كانت جائزة نوبل للأدب للعام 2015 من نصيب الكاتبة البيلاروسية(من بيلاروس-أي روسيا البيضاء) سفتلانا ألكسيفتش. فمن هي؟
سفتلانا ألكسيفيتش صحفية وكاتبة من روسيا البيضاء ولدت في 31 مايس 1948 في بلدة أيفانو- فرانكيفيسك في مدينة ستانسلافيا الواقعة في غرب أوكرانيا من أب من روسيا البيضاء وأم أوكرانية. نشأت وترعرعت في روسيا البيضاء. وتخرجت من كلية الصحافة في جامعة منسك عام1972. وبعد إنهائها الدراسة عملت مراسلة لعدة صحف محلية. وأصبحت مراسلة لمجلة نيمان Nemanالأدبية في منسكMinsk عام 1976. وتابعت سيرتها في الصحافة وسرد القصص المعتمدة على مقابلات مع شهود العيان للأحداث الأكثر إثارة في البلد مثل الحرب العالمية الثانية والحرب السوفييتية-الأفغانية وانهيار الاتحاد السوفييتي وكارثة تشيرنوبل. وبعد أن قام نظام لوكاشينكو بمضايقتها، غادرت روسيا البيضاء عام 2000. وقد وفرت لها شبكة المدن العالمية للجوء The International Cities of Refuge Network ملاذا. وخلال العقد اللاحق عاشت في باريس وكوتنبرك وبرلين. وفي 2011 عادت الى منسك.
أعمالها الأدبية
توصف رواياتها على أنها توثيق أدبي لأحداث التاريخ الانفعالي للفرد وفق تسلسلها الزمني في الحقبتين السوفييتية وما بعدها، مروية بوسيلة المقابلات متعددة المشاهد المعدة بعناية. وطبقا لما يقوله الكاتب والناقد الروسي ديمتري Dimitry Bykov فإن رواياتها مدينة بالكثير لأفكار الكاتب البيلاروسي أليس آداموفيتش Ales Adamovich الذي كان يصر على أن الطريقة الوحيدة لوصف الرعب في القرن العشرين لا تتم من خلال الأدب التخيلي وإنما من خلال توثيق شهادات شهود العيان. فقد اعتبر آداموفيتش الشاعر البيلاروسي يولادزيمير نياكلاييو Uladzimir Nyaklyayew على أنه "عرابها الأدبي". كما أنه اعتبر روايتها الوثائقية(أنا من القرية المحروقة I 'm from the Burned Village)، التي تدور أحداثها حول القرى التي أحرقتها القوات النازية خلال احتلالها لروسيا البيضاء، الكتاب الرئيس الوحيد الذي أثر على موقف أليكسيفيتش من الأدب. وقد اعترفت ألكسيفيتش بأثر آداموفيتش عليها، وأضافت أنه من بين آخرين كان الكاتب البيلاروسي فاسيل بيكاو Vasil Byakau مصدرا آخر من مصادر ذلك التأثير. وتشتمل أهم رواياتها المترجمة الى الانكليزية على مجموعة من رواياتها منها (صبية من الزنك: أصوات سوفييتية من حرب منسية Zinky Boys: Soviet Voices from a Forgotten War)
وهي نظرة جريئة إلى حرب الاتحاد السوفييتي في أفغانستان (1979–1989)، ويذكرنا العنوان بما كان يقوم به الجيش من شحن القتلى الى مدنهم في توابيت من الزنك. ثم تقارن بين حرب أفغانستان والحرب الفيتنامية، إذ يُقتل شباب القوتين العظميين في حربين لا ناقة لهم بها ولا جمل. فلم ينتصر لا الأمريكان ولا الروس إلا في تقديم سادية تبز سادية أعدائهم. أما الجرحى فقد عادوا الى أوطانهم بجروحهم الجسدية والمعنوية. فقد قال أحد الجنود لأكسيفيتش" كنا نعتقد أننا هناك للدفاع عن وطننا."
وتصف ألكسيفتش ثيمة أعمالها بهذه الطريقة:
لو عاد المرء الى الوراء وألقى نظرة على مجمل تاريخنا، في الحقبة السوفيتية والحقبة التي تلتها، فسيجد أنه كان هلاكا هائلا عاما وطريقا دمويا خطيرا، فثمة حوار دائم بين الجلادين والضحايا. فالسؤالان الروسيان البغيضان هما: ماذا يجب فعله؟ ومن الملوم؟ فيجد الثورة ومعسكرات الاعتقال(سجون للمنشقين السياسيين-مخيمات العمالة الإجبارية gulags) والحرب العالمية الثانية والحرب السوفيتية-الأفغانية المخفية عن الشعب وانهيار الإمبراطورية العظمى وسقوط البلد الاشتراكي العملاق-الأرض المثالية- والتي أصبحت تحديا ذا أبعاد كونية- أي في تشيرنوبل. وكان هذا تحديا لكل ما هو حي على وجه الأرض. كان ذلك تاريخنا. وهذه هي ثيمة رواياتي وهذا هو طريقي ودوائري الجهنمية، المتنقلة من إنسان الى آخر.
