(1)
تقريرحول إحياء أتباع أهل البيت لذكرى عاشوراء فى بلادنا وحول العالم
احمد علي الشمر:
مع أول أيام السنة الهجرية المجيدة ومع بزوغ طالع أول يوم من أيام عاشوراء، يحتفل شيعة وأتباع أهل البيت سلام الله عليهم، فى مختلف أصقاع المعمورة، بإحياء ذكرى إستشهاد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام، مع ثلة كريمة بررة من أهله وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين..
وفى هذه المناسبة الحزينة تكتسي المدن والقرى والأرياف فى كل مكان بالمشاهد المجللة بالسواد، حزنا وحدادا بعزاء سيد شباب أهل الجنة عليه السلام، حيث يعم ويخيم الحزن ويعتصرالألم، قلوب أتباع أهل البيت، بهذا المصاب الجلل.
وفى سياق هذا المشهد الحزين تكتمل الصورة بمشاهد تلك الجموع الغفيرة لعشرات بل ولمئات الألوف من البشر، وهى تتقاطركالسيل والمطرالمنهمروافدة من كل حدب وصوب، إلى أماكن الإحتفالات والمراكزوالحسينيات التى يقام فيها إحياء وإقامة هذه الذكرى الأليمة، أينما وجد أتباع أهل البيت فى مختلف أنحاء العالم.
وتشمل مناشط الإحتفالات والبرامج التى يتم إحيائها فى هذه المناسبة، إقامة فعاليات ملحمية وأعمال مكثفة، تجسدها نشاطات المواكب العزائية والأناشاييد والأدعية والإبتهالات والمراثي الحسينية، والكثيرمن الأعمال الخيرية والتطوعية، بجانب إقامة المضايف وانتشارموائد الأطعمة، وإلى غيرذلك مما يتجسد فى الكثيرمن الفعاليات المختلفة التى تصب فى مجال خدمة أهل البيت وإحياء ذكرى موالدهم ووفياتهم، وسواء كان هذا فى محرم الحرام أوفى غيره أيضا من المناسبات الأخرى المختلفة التى تقام فى سائرأيام السنة.
إحياء ذكرى عاشوراء الحسين ع فى محافظة القطيف
وفى بلادنا العزيزة وتشمل منطقة محافظة القطيف ونواحيها وبعض المناطق الأخرى التى يتواجد بها أتباع أهل البيت، تشاهد الصورالملحمية التى تنقل المشاهد الزاخرة بمختلف الفعاليات العشورائية للإحتفاء بهذه المناسبة الجليلة.
ومن بين أبرزوأهم الفعاليات التى يقيمها أتباع أهل البيت عليهم السلام فى هذه البلاد كما فى مختلف أنحاء العالم، لإحياء ذكرى إستشهاد الإمام الحسين عليه السلام في شهرعشوراء محرم الحزين، يتهيئ ويستعد الكثيرون بلبس السواد كما تعلق الشعارات والرايات السوداء فى أماكن العزاء، فتشهد مختلف المدن والقرى حضورا مكثفا بتلك المظاهرالإستثنائية، التى يخرج خلالها الألوف من الموالين من مختلف مدنهم وقراهم إلى الحسينيات والمجالس ومراكزالعزاء الحسينية، للإحتفاء وإحياء هذه الذكرى الحزينة، باستشهاد الإمام الحسين بن علي عليه السلام.
تركيزالفعاليات العاشورائية على ذكرى إحياء إستشهاد الإمام الحسين ع
وتتركزمعظم وأبرزفعاليات هذه الأنشطة العاشورائية على ذكرى إحياء إستشهاد الإمام الحسين عليه السلام، وكذلك على الكثيرمن المناشط والفعاليات الدينية المتنوعة بهذه المناسبة، تأتي فى مقدمتها المحاضرات المكثفة واحتفالات التأبين والعزاء وإقامة الندوات التى تقدم فيها البحوث والدراسات القيمة، لاستشهاد الإمام الحسين عليه السلام، وقراءة سيرأهل البيت العطرة ورواياتهم وأحاديثهم ومواقفهم وتراثهم العريق بصورة شاملة.
وتحتضن الحسينيات والمراكزوالمجالس الحسينية المنتشرة فى مدن وقرى المحافظة، هذه الفعاليات وأنشطتها المختلفة لإحياء هذه الذكرى، بمشاركة واسعة وحضورمكثف للجموع الغفيرة من محبي وموالى أهل البيت الذين يهبون من مختلف أرجاء المنطقة.
ومن المعلوم أن المحاضرات الحسينية تعتبر بحق، مدارس قائمة بذاتها للعلوم والفكرالإسلامي الأصيل لمدرسة أهل البيت عليهم السلام، حيث كان لها الفضل بعد الله، الأثرالكبيرفى التوعية والتثقيف وتربية الأجيال وانفتاحها على الفكر الديني الإسلامي، لمنهج ومدرسة أهل البيت منذ الرعيل الأول من الأجيال التى سبقتنا، ومازالت كذلك إلى يومنا تؤدي رسالتها كمناهل علمية لهذه المدرسة تتربى وتتعلم من خلالها الأجيال الطالعة، علوم وفكروسلوك ونهج رسولنا الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام، سلام الله عليهم أجمعين.
