الإستحطام : إستلطاف الحطام
من أخطر وأدهى التحديات الحضارية العربية المعاصرة , أن العرب أصبحوا يستلطفون الحطام والدمار والخراب!!
وكأن الإنسان العربي صار حطاما نفسيا , فكريا , عقليا , روحيا وعقائديا!!
والدليل على ذلك , لو أنك ناديت حتى يبح صوتك , وكتبت بأقسى العبارات والكلمات عن الحطام فلن تجد مَن يسمع أو يقرأ , أو تأخذه الغيرة والحمية والنخوة الإنسانية , وكأن العربي لا يعيش في هذا المكان والزمان , وإنما هو في مملكة الأجداث ويجالس الأموات ليموت معهم , ففي وعيه هم الأحياء وهو الميت!!
حالة إستثنائية غريبة ومريبة ومرعبة وفظيعة , لم يحصل كمثلها في تأريخ البشرية إلا فيما قل وندر , لأنها لا تتفق ولا تتواءم مع إرادة الحياة وقوانين التحدي والبقاء.
حالة عربية شاذة , متناغمة مع آليات الصيرورة الإنقراضية الحتمية!!
فكيف وصل العربُ إلى هذا المصار المروّع , الذي يسرّ عدوهم ويؤلم تأريخهم ويدمّر أجيالهم؟
العرب يتسامقون بالدين ويتحطمون به!!
وفي زمنهم المنكوب بهم , تحول الدين إلى معضلتهم ومَهلكتهم , فما تكوّنوا به وفيه , ينسجرون به وفيه!!
ولا صوت يعلو على صوت الدين وخطاباته , في زمن تعيش البشرية عصور ما بعد العقائد والأديان , وتمضي في إطلاق قدرات العقول المبدعة الفسيحة.
أي أن العرب في محصلة مساعيهم , يتراكمون على هامش العصر , ويتحولون إلى أعباء ثقيلة على المسيرة الإنسانية , وكل عبئ يُلقى بعيدا عن مجرى التيار الحضاري الدفاق!!
فلا يمتلك العرب قدرات بناء السدود الحضارية , وإنما قد برعوا في تقرير مصيرهم المتداعي , ومسيرتهم التآكلية الإستنقاعية , وهم يتصارعون على هوامش الوجود الإنساني الصاخب بالعطاءات الأصيلة المتواكبة , ولن يتواصل فيه إلا مَن يتعلم مهارات ركوب الموج والسباحة بعزيمة الخيال!!
فهل سينكر العرب سلوك الحطام , ويتعلمون الحياة في التيار الجاري؟!! |