• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : انتفاضة شعبان ..... ربيع الثورات الحره .... ج 1 .
                          • الكاتب : محمد علي مزهر شعبان .

انتفاضة شعبان ..... ربيع الثورات الحره .... ج 1

إلى تلكم الأرواح الممتلئة بالكمال في أروع مظاهره، وأنقى صفاته. صلواتنا الحارة المتصاعدة من معبد الحياة إلى من اكتملت فيهم معانيها، وسمو فيها مبلغ الصالحين، إلى شهداء الانتفاضة الشعبانية، اللذين سقطوا في سوح الوطن وانتفضوا على الطاغية، إلى تلكم الأرواح المتحدة بالحقيقة المطلقة لأسباب الخلق والوجود، والأصول القائمة في مواطن العطاء والخير. 
إلى الشعبانيين اللذين امتدوا بأركان وأسباب وجودنا الفكري والروحي والجمالي، أنكم اتصال النهر بالينبوع، ونبتّ الأرض بماء السماء، هذه ذاكرتي وريقات مدماة، يقطر منها الأسى والدم والدموع، آملاً أن تجففها رياح الأمل، وانتظار اليوم المأمول في الخلاص. ليكن إعجابنا بسادة البسالة ورمز الرجولة ممن وقع مسجى على أرض العراق، وممن بقى يحمل السلاح إلى الرمق الأخير، إذا حددت المقاسات للرجولة، ونوطت الأوسمة على الصدور، وازدحمت الكلمات في قاموس العظمة والشرف، وما حملت الرؤوس من أفكار العزة والكبرياء، وما تباهى امرؤ برجولته وايثاره، والنضال بجوده وعطائه، والنبع من مشاربه، فلنعتز ونفتخر بأولئك الرجال .
صراع خفي
الحياة الكريمة لابد أن تفتح أبوابها لأولئك اللذين صبروا وصابروا وهم لم يملكوا من حطام الدنيا المملوكة للطغاة ، غير الموت في ميادينه المتعددة، وعلى رمضاء ساحاته، ومن تعداه الموت تابعته صحبة الاعتقال والأتهام، ورغم القسط الكبير من عذابات الناس وأستلابها فأنهم ، لم ينالوا إلا اليسير من الحركة في أن يدبوا كبهائم سائرة مأمورة تحمل أزمة نفسها وغضب القرون السالفات، وألمها وتعسفها من تسلط ما بدأه أمراء المؤمنين وتبعهم السلاطين والمندوبين السماويين، مجمل ما حملته القرون من تهميش وتعذيب واستلاب، ولو قدر أن توزن هذه العذابات كلها في كفة، فأنها لا تزحزح كفة حكم الطاغية.
ان الغاية في الخلاص شيء مريع من القدرة في الوصول إليه سواء بالإمكانات البسيطة الجرداء أو المعقدة النافذة، ومهما أختلفت الوسائل سواء على الطريقة السوية في التفكير أو الطريقة الميكيافيلية، الشريفة منها والدنيئة.
 غاية التخلص من الطاغية والتحلق بأجواء جديدة ربما تزيل هذا الثقل الهائل، وتكتسح هذا المارد حتى لو بأيدي عارية . هذه غاية حاولت رغم عريها وسهولة كشفها وبساطة وسيلتها، قابلتها غاية من يريد البقاء مدنا معصوفة بالحزن واليباب، يقبض زمامها الة السطوة والجبروت بتينيك اليدين الملطختين بالدماء دوماً والنفس المسكونة بالهوس والمجبولة بداء العظمة.
ارادتان متنافرتان, أولهما تنشد الحياة الكريمة لتطل على المستقبل الحر وتكافح من أجل الخلاص، وإرادة قصادها ترتكز على مبدأ متهور ونظرة فردية مستبدة، تصطدم حدٌ النقطة مع الإرادة الأخرى.
إرادتان مختلفتا التوازن بين شعب برمته وفرد وأسرته، تتنازعان من أجل غاية، كلتاهما تنشد البقاء ونتيجة الصراع معروفة المفاد ومحسومة الرجحان.
شعب أنبثق الماضي والحاضر أمامه بسجله الدموي، إلتقى الأمس القريب بالبعيد، صفحة تاريخ قاني , لقد ذابت الحدود والتواريخ والأسماء في مجرى الدم والمحرقة التي تلفع بها الملايين.
في هذا الجو المريع ولدت اللحظة التي أسست توقف مجرى زمن الإذلال ، زمن إزدحمت فيه صور المأساة , ولو تركنا تاريخ الاغتصاب المتعمد ومصادرة الحريات منذ العام(1921) لمجيء البعثيين في(1968) بأستثناء سنوات قاسم . لو ترك الناس ورائهم نهر الدماء في معركة إيران، والتي لم تزل بصماتها الحمراء بين جثث طٌحنت فذرتها الرياح وجيفاً أزهقت الضواري والأسماك شبعاً، لم تزل بصماتها السوداء بيارغ وأعلام ولافتات تسجل تاريخ الموت والموقعة، إنها النهاية المأساوية لمن رحلوا فلم يأتوا أبداً، ومن رحلوا ولكن أين همَ لا أحد يعلم ؟
لازالت اللافتات تسجل نكبة شعب لحد هذه اللحظة الراهنة في إنتظار، وانتظار ولدً السام واليأس. كل عائلة تعلقت أذهانها بالأحلام ، والحلم غذاء شهي لبعض الناس التي استكانت للصبر ولهم في الصبر ذخيرة لا تنفذ.
أمل عند البعض حين يفتر فاه عن أبتسامة مشوبة بالقلق لسماع خبراً ولو من صنع الأحلام ، إذ لا حول ولا قدرة في أستلام الخبر الأكيد، لمن يأتي بخبر الأحبة اللذين رحلوا ولم يأتوا البتة. 
ناس تعلقت أمالها بمنى القدوم وشروق الأبناء، فكانوا يتجرعون السم صبراً، وكان أنتظارهم الواهن هو النقلة المجاز للتحقيق، وتكاد أحلامهم أن تفرش المخيلة بالزهور دون عائق يذكر. كان قلقهم هو من يواطن أبشع الأرتكابات، وكان لمفردة ( لعل ) الأثر الفاعل في صنع التصور.
 حين تمر الأيام بعبئها الثقيل، والآمال تتبخر كضوء نيزك أنقض وأنعدم فلا أثر بعد عين، أحلام كأنها لمحة ضوء في كبد السماء، لكن الأزمة هي واقعهم المريع من كل نأمة أو إشارة من رئيسهم وكل قادم، كانوا يعيشون في حرارة من عيش كسول وحيرة في نفس خذول.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=62916
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15