المجالس الحسينية فى مدينة سيهات
وفى سيهات يتعمق كذلك الفكرالإسلامي لمدرسة أهل البيت عليهم السلام من خلال الكثيرمن الحسينيات والمجالس الحسينية، التى حرص الأهالى على تأسيسها وإنشائها منذ حقبة طويل من تاريخ سيهات ذاتها، والتى إنتشرت فى مختلف أحيائها ومناطقها، ففي هذه المراكزالحسينية تقام بها مختلف المناسبات المتعددة لكل مايتعلق بسيروروايات وحياة أهل البيت عليهم السلام وإحياء ذكرى موالدهم ووفياتهم، كما تشهد هذه المراكزالحسينية فى عاشوراء ومنذ اليوم الأول، الإحتفاء بإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بحضورجموع كبيرة، تفد إليها من جميع أحيائها ومناطقها، وكذلك من خارجها من القرى والمدن المجاورة.
ففي إطارهذه المراكزوالمجالس الحسينية تكثف فيها إقامة فعاليات المحاضرات ، وسواء كان ذلك فى عاشوراء أوفى المناسبات المختلفة، وكانت مدينة سيهات ولازالت كواحدة من مدن محافظة القطيف العريقة السباقة والرائدة فى إقامة هذه الحسينيات المنتشرة فى جميع أحيائها ومناطقها منذ عشرات السنين، وما حفلت وتحفل به من فعاليات مختلفة تتجسد جميعها فى تقديم المحاضرات الإسلامية المتنوعة التى تقدمها فى ميدان بحوث وعلوم أهل البيت وإحياء ذكرى موالدهم ووفياتهم، بجانب ماتقدمه كذلك من العلوم والدروس والبحوث التى تتناول جوانب متنوعة لحياة ومواقف وسيرأهل البيت عليهم السلام.
تقريرتوثيقي لتاريخ حافل لمجهودات مجلس المطوع لخدمة أهل البيت ع
يعتبرالمرحوم الوجيه الحاج عبدالله حسين المطوع تغمده الله برحمته الواسعة، كرائد من رواد الرعيل الأول، فى تأسيس وإقامة المجالس الحسينية فى مدينة سيهات منذ عشرات السنين، لإحياء ذكرى أهل البيت عليهم السلام، سواء فى شهرمحرم أوفى المناسبات المختلفة، وبعد وفاته رحمه الله إستمرالمجلس وأخذ أبنائه على عاتقهم دورهم فى مواصلة مسيرته الريادية إلى هذا اليوم، كأمانة يؤدونها ويتشرفون بها على أكمل وجه، لخدمة أهل البيت ومحبيهم.
وفى مجلس المطوع الحسيني الذى هيئ تهيئة مناسبة لإقامة مناسبات أهل البيت عليهم السلام، عرف أهالي سيهات وكذلك القادمون إليه من مختلف أرجاء المدن والقرى المجاورة، هذا المجلس منذ سنوات بعيدة، كما عرفوا مدى الإهتمام الذى كان يوليه الراحل المرحوم الحاج عبدالله المطوع، ومن ثم من بعده ابنائه وعائلة المطوع بصفة عامة، وما بذل ويبذل من الجهد الكبيروالمضني من أجل المثابرة على إستمرارآداء رسالة المجلس فى خدمة أهل البيت وإحياء ذكراهم ومناسباتهم.
ومن أهم وأبرزالفعاليات التى يقدمها المجلس منذ حياة الراحل وإلى اليوم فعاليات المحاضرات الحسينية القيمة، التى كان الحاج عبد الله رحمه الله ومنذ إفتتاح لمجلس قد دأب على العناية بها، كما كان يوليها حرصه وإهتمامه بها للنهوض بالمجتمع الحسيني، فكريا ودينيا، بجانب تطويرالخطاب الحسيني ذاته من نمطه التقليدي القديم المتعارف عليه، إلى آفاق ومستويات رحبة تواكب تطورومعطيات النهضة العلمية والفكرية والثقافية، التى بدأت تعم وتنتشرفى العالم العربي منذ ذلك الوقت، وما إلى ذلك من التأثيرالإيجابي على إنتشارخط أهل البيت، ليس فى البلدان العربية والإسلامية فحسب، وإنما فى مختلف أنحاء العالم.
فكانت مجهودات الحاج عبدالله المطوع فى هذا الإطار، هوتعزيزه ودعمه المستمرللخطاب الحسيني للخروج به من بوتقته القديمه، إلى آفاق الخطاب الشامل والأرحب الذى، يعنى بجانب العلوم الدينية وعلوم أهل البيت، بكافة العلوم الفكرية والإنسانية والحضارية، فكان سعيه للإهتمام بهذا الجانب هوعبرقيامه بإستقدام النخبة البارزة من الخطباء والمحاضرين والعلماء الأكفاء، سواء من الداخل أوالخارج.
