منذ العام 2010 والخلاف بين السيدين نوري المالكي وايادعلاوي يسيطر على مساحة كبيرة من برامج الفضائيات ومانشيتات الصحف , واصبح مادة دسمة للكتاب والمحلليين السياسين . بذرة الصراع تمثلت في اجتثاث هيئة المساءلة والعدالة رموز القائمة العراقية وحرمانهم من المشاركة في الانتخابات البرلمانية لانتمائهم لحزب البعث ابان حكمه للعراق , والذي لاقى تأييدا من لدن رموز وقيادات دولة القانون . تأزم الصراع بعد اعلان النتائج والذي تمخضت عن فوز ائتلاف العراقية بزعامة علاوي بحصولها على 91 مقعدا , لكن اشكالية الكتلة البرلمانية الاكبر وتفسيرها على انها الكتلة الاكبر مقاعدا في مجلس النواب وليس الكتلة الفائزة , وتشبث المالكي برئاسة الوزراء جعل الصراع والخلاف يتأزم اكثر فأكثر . في فترة صناعة الحكومة تبادل علاوي والمالكي الزيارات لاكثر من مرة وكذلك القبلات !! مما طمئن الشارع العراقي بأنتهاء الخلاف بين اكبر زعيمين سياسين في البلاد . لكن ما لبت حتى عادت المشاحنات والحرب الكلامية للواجهة من جديد , حتى وصل الامر الى عزم دولة القانون رفع دعوى قضائية ضد اياد علاوي , اعقبه الاخير بهجوم عنيف هو الاول من نوعه حيث وصف نوري المالكي " بالكذب والتضليل والاعتماد على الاجنبي للبقاء في الحكم " علاوي تمادى في قسوته حيث اتهم المالكي بالبغي الذي تمادى في ظلمه , ووصف اتباعه والمقربين منه بخفافيش الظلام والجلاوزة الطغاة .
لاشك ان تصريح الناري للسيد علاوي والذي لم يعتمد فيه المجاملة ولا مراعاة اي الاواصر التي تجمع الطرفين , اظهر حجم المأزق الذي يعيشه الائتلافين ( العراقية ودولة القانون ) ومن الحتمل بل المؤكد ان تترجم هذه الاقوال الى افعال يكون ضحيتها المواطن العراقي وتحدث صدامات مسلحة بين الطرفين , وهنا ستعتمد كلا القائميتن على انصارهما لانزالهما الى الشارع وحدوث الاشتباك بالعصي وربما بالاسلحة بين انصار المالكي وعلاوي وهذا ما أكدته تظاهرات الجمعة الماضية 10 / 6 , والتي انذرت بتكرر هذه الحالات مستقبلا .
الصراع الحقيقي بين القائمتين كان على منصب رئاسة مجلس الوزراء وهذا معروف للجميع , فمنصب رئيس الوزراء يعني ما يعني من رواتب وامتيازات وقرارات وو الخ . لكن بودي ان اطرح السؤال التالي . لو جردنا منصب رئيس مجلس الوزراء من كل الصلاحيات التي يتمتع بها , هل كنا سنشاهد الصراع والحرب الكلامية التي نشاهدها الوم بين المالكي علاوي . لو ذهبنا لابعد من ذلك وقمنا بأعتماد " مبدأ فصل الثروة الوطنية عن السلطة وجعلها بيد الشعب " والذي يطرحه التنظيم الدينـقراطي منذ سنوات كحل للخروج من الازمات والمشاكل والصراعات السياسية , هل سيحتدم الصراع على هذا المنصب بهذا الشكل ؟ هل كان السيد المالكي يتحيل كافة الفرص من اجل البقاء في هذا المنصب ؟ وهل كان السيد علاوي يفعل ما يفعله اليوم ؟ لنترك المالكي وعلاوي قليلا , دعونا نأخذ مثال حي وهو الصراع بين " لوران غباغبو " رئيس ساحل العاج السابق و "الحسن الوتارا " الفائز في انتخابات ساحل العاج والرئيس الحالي لها , اذا كان مبدأ فصل الثروة عن السلطة معمولا به في ساحل العاج , هل بقي غباغبو متزمتا بمنصبه بهذا الشكل الغريب ؟
اذن الصراع بين القائمتين ( العراقية ودولة القانون ) هو صراع من اجل منصب رئاسة مجلس الوزراء , والسيطرة على مراكز صنع القرار وليس صراعا علمانيا او دينيا او قوميا كما صرح السيد حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي بذلك مؤخرا .
اذن اقترح على الكتل والاحزاب السياسية في مجلس النواب العراقي التصويت لصالح اعتماد مبدأ فصل الثروة الوطنية عن السلطة وجعلها بيد الشعب , ومطالبة التنظيم الدينـقراطي صاحب هذه الفكرة بتقديم مشروعه بالكامل الى اعضاء مجلس النواب لدراسته ومن ثم اقراره . اعرف ان هذا المشروع سيصدم بعقبات كثيرة وسيعارضه الجميع , لكنه هو الحل " المثالي " للازمة بل الازمات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية التي تمر بها البلاد فهل من مجيب ؟ |