• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : بابيلون ح17 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

بابيلون ح17

اقترب احد الضباط محلقا على وحشه الطائر من وحش القائد خشنشلوس واخبره ان الوحوش الطائرة القت كل ما تحمل من حجارة , اما الجنود على ظهورها فقد نفد كل ما لديهم من رماح ونبال , فأمرهم ان يذهبوا الى جبال قريبة , ومن ثم يحملون كل وحش طائر قدر استطاعته من الحجارة . 

شرعت الوحوش الطائرة بالتوجه الى منطقة الجبال , وبدأت بالهبوط , بينما اسرع الجنود بحمل الحجارة , اثناء ذلك , كان هناك الكثير من الثوار يتربصون بها , تواروا جيدا بين الاشجار وبعض المغارات الصغيرة , فانتهزوا الفرصة لينقضوا عليها , كان جنود الحرس الامبراطوري منهكين , وكذلك وحوشهم الطائرة , ساعد ذلك الثوار كثيرا كي يجهزوا عليهم او يأسروهم . 

كان الوزير خنياس يراقب الوضع الدائر من على شاشات المراقبة , لم يخف اندهاشه مما يرى , وهو يشاهد الحرس الامبراطوري يتجرع غصص الهزيمة , وكذلك يتفرج على جنوده في مدينة تاكيرون كيف يهربون امام اندفاع جيش الثوار نحوهم بقوة وسرعة منقطعة النظير , فجأة , ظهرت صورة الامبراطور على الشاشة , نهض من كرسيه وانحنى له , حتى سمعه يقول : 

- خنياس ماذا تفعل ... أتكتفي بالتفرج ؟ ! ... هيا شن هجوما واسعا عليهم ... اقض عليهم جميعا ... واحرص على ان تخلص كل من وقع في ايديهم من قواتنا ! . 

- امركم سيدي الامبراطور المعظم .  

امر الوزير خنياس بعض قادة جيشه بشن الهجوم ومن جميع جهات دولة الثوار , لكن الثوار كانوا مستعدين لأي هجوم , ومن أي جهة كانت , فتمكنوا من صد جيوش الوحوش بقوة , واوقعوا فيها الكثير من الخسائر .

أمر الوزير خنياس ان تفتح السدود , لتغمر المياه دولة الثوار , او لعلها تحول دون مقاومتهم , على الفور , فتحت السدود , وبدأت المياه بالتدفق بغزارة , لكنها لن تصل قبل يومين , اثناء ذلك , طلب ينامي الحكيم من القائد خنكيل العودة , فغادر على وجه السرعة , ثم ألتفت الى قادة الثوار طالبا منهم الاندفاع بشكل سريع واحتلال مدن اكثر , حالما انطلق الجميع , تناول آلة خاصة يستعملها للاتصال بأهل تلك المدن , اخبرهم ان جيوش الثوار قادمة لتحريرهم , آمرا اياهم بأسلوب لطيف ان يتحركوا داخل مدنهم , مثيرين بعض الفوضى والاضطراب , فأن ذلك سيزعزع جيوش الوحوش من الداخل , ويسهل المهمة على الثوار .  

رويدا رويدا , بدأت تظهر في المدن المجاورة حالات تمرد واعتداء على جيوش الوحوش التي كانت تستعد لصد هجوم الثوار , لكنهم لم يتوقعوا ظهور جبهة داخلية , فدب الرعب والهلع بين صفوفهم , وبدأوا بالانهيار , وانهاروا اكثر واكثر عندما وصلت اولى فرق الثوار الزاحفين نحوهم .   

كان الامبراطور يراقب من على الشاشات الخاصة , فعدّ سقوط عشرة مدن بشكل سريع , عندما ظهرت صورة الوزير خنياس : 

- سيدي الامبراطور المعظم ! . 

- ماذا يجري يا خنياس ... عشرة مدن في عدة ساعات ! . 

- جيوشنا لم تكن مستعدة ... اقترح الانسحاب وايقاف المعارك لنعيد تنظيم جيوشنا ونعيد وضع الخطط ودراستها . 

- لك ذلك يا خنياس ! . 

- وماذا عن القائد خنكيل والجيوش التي تحت امرته ... هل اكلفهم بمهمات ام استثنيهم من الامر ؟ . 

- كلا ... كلا ... دع القائد خنكيل وجيوشه في ايروس ... فهم الدرع الواقي لمدينة الاسوار . 

- حسنا ... سيدي الامبراطور المعظم ! .

شرعت الوحوش الطائرة بمغادرة سماء المعركة , تبعتها كافة جيوش الوحوش على الارض , انتهز الثوار الفرصة ليعدوا تنظيم شتات امرهم , وايضا لينالوا قسطا من الراحة بعد يوم شاق . 

