• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : وقفة مع الشعائر : الحلقة الاولى : إصلاح الشعائر مسؤولية من ؟ .
                          • الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي .

وقفة مع الشعائر : الحلقة الاولى : إصلاح الشعائر مسؤولية من ؟

لكل زمان ومكان مقتضيات ومتطلبات خاصة .. والناس في الغالب يتأقلمون مع ظروفهم الزمانية والمكانية سواء أكانت ايجابية ام سلبية ... وهذا يعني انهم دوما في تغير مستمر الامر الذي يلزم منه عقلا تغير طردي في القوانين الحاكمة ... من هنا قد يخطر في ذهنك تساؤل عن موقف الاديان والشرائع تجاه هذا التغير ؟
والجواب : ان كانت الشريعة الاسلامية قد انطوت على اصول ومبادىء ثابتة كثيرة فانها حوت الى جنب ذلك من المتغيرات قدرا كافيا لمنحها مرونة عالية لمواكبة الاجيال عبر جميع الازمنة والامكنة وهذا ما يقتضيه موقعها كخاتمة للشرائع والاديان .
وهذه المتغيرات التي رغم كثرتها لا زالت تصارع نفسها متأرجحة بين الوجود الرسمي وعدمه عند بعضهم في الواقع هي السبب الرئيس وراء تعالي الكثير من الصيحات بين الفينة والاخرى مطالبة بالاصلاح الديني كما ان انكارها وتهميشها يعد سببا كافيا للعمل على اخماد تلك الصيحات وتكفير اصحابها .
فالاصلاح بهذى المعنى – ولا افهم له اي معنى آخر في المقام – ليس شيئا اخر غير التغيير ... نعم التغيير بالانتقال من نمط ديني يتصادم مع ظرفي الزمان والمكان الى نمط آخر يتوائم معهما .
ولكن هنا شرطان مهمان للغاية وهما :
الاول : ان لا يتصادم النمط الجديد مع الاصول والمبادىء الثابتة في الشريعة .
الثاني : ان يكون النمط الجديد مستفاد من تفريع الاصول سواء الثابت منها او المتسم بالتغير فعدم تعارضه مع الاصول شيء وتوليده منها شيء اخر كما هو واضح .
وبهذين الشرطين نكفل عدم مسخ الشريعة باخرى مبتدعة وبهذا يرتفع واحد من ابرز الاشكالات التي قد تخطر في ذهنك عند قراءة هذه الكلمات .
كما انه قد اتضح من كل ما سبق ان الاصلاح بهذا المعنى يمتاز بأمرين :
الاول : انه غير خاص بالشعائر وليس له موسم معين انما هو اصلاح عام يستوعب كل ابواب الشريعة بابا بابا وانما تتعالى الاصوات غالبا في شهر محرم الحرام لانه يمثل نقطة انفجار في الطاقات الدينية اذا صح التعبير اذ تتوجه كل الانظار الى سلوك ديني جماعي منعدم النظير وايضا لبروز بعض مصاديق الشعائر التي تصلح ان تكون محلا للاخذ والرد الى السطح في هذه الفترة .
الثاني : ان هذا الاصلاح امر حتمي لا مناص منه ويستمد حتميته من اسبابه التكوينية غير الخاضعة لدائرة الامكانات البشرية اذ انه ليس اكثر من نتاج للتغير المستمر في المواضيع تبعا لتغير الزمان والمكان .
بقي انه ليس المراد من هذا الاصلاح اسقاط الظرف على النص وليّ عنق النص واعادة قراءته قراءة جبرية تخرجه عن سياقاته ومداليله الظاهرية وانما المراد به اعادة تفريع الاصول آخذين بنظر الاعتبار ما طرأ على المواضيع من تغير بتتابع الازمنة وتغاير الامكنة بناء على تبعية الاحكام لموضوعاتها اذ تسالم الفقهاء على هذه التبعية هذا من جهة ومن اخرى اعادة النظر فيما يصلح ان يكون مبدءا للثبات في الشريعة وما يصلح ان يكون مبدءا للتغير فقاعدة اصالة الحلية مثلا تصلح ان تكون مبدءا للثبات في حين يكون العرف وقاعدة لاضرر وقاعدة الحرج مبدءا للتغير وهكذا ...
الى هنا لن استمر في سرد هذا الكلام رغم انه مهم ولكن ما سبق يكفي للانتقال الى النتيجة التي تخص عنوان موضوعنا فالاصلاح بالمعنى الذي سبق بيانه ضرب من الاستنباط وتجديد في آليته وادواته لذا لا يحق لا عقلا ولا شرعا لغير المختص ان يتدخل فيه (لانه استنباط ) اما عقلا فلانه ليس من الحكمة ان يقحم الانسان نفسه فيما لا يتقن اذ سيكون عرضة للخطأ والانزلاق في الهاوية عند ادنى عقبة متوقعة وايضا لان العقلاء قد تبانوا وجرت سيرتهم على الرجوع الى المختص في كل فن وهم يعملون بهذا في كل العلوم فلا ادري من الذي اباح لبعضهم مخالفته في خصوص الدين ؛ واما شرعا فلانه سيكون عرضة للبدعة والفتيا بغير علم وقد عدتهما الشريعة من الكبائر .
اذا المسؤول الوحيد عن اصلاح الشعائر هو المختص والمختص هنا ليس شيئا اخر غير المجتهد فرحم الله امرء عرف قدر نفسه فاحجم عنده فهذا الذي يطل علينا بين الفينة والاخرى من قبل بعض الباحثين بعنوان الاصلاح في الغالب لا يعدوا كونه جهالات متراكمة عندما يقف عليها المختص لا يملك سوى ان يداخله الضحك من شدة تخبطهم وعدم المامهم باصول الاستنباط والياته وشر المصيبة مايضحك .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=68899
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13