأوراق السياسية ليضيعوا فرصة القصاص العادل بحق هؤلاء المجرمين .نقولها وبصراحة وبأعلى أصواتنا لا يمكن لتقادم الزمن من إلغاء حقوق المظلومين والمغدورين والمغيبين وضحايا الأنفال وحلبجة والمقابر الجماعية في الشمال والوسط والجنوب, إن ما نعانيه منذ أكثر من أربعين عام وحتى اليوم من كوارث وبلاءات وتحطيم للبنى التحتية للبلاد وإشاعة الخراب والموت وانتشار الفقر والجهل سببه بلا أي مراء أو مداهنة هو الزمرة العفلقية الباغية , وكل الأجيال المعاصرة المنكوبة لا تعرف غير هذا حتى وان حاول العض تحويل الأنظار عنها أو تحايل زورا من اجلها , ولذا يجب على السياسي الحصيف ألا يقلب الموازين الشرعية والقانونية ولا يسبح ضد التيار فالرياح اليوم تجري بما لا تشتهي السفن , حيث ذهب زمن المجاملات والتخادم غير النظيف والضحك على الذقون ثم إن الأمور التي يجب أن يلتفت إليها السياسي المتزن ألا تغلب مصالحه على مقتضيات عقله وان لا تكون مواقفه كالأنواء الجوية الغير مستقرة , وعليه عدم التفريط بخلفياته الجهادية المحسوبة ومواقفه المشرفة التي وقف فيها مع الشعب في يوم من اجل تحقيق آماله وأحلامه وشارك شعبه في مشاعره وآلامه , وعليه أن لا يطلق تصريحات واهية وضعيفة . إننا في الوقت الذي نكتب فيه هذا والألم يعصر قلوبنا ننصح ونرشد ونطلب من بعض الشخصيات المحترمة بان لا تنجر وراء أي دوافع أو دعاية أو إعلام مضلل فتسئ إلى نفسها وتشوه صورتها بدفاعها عن الحزب العفلقي المنحوس وأتباعه التكفيريين القتلة التي شهدت على إجرامهم أربعة عقود متتالية من الزمن, ونقول أخيرا إن الأمور تحسب بخواتيمها.
|