ظهرت روايتها الأولى (وجه الحرب غير النسائي War's Unwomanly Face)عام 1985. وترتكز على حوارات موحية بالخسارة أجرتها الكاتبة مع مئات النساء المشاركات في الجبهة في الحرب العالمية الثانية لقتال ألمانيا النازية، ويقدر عددهن بمليون امرأة.
وأعيدت طباعتها مرات وحققت مبيعاتها أكثر من مليوني نسخة. وقد تمت الرواية عام 1983 وطبعت في طبعة قصيرة في أوكتيابرOktyabar، وهي مجلة شهرية سوفييتية مشهورة، في شباط 1984. طبعها الكتاب عدة ناشرين عام 1985، ووصل عدد نسخها المطبوعة خلال الأعوام الخمس اللاحقة أكثر من مليوني نسخة. وتتألف الرواية من مونولوجات(حوارات أحادية) نسائية جرت خلال الحرب تتحدث عما اتصفت به الحرب العالمية الثانية من مواصفات لم تحدث فيما كان قبلها من حروب.
أما روايتها الأخرى (الشاهد الأخير: The Last Witnesses: the Book of Unchildlike Stories, فتورد فيه ذكريات شخصية للأطفال خلال زمن الحرب. فرؤية الحرب بعيون النساء والأطفال تكشف عن عالم من المشاعر جديد بالكامل. وفي عام 1993 نشرت روايتها(مسحور بالموت Enchanted with Death) فتتناول فيها محاولات انتحار حقيقية أعقبت انهيار الإتحاد السوفيتي. فلم يستطع كثير من الناس التخلي عن الفكر الشيوعي أو التأقلم مع الواقع الجديد.
لم تنشر رواياتها دور النشر في روسيا البيضاء التي تمتلكها الدولة بعد 1993، في حين نشر ناشرون من القطاع الخاص في روسيا البيضاء روايتين من رواياتها فقط هما ( Voices from Chernobyl 1999 عام 1999 و Second-hand Time) وقت مستعمل) عام 2013، وكلاهما ترجمتا في روسيا البيضاء. ونتيجة ذلك أصبحت ألكسيفتش معروفة أكثر في بقية أنحاء العالم غير روسيا البيضاء. وقد وصفت مؤخرا على أنها أول صحفية تنال جائزة نوبل للأدب. وتبلغ قيمة الجائزة نحو 972 ألف دولار.
الجوائز والأوسمة
نالت ألكسيفيتش عدة جوائز عالمية من ضمنها:
-جائزة القلم السويديTucholsky-Preis عام 1996
-جائزة أندري سنيافسكي عام 1997
-جائزة Leipziger Book Prize للتفاهم الأوروبي عام 1998
-جائزةFriedrich-Ebert-Stiftung-Preis 1998
-جائزةHerder Prize عام 1999
-جائزةNational Book Critics Circle Award عام 2005 عن روايتها Voices from Chernobyl
-جائزةOxfam Novib|PEN Award عام 2007
-جائزة, Ryszard Kapuścińskiالبولندية للتحقيقات الصحفية عام 2011
-جائزة السلام لتجارة الكتاب الألمانية عام 2013
-جائزةPrix Medicis essai عام 2013
-ألكسيفيتش عضو في اللجنة الاستشارية Lettre Ulysses Award
-جائزة نوبل للآدابThe Nobel Prize in Literature عام 2015 : فقد أعلنت الأكاديمية السويدية لجائزة نوبل للآداب يوم الخميس 8 أكتوبر 2015 فوزها بجائزة نوبل للآداب، وهي أول بيلاروسية تمنح جائزة نوبل للآداب. وقد كوفئت "على أعمالها المتعددة الأصوات التي تفند معاناة عصرنا".
وقالت ساره دانيوس الأمينة العامة الدائمة للأكاديمية السويدية "إنها كاتبة كبيرة طرقت دروبا أدبية جديدة". وقالت أيضاً: "في السنوات الثلاثين أو الأربعين الأخيرة أجرت مسحا للإنسان خلال المرحلة السوفياتية وما بعد هذه المرحلة. لكن الأمر لا يتعلق بأحداث بل بمشاعر".
وتضيف دانيوس حول أعمال أليكسيفيتش وحصولها على هذه الجائزة العريقة:
“ما قامت به يعد إنجازا غير عادي، على مدى السنوات الأربعين الماضية كانت تعمل على استكشاف روح الفرد في العهد السوفياتي وما بعده. يمكن أن يكون ذلك كافيا لحصولها على الجائزة ولكن في مقدمة هذا لقد وضعت عملا أدبيا جديدا تماما، يتجاوز الأشكال الصحفية التقليدية”.
اليكسيفيتش في السابعة والستين من العمر وهي المرأة الرابعة عشرة التي تفوز بهذه الجائزة الرفيعة منذ عام 1901.قالت حول منحها الجائزة:إنها ليست مجرد جائزة بالنسبة لي ولكنها جائزة لثقافتنا لبلدنا الصغير الذي كان في كل الأوقات وعبر التاريخ وأيضا الآن كان قد عاصر أوقات عصيبة وضغوطات من جميع الجهات. ..
.
ترجمة وإعداد
|