• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أعمار الإقتدار!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

أعمار الإقتدار!!


لكل قوة عُمُر يعاكسها بالمقدار ويُعاجلها بالإندثار!!
وتلك حقيقة التواجد الأرضي المحكوم بإرادة الدوران , والخاضع للتجاذب ما بين أجرامٍ وأجرام , ولن تحيد عن سلطته الحالات المتحركة للأمام , فكل موجودٍ خطّاء , وبهذا يلد ما يلغيه ويأتي بضده , ويمنعه من المكوث في أوعية السرمد.
فالدوران يعني الغثيان , وهذا يتسبب بقرارات وخطوات غير منضبطة تلد ما يقبضها ويؤالفها ويدحوها في حركة أخرى ذات حسبان , فتتنامى مفرداتها وتتخلق معادلاتها وتستضيف مساعداتها وظروفها المناسبة لتسارعها وتأججها حتى الغليان , فتفقد ما فيها وتعود إلى مبتدأ المكان , وجوهر الكيان , فتكون قد إستهلكت طاقات ما فيها , وتبادلت الأدوار مع غيرها.
ووفقا لذلك فأن القِوى الأرضية لن تتواصل على حالها , وإنما ستخضع لهذا القانون الحتمي المتحكم بما فوق الأرض من صيرورات , فالكبير سيصغر والقوي سيضعف والعكس صحيح , لأن الدوران يفرض آلياته ويحقق غاياته , ولا مَحيد من قبضته وفحواه.
فكل شيئ يدور والدائر دوّار ويخور , وفي مضطرب الخوران تلتهمه أفواه تدور , لتلد منه ما يريد أن يدور , فكأننا في بودقة إعادة التصنيع الأبدي المتجدد المتقد تحت نار حامية , والمتقلب بقوة طاغية ذات عنفوان يزيد.
وحسبُ الإدراك أن يفتح بوابة وعي ترينا شيئا من أفق الوجود وباناروما النزول والصعود , وآليات اللهيب الخَمود , وما هو إلا في محطات إنتظار الوعود.
ففي ماضينا ركام قوى وقدرات وأشهاد غابرات , وفي حاضرنا كيانات تتنامى وأخرى تتهاوى , وقوى تريد ذروتها وغيرها تتمرغ بقاعها , وسفوح تتحرك عليها النازلات والصاعدات , فما بعد القمم إلا النزول , و"ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع".
ويبدو أن النصف الأول من القرن الحادي والعشرين سيشهد متغيرات متنوعة للتعبير عن هذا القانون الأزلي القابض على مصير الأرض وما عليها , ومن الواضح أن خرائط السلوك وأنظمة التسلط والإقتدار ستكتسب عناصر جديدة تتسبب بتفاعلات ونتائج تختلف تماما عما جرى في القرن العشرين , فلكل قرن مايميزه من العناصر الداخلة في معادلات التفاعل الأرضي الصاخب.
ومن مخاطر ما سيتحقق فيه أن المنطقة العربية ستكون في أضعف أحوالها وأقسى مراحلها التأريخية , التي ستحيلها إلى وجود لا يمت بصلة إلى جوهرها وما فيها من طاقات حضارية , إذ بدأ الإنقضاض عليها بشراسة غير معهودة , ونهج المحق الحضاري والهوياتي يتحرك بعنفوان عجيب , وإستسلام ورضوخ غريب , وكأن الوجود العربي الحضاري والجغرافي والوطني والتأريخي والثقافي في منحدرات إنتحارية , متسارعة الإنزلاق إلى قيعان النسيان والغياب البعيد.
فهل سنرى أم سنستيقظ بعد فوات الأوان وموت الروح والعقل والإنسان , وحين كل تميمةٍ لا تنفع؟!
د-صادق السامرائي



 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=69557
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12