• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الحسين في ديوان العرب (12) .
                          • الكاتب : ادريس هاني .

الحسين في ديوان العرب (12)

 يستمر جدول الرثاء جريانا..والحسين أيقونة حزن لا تنقضي روايته..والمحاجر تتجدّد خصوبة عند كلّ استدعاء شعري للمصيبة..مع شعراء قدامى عاصروا المأساة وهالهم جلال الخطب وسابقتهم الدموع والكلمات..صحابة وتابعون نعوا الحسين نعيا أبكى الغادي والبادي..صناع الكلمة وأرباب اللغة حاضرون..هنا مثلا نجد أن واضع موازين اللغة ونحوها يجود برثاء للحسين..أبو الأسود الدؤلي الذي توفي بالبصرة عام 69ه من شعراء أهل البيت.. عالم فقيه محدث وشاعر ومن فرسان العرب.. نعى الحسين بأبيات حسان بالغة الأثر حين يقول:
أقول لعاذلتي مرةً +++ وكانت على ودّنا قائمه
اذا أنتِ لم تبصري ما أرى +++ فبيني وأنتِ لنا صارمه
ألستِ ترينَ بني هاشم +++ قد افنتهمو الفئة الظالمه
فانت تزينتهم بالهدى +++ بالطف هام بني فاطمه
فلو كنت راسخة في الكتا +++ بالاحزاب خابرة عالمه
علمتِ بأنهّم معشر +++ لهم سبقت لعنة جاثمه
سأجعل نفسي لهم جنةً +++ فلا تكثري لي من اللائمه
أُرجيّ بذلك حوض الرّسو +++ ل والفوز والنّعمة الدّائمه
لتهلكَ إن هلكتْ بّرةً +++ وتخلص إن خلصت غانمه
يحرّض أبو الأسود الدؤلي على نعي الحسين..ويعتبر ذلك فوزا في الدين ونجاة.. وطهارة من الأوزار ومغفرة من الذنوب ونشدانا للتقى..
يا ناعي الدين الذي ينعى التقى +++ قم فانعه والبيت ذا الاستارِ
أبني علىٍ آل بيت محمد +++ بالطّف تقتلهم جفاة نزارِ
سبحان ذا العرش العليَّ مكانه +++ أنى يكأبره ذووا الاوزار
كان يوم استشهد الإمام الحسين في سنّ متقدّمة..شيخا طاعنا في السّن ولكنّه لم يأل جهد للتعبير عن موقف حاسم من القوم الذين فطعوا جسد الحسين ليستأثروا بالسلطة والنفوذ..يدعوا على بقية ابن زياد:
أقول وذاك من جزع ووجد +++ أزال الله ملك بني زياد
وأبعدهم بما غدروا وخانوا +++ كما بعدت ثمود وقوم عاد
ولا رجعت ركائبهم اليهم +++ الى يوم القيامة والتناد
أبو الأسود الدؤلي من كبار أصحاب الإمام عليّ..وشارك معه في حروبه وأخلص له في الصحبة..وها هو يرى الابن يلقى مصرعه في حرب هي امتداد لكل حروب علي مع القوم الظالمين..لأبي الأسود الدؤلي نعي في الإمام علي يظهر مدى ولائه الشديد..ويستمر الولاء وهو يحرض أبناءه ويوصيهم بأن يذودوا عن آل البيت بقوة وشكيمة..
أبني ( قشيرٍ ) إنني ادعوكمو +++ للحق قبل ضلالة وخسار
كونوا لهم جنناً وذودوا عنهمو+++ أشياعَ كل منافق جبار
وتقدموا في سهمكم من هاشم +++ خير البرية في كتاب الباري
بهمو اهتديتم فاكفروا إن شئتمو +++ وهمو الخيار وهم بنو الاخيار
الحسين أبكى النحاة ونحوهم..الشعراء وشعرهم..أهل الصنائع وغيرهم..هو قائد المعذبين في الأرض فكيف لا يبكيه من كان في قلبه ذرّة من أنسنة..فالحزن على الحسين مذ ذاك العهد غدا صناعة..لأنّه بات من ثوابت الزمان القدسي وعوائد الأيّام.. بات الحسين منظومة حزن قائمة بذاتها..جدول من دموع تتدفّق عبر الزمان والمكان..كل حزن لا يوزن بحزن الحسين هو كشعر غير مقفّى ولا موزون.. أو قصيدة من دون شعر..فعلى أمثال الحسين يبكي أمثال أبي الأسود الدؤلي...في رحلة ولاء عبر عليّ وبنيه.....
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=69792
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13