كي تكونَ فعَّالةً ، ناجحةً ، منفَّذةً ، مُنقِذةً ، مقبولةً ... يجبُ أنْ تكونَ موجَّهةً على أُسُسِ التشريعِ الخاويةِ في الدستورِ المتضاربِ غيرِ المحاكي ضروراتِ التطويرِ ، وعلى جيوشِ العصاباتِ الوظيفيةِ الجاثيةِ في كلِّ مؤسسةٍ رسميةٍ ، ومجتمعيةٍ ابتزازيةٍ ، وعلى كلِّ من لم يتصوَّر يوما مَّا أنه سيلبسُ (ربطة العنق) ويجلسُ خلفَ مكتبٍ إداريٍّ فاخرٍ ، وعلى كلِّ من أهانَ الرتبةَ العسكريةَ الساميةَ لأنه يحملُها على متنِه ، ولا يحملُ شرفَها في ضميرِه ، وعلى كلِّ من فشِلَ في التحصيلِ العلميِّ الابتدائيِّ ، أوِ الأوليِّ ، فآثَرَ على نفسِه أن يَّسُدَّ هذا النقصَ بالتزويرِ الذي أوصلَه إلى مكانٍ لا يستحقُّه هو ، فمسخ استحقاقَ ذلك المكانِ بجهلِه وفسادِه ، وعلى الوصوليين الذين لم يربضوا على قلبِ مناصبِهم إلا بالتوسُّلِ والوساطةِ الفاسدةِ ، فأبعدوا من هو أهلٌ لمكانِهم المحتلِّ ، وعلى الشهيرِ من العابثين علا منصَبُه ، أو دنا ، وعلى الحلَقاتِ الزائدةِ من التشكيلاتِ التي تستنزِفُ خيرَ العِبادِ والبلاد ، وعلى رأسِها الوزاراتُ ، والهيئاتُ ، والمديرياتُ العامةُ المصطَنَعةُ الخجولةُ التي لا يعرِفُ وزيرُها ، ولا رئيسُها ، ولا مديرُها ، ولا منتسبوها ما لهم من أثرٍ في البناءِ والتطويرِ والإصلاح ...
اللازمُ في الإصلاحاتِ ألا تكونَ متسرعةً ، وأنْ تكونَ ذاتَ جدوى ، وألا تكونَ إلى الإعلامِ والتخديرِ أقربَ منها إلى الإنجازِ والتطهير. ولذا تحصَّل التنبيهُ عنِ المرجعيةِ الرشيدةِ في خطبةِ جمعةِ الأمس 14/8/2015.
ولو تحصَّلتِ - الآنَ - إدانةُ مُفسِدٍ مجرمٍ فمن يتحملُ مسؤوليةَ غضِّ الطرفِ عنه فيما مضى...؟! القضاءُ ، أم مَّن تستر عليه ممن رشَّحه من حزبٍ ، أو وسيط ؟!
لماذا تحققت بعضُ الأعمالِ الإصلاحيةِ الواجبةِ الآنَ من البرلمانِ كتغييبِ مجموعةٍ من النوابِ المتعالين على الشعبِ وعلى مؤسستِهم ، وفضحِ غياباتِهم ؟! ومن بعضِ الوزاراتِ وتشكيلاتِها ، ومن جملةٍ من الحكوماتِ المحلية كالإقالاتِ والإعفاءاتِ الترقيعيةِ ؟! هل هو الخوفُ على المنصَبِ يُصلِحُ صاحبُه كيلا يبقى في زمرةِ الفاسدين ؟! أو هو التمويهُ والتخدير ؟!
لماذا لم تتيسَّر هذه الفرصةُ الإصلاحيةُ الهادرةُ الفعالةُ عنِ المرجعيةِ الرشيدةِ (خيمةِ العراقِ الكبرى) ، وعنِ الشعبِ ... فيما مضى ؟! والكلُّ يعلَمُ أَنَّ العراقَ قد قُرِّر حكمُه على الأهواءِ من حكوماتِ المحاصصةِ والتوافقِ الكاذب ، وأَنَّ دستورَ الإدارةِ المدنيةِ الهشَّ الذي قرره (بول بريمر) فهُرِعَ له المنتفعون هو الساري مفعولُه ...
والكلُّ يعلمُ أنَّ رئيسَ الوزراءِ في العراقِ من بعدِ التغييرِ إلى يومِنا هذا ... لم يتمتع بصلاحياتِ رئيسِ الوزراءِ في (اليابان) ، أو (بريطانيا) ، أو (ماليزيا) فيكونُ حاكمًا ومسؤولا عن سياسةِ الدولة ... فهو في العراق (رئيس مجلس الوزراء). يريدون تحديدَ مهمتِه بإدارةِ الجلسةِ ، والإمضاءِ الرسميِّ فقط ! فإذا ما أغضبَ وزيرًا عنده ، ردَّ عليه الوزيرُ المتعالي: اسكت ، أنا منسحِبٌ من هذه الحكومةِ بأمرِ مرجعي في الحزبِ ، أو الكتلة ... وأنت لا أمرَ لك عليَّ ، لأنَّ حزبي ، أو كتلتي هما من أوصلك إلى هنا ! ولأنَّ الجهلة من ذوي المناصب يأتون بالمحاصصةِِ والتوافقِ حتمًا لازمًا على (رئيس مجلس الوزراء). ولا بأسَ بتدويرِهم في مختلَفِ المناصِب مع تغييرِ الحكوماتِ لأنهم أوفياء مطيعون لمن أتى بهم.
هل سيجدُ الشعبُ الطريقَ الناجعَ يسلُكُه لتحقيقِ مطالبِه المشروعة ؟! وهل سيتمكنُ السيدُ رئيسُ مجلسِ الوزراءُ ومن يوافقُه التنفيذّ من تحقيقِ المبتغى ؟!
إنَّ عدمَ تحققِ الإصلاحاتِ اللازمةِ واقعًا لَهُوَ طلقةُ الرحمةِ القاضية على القرارِ الديني ، والشعبي.
وهذا يستدعي من القيادةِ السياسيةِ والإداريةِ للعراقِ العزمَ ، والقرارَ الصحيحَ المدروسَ النافذَ الذي لا يؤخَّرُ ولا يُثنَّى ، ويستدعي من الشعبِ الحكمةَ في التظاهرِ ، وعدمَ الوقوعِ في شِباكِ المنتفعين الذين يأتونَ من الآخرِ لقِطافِ ثمارِ التظاهر ! ويستدعي من المرجعيةِ التقريريةِ والإعلانيةِ الحسمَ الفاصل ... لأنها الملاذُ الأخيرُ الشامل.