فكان هذا الإهتمام ولايزال، هومحل عناية وتقديروشكرجميع أهالي سيهات والقطيف والأحساء وغيرهم، ممن كانوا ولازالوا يفدون ويقبلون على هذا المجلس بكثافة منقطعة النظير، لحضورتلك المحاضرات القيمة والإستماع فيها إلى كبارالعلماء والخطباء المتميزون الذين أصبح لهم شهرة وشعبية كبيرة فى سيهات والقطيف والأحساء وأغلب المدن المجاورة.
فيلم(حب الحسين..سلوك) إنجازآخرلفعاليات التوعية من مجلس المطوع
وفى إطارجهود وإهتمامات المجلس وأنشطته المختلفة أيضا، لمواصلة نهجه فى آداء رسالته الحسينية، لنشرالتوعية العامة بجانب التوعية بفكروثقافة وقيم ومحبة اهل البيت عليهم السلام.
قامت إدارة المجلس فى نطاق هذه الفعاليات المتنوعة، وخصوصا فى مجال وجوانب التوعية التثقيفية للمواطنين، قامت إدارة المجلس بمفاجأة محبي أهل البيت فى أول أيام محرم الحرام لهذا العام، بحدث جميل هوإنتاجها لفيلم ديني توعوي قصيرعنوانه(حب الحسين..سلوك) والذى إنتهى من إنتاجه مؤخرا، وشارك بالعمل فيه تمثيلا وإخراجا نخبة من فناني سيهات والقطيف.
وقد تم إهدائه نسخ منه لبعض قنوات التواصل، التى رحبت بهذا الإنجازالجميل، والذى يضاف لمجمل فعاليات وأنشطة مجلس المطوع الدينية والثقافية.
أما مضمون هدف الفيلم ومعالجاته، فتتناول مجال التوعية ببعض الممارسات والسلوكيات السلبية فى المجتمع.
ويقدم الفيلم رسالة واضحة للمجتمع، خصوصا فى مجال التوعية والتثقيف بالنواحي التنظيمية والسلوكية والإلتزام باحترام القيم الدينية والأخلاقية فى جانب التعامل مع الآخرين، وتسليط الضوء على بعض الممارسات والسلوكيات السلبية، وتحديدا على مستوى دائرة ومحيط المجتمع المحلي، خلال إحياء شهادة الإمام الحسين فى شهر محرم، فيعالج الفيلم فى هذا الإطار، ظاهرة المخالفات والتجاوزات المرورية والتنظيمية من قبل بعض الأفراد، والتى تسهم فى زيادة الإزدحامات والإختناقات المرورية الناتجة من بعض أصحاب المركبات، وعدم مراعاتهم وإحترامهم لقدسية هذه المناسبة.
ويعرض الفيلم فى نطاق ذلك نموذجا واقعيا للإنسان السلبي المستهتر، مجسدا بعض من تلك السلوكيات والممارسات والصورالسلبية، ممثلا بأحد أفراد المجتمع، حين يصرعلى إيقاف مركبته بالقرب من الحسينية التى يريد الذهاب إليها، حتى ولوكان ذلك على حساب الغيروبطريقة مخالفة للأنظمة، وحتى لو دعى ذلك أيضا لسد وإغلاق الطريق على الغيرمن أصحاب المركبات، وضاربا بعرض الجدارلكل الأعراف الإجتماعية والأنظمة والقوانين المرورية..!!
وضمن التجاوزات السلوكية الصارخة أيضا لمثل بعض تلك المواقف السلبية، تنقل أحداث الفيلم كذلك مظاهرأخرى، تبين مدى إستخفاف واستهتارمثل هذه النماذج، بكل مايتصل بالمثل والقيم الدينية والأخلاقية لسلوكياتها وممارساتها، رغم تذرعها وتشدقها بموالاتها وتطبيقها لمثل وقيم أهل البيت، وحرصها الشديد على حضورالمجالس الحسينية، دون أن يكون لذلك أي تأثيرعلى حياتها، باحترام شعاراتها واعتباراتها التى تقوم عليها أهدافها وقيمها، وبالتحديد فى ترجمة مصداقية حبها وولائها للحسين وأهل بيته عليهم السلام، لتجسيد نهجهم الإسلامي قولا وعملا وفعلا ومضمونا وتطبيقا..!!
وبذلك يأتي هذا العمل الفني الرائع مساهمة نوعية، من مجلس المطوع فى إطار برامجه التوعوية والتثقيفية الدينية والإجتماعية، لمواطني مدينة سيهات والمدن المجاورة، وضمن فعاليات الأنشطة المتنوعة التى يقوم بتنفيدها المجلس فى شهر محرم وعلى مدارالعام لإحياء ذكرى أهل البيت عليهم السلام، ومن ثم خدمة مجتمع سيهات والقطيف ومدن وقرى المحافظة بصفة عامة.
احمد علي الشمر
alsahafee@Gmail.com |