لكن ينامي الحكيم أمر بعض الفرق بمطاردة جيوش الوحوش المنسحبة وملاحقتها , وايقاع اكبر قدر ممكن من الخسائر بها , فاستمروا بالمطاردة حتى حلول الليل . 

في الليل , جمع قيادات الثوار لوضع خطط جديدة , دفاعية وهجومية , وحتى احترازية , خصوصا من الماء الذي سيصل في اليومين القادمين , أكد له احد الحاضرين ان السدود ستكون كفيلة بمنع الماء من دخول المدن , بل ستدفعه الى الصحراء , الصحراء التي تأتي منها جيوش الوحوش .   

في اليوم التالي , لم يكن صباحا هادئا , انشغل الثوار بإعادة تنظيم صفوفهم , وانشغل الاهالي برفع اثار الدمار الذي حلّ بمدنهم , لكن ينامي الحكيم والعديد من فرق الثوار التي لم تشترك بالحرب يزحفون نحو السدود , لم يواجهوا مقاومة في الطريق , سوى وحوش الاستطلاع الطائرة , التي ولت هاربة عندما رميت الحجارة المنفلقة نحوها , واستمرت الفرق بالتقدم , مصرا على ان يصلوا الى السدود عند المغيب . 

- سيدي الوزير خنياس ! . 

- ماذا ورائك ؟ . 

- ينامي مع الالوف من المتمردين متجهون نحو السدود . 

- متى سيصلون اليها ؟ . 

- لو استمروا بهذه السرعة فسوف يصلون عند المغيب . 

- حسنا ... عندها سيكونون منهكون ... فنفاجئهم بهجوم واسع النطاق ... ارسلوا سرايا لدعم الجيوش المرابطة على السدود ! .   

شرعت الوحوش الطائرة بنقل سرايا الوحوش وانزالها في مناطق السدود , كانت اسرع بكثير من زحف ينامي الحكيم وثواره .

كادت فرق الثوار تصل , لكن الشمس قد غابت , فقرر ينامي الحكيم ان يعسكروا في مكان قريب , على ان يبدأ الهجوم في صبيحة اليوم التالي , في الطرف المقابل كانت الوحوش تستعد لشن هجوما في منتصف الليل على معسكر الثوار , حالما وصل الامر من الوزير خنياس , اطبقوا على معسكر الثوار من عدة جهات , لكن تفاجئوا بخيام فقط , لم يكن هناك احد في الخيام , لا احد على الاطلاق , شعروا انهم قد وقعوا في كمين , فأمر القائد ان يغادر الجميع بأسرع وقت , لكن ذلك لم يسعفهم على الخروج , ولم ينجهم من الخطر المتربص , فقد اطبق الثوار عليهم من خلفهم , اذاقوهم حر النار وحر الحديد , تمزقت سراياهم كل ممزق , وتشرذم جنودها هائمين في الصحراء , لم يتسن لهم الدفاع عن انفسهم , فضلا عن السدود . 

بعد ان اجهز الثوار على شراذم سرايا الوحوش , توجهوا مباشرة الى السدود , فلم يجدوا فيها الا القليل ممن تبقى من الوحوش , اجهزوا عليهم , وشرعوا بإحكام اغلاقها , كي يمنعوا الماء من التدفق نحو دولتهم .    

استبشر الثوار فرحا بانتصار فرقهم وتحرير مناطق السدود , وباشروا بإرسال المزيد من الفرق لدعم قوات ينامي الحكيم المنهكة , لكن ينامي الحكيم لم يكن ليفكر بالراحة رغم تقدمه بالسن , وكذلك لم ينتظر وصول الامدادات , بل اصر على التقدم نحو مفترق طرق ايروس , واصر ان هناك ستكون الراحة ونقطة التقاء فرقه بالإمدادات , صعد في ماكن مرتفع , وقال مخاطبا الثوار : 

- اعرف انكم لم تناموا منذ البارحة ... واعلم انكم تعبون جدا ... لكن لا يجب ان نتوقف هنا ... بل يجب ان نستمر بالتقدم .. حتى مفترق ايروس ... فهو الحد الفاصل لاستمرار احتفاظنا بمنطقة السدود ... ان اسرعنا فسوف نصل هناك قبل الغروب بقليل . 

هتف الجميع بصوت واحد بنشاط وحماس : 

- الى مفترق ايروس ! . 

بالرغم من ان الطريق الى مفترق طرق ايروس مهما , الا انهم لم يواجهوا مقاومة تذكر , فقد كان الطريق سالكا , ولم تكن امامهم ثمة عوائق , واستمر الزحف  , رغم ان الكثيرين منهم ظهرت عليهم اثار التعب والاعياء , وصلت الطلائع الاولى قبل المغيب بساعات , فشرعوا بنصب الخيام على الفور . 

********************** يتبع




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=65037
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 07 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15