• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كربلاء قدوة السائرين الى الله .
                          • الكاتب : احمد خالد الاسدي .

كربلاء قدوة السائرين الى الله

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين وبعد
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
ها قد اقبل شهر المحرم شهر الحزن والآهات ,شهر الكربات,شهر اللطم والبكاء ,شهر القوة والشجاعة وأخذ الدروس والعبر, انه شهر الحسين سيد الشهداء وكفى.
يالشهر محرم من ذكريات مؤلمة مرت على آل الرسول آل التطهير آل المباهلة آل ياسين آل محمد عليهم من الله الآف التحية والثناء.
آل البيت الذين فرض علينا الله مودتهم كأجر لرسالة النبي صلى الله عليه وآله حيث يقول(قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) وهاهي أمة الاسلام تجازي نبيها بقتل واسر اهل بيته وابنائه قتلة لم تشهد لها الانسانية مثيلا فيا لوعتاه واسفاه وامصيبتاه واحسيناه.
وشهر محرم شهر حرام فقد كان العرب في الجاهلية يعظمون حرمته لكن اهل الاسلام –ولا اسلام عندهم- انتهكوه شر انتهاك بقتلهم سيد شباب اهل الجنة.
فقد روى العلامة المجلسي في البحار عن محمد بن عامر ، عن عمه عبد الله بن عامر ، عن إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قال الرضا عليه السلام: إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال ، فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حرمة في أمرنا . إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذل عزيزنا ، بأرض كرب وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء ، إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء يحط الذنوب العظام . ثم قال عليه السلام: كان أبي ( صلوات الله عليه ) إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين ( صلوات الله عليه ) .
(بحار الأنوار 44 : 283 / 17 ) .
وكذلك ما ورد عن مولانا الرضا عليه السلام قوله لأبن شبيب (إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها  صلى الله عليه وآله  ، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته ، وسبوا نساءه ، وانتهبوا ثقله ، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا (الأمالي - الشيخ الصدوق - ص 192).
اننا اليوم بحاجة الى احياء هذه الذكرى واقامة شعائر الحزن والبكاء , صحيح اننا لم ننسى الحسين فعلى طول السنة نعيش الحزن واستذكار سيد الشهداء بشرب الماء على اقل تقدير وتهفو انفسنا مع كل نفس يعلو وينزل لزيارة كربلاء لكن مع كل ذلك لهذه الايام رونق وعبير وشعور لا يضاهى فهو شهر الحسين عليه السلام .
فالرمح المثلث في عقولنا والجسد السليب وقطع الاصبع ورض الجسد الطاهر في ضمائرنا الا تدعونا هذه المصائب الى البكاء واي بكاء انه بكاء الدم كما قال حجة الله صاحب الأمر ولي العصر الآخذ بالثار، الحجة المهدي (عجًل الله فرجه) يخاطب أبا عبدالله قائلا:" السلام عليك يا جداه، لئن أخرتني الدهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً، ولمن نصب لك العداوة ناصباً، لأ ندبنك صباحاً ومساءً، ولأبكين عليك بدل الدموع دماً".
ولا يهمنا قول من قال ان البكاء هو وسيلة العاجز والضعيف فقد بكى انبياء الله ومنهم يعقوب النبي على نبينا واله وعليه السلام حتى ابيضت عيناه من الحزن قال تعالى ( وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ يوسف/84), فهل كان عاجزا لا سمح الله . بل البكاء يعبٍر عن حالة من القوة والعزيمة لا تشابهها قوة وابناء الحسين يعرفون هذا المعنى جيدا.
فقد ورد في البكاء عن مولانا الرضا عليه السلام ( يا بن شبيب ، إن كنت باكيا لشئ ، فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فإنه ذبح كما يذبح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيه ، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله ، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قتل ، فهم عند قبره شعث قبر إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم : يا لثارات الحسين .
يا بن شبيب ، لقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده عليه السلام: أنه لما قتل جدي الحسين عليه السلام ، مطرت السماء دما وترابا أحمر .
يا بن شبيب ، إن بكيت على الحسين عليه السلام حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا يا بن شبيب ، إن سرك أن تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك ، فزر الحسين  عليه السلام ( الأمالي للشيخ الصدوق ص 193).
وكذلك من اهم السنن في هذا الشهر لعن قتلة الحسين عليه السلام واللعن سنة كونية تعني البراءة من الظالمين والدعوة عليهم بالطرد من رحمة الله والقرآن ذكر هذا المعنى كرارا, نعم الحزن لحزن آل محمد من ابجديات التشيع والموالاة لهم صلوات الله عليهم وقد ذكر هذا المعنى مولاي الرضا في كلامه لأبن شبيب (يا بن شبيب ، إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله  صلوات الله عليهم ، فالعن قتلة الحسين .
يا بن شبيب ، إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين عليه السلام فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما  يا بن شبيب ، إن سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة).
نعم يجب علينا كذلك استلهام دروس القوة في مواجهة الباطل وعدم الخوف من التصدي للقتلة في كل زمان ومكان ,وكذلك التوحد خلف قيادة واحدة معروفة بالامانة والاخلاص والتقوى والعلم وهذه الصفات اليوم- عصر الغيبة- تمثلها المرجعية لا غيرها.ويجب علينا في خضًم هذا الحزن ان لا ننسى دراسة نهضة الامام الحسين عليه السلام فان فيها ما شاء الله من الجوانب التي تملأ مجلدات بأكملها ومن اهم هذه الدروس لا على سبيل الحصر:
1-    القوة في الاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر
2-    التضحية في سبيل الله فكلما كانت التضحية اكبر زاد القرب والرضا من الله سبحانه.
3-    الغيرة في الحفاظ على الشرف فقد رأينا كيف تعامل الامام الحسين عليه السلام عندما وصل الى الماء مع خبر وصول الاعداء الى مخيم النساء فأنه ترك الماء وتوجَه الى عياله سلام الله عليه.
4-    عدم التفرقة في التعامل مع الاشخاص فقد راينا مولانا الحسين عليه السلام تارة يضع خده على خد ولده عليٍ الاكبر وتارة يضعُه على خد جون مولاه.
5-    التوظيف المهم لدور المرأة في عملية الاصلاح صحيح انها زينب بنت امير المؤمنين عليه السلام لكن يجب استثمار الطاقات المؤمنة بصورة فعًالة لتؤتي ثمارها.
6-    كيفية التعامل مع الاعداء ولا اتكلم هنا عن ساحة المعركة بل قبلها أو بعدها فالامام الحسين اعطى دروساً للاجيال عندما أمر برعاية جيش الحر وسقيهم بالماء.
7-    النصح والارشاد للاعداء مهما امكن كما فعل سيد الشهداء عليه السلام.
نعم نكتفي بما ذكرنا ولو اردنا الاستقصاء والتأمل لعجزنا فنحن نتكلم عن سيد الشهداء وخامس اصحاب الكساء عليه السلام .نعم كل محور مما ذكرنا يحتاج الى تفصيل وتفصيل عسى ان نوفق لذلك ان شاء الله تعالى.
وأخيرا ادعو كل اخواني الى تجديد الحزن وتعظيم الشعائر واحياء امر آل البيت عليهم السلام فما خاب والله من احيا امرهم .
والحمد لله رب العالمين
30 ذي الحجة 1436
احمد خالد الاسدي
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=68641
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12