• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فنون الاصغاء .
                          • الكاتب : فادي الغريب .

فنون الاصغاء

 الاصغاء الى الاخرين فن ومهارة وقدرة ليست بالامر الهين .. والاصغاء لا يعني الاستماع المجرد .. فأنت قد تكون تتضاهر بالأستماع  الى محدثك ولكنك بنفس الوقت تكون سارحاً في خيال آخر في ( جولة فكرية ) تفوت عليك فرصة التقاط نقاط جوهرية في حديث الشخص المقابل الذي لم تنتبه اليه الا بعد لحظات .. أو بعد فوات الأوان في غالب الأحيان! 
 
وحدث مرة  قبل سنة تقريباً.. ان زرت ُ صديقاً عزيزاً وجلسنا نتسامر سوية في ليلة شتائية بدد الشاي الساخن برودتها ، واضافة المدفأة الصغيرة جواً هادئاً ودافاً اتاح لنا وقتاً نتبادل  الطرائف والنوادر ، فكانت ضحكتنا تتصاعد منتشية بعد كل فاصلة من ( النكات ) والمقالب البريئة ..
 
وعندما هم صديقي برواية نكته ما كان يحسبها جديدة عليَّ ، وقبل ان  (اندمج ) معهُ في الأصغاء الى الطرفة ،  طرأ موضوع ما على فكري وشل    قدرتي على الأستمتاع ورحتُ في عالم آخر غير المكان الذي كنت اجلس فيه .. لقد انتابتني لحظتها ( دالغة ) طارئة بددها ضحكات اهل الدار الذين كانوا يشاركونني الاستماع الى صديقي وهو يروي القصة .. ولم اجد خياراً في النهاية غير ان اشاركهم في الضحك .. ووجتُ نفسي  مضطراً _ على سبيل المجاملة _  للأيحاء بأني استمتعتُ بهذه الطرفة التي نالة أعجاب الحاضرين وثنائهم على صديقي وهو من النوع الذي حتى وان تحدث بموضوع اعتيادي  فأنه يحولهُ الى نوع طريف لا تتمالك نفسك من الابتسامة والتفاعل الصادق معهُ ..
 
وبعد ان روى صديقي طرفتهُ طلب الحاضرون مني أن ادلو بدلوي وأحكي لهم شيئاً ما ينسجم مع تلك الجوله العائلية الحميمة .. فكرتُ لحظة واسترجعتُ في الذاكرة طرفة قوية جداً ... وحمتُ الله على أنها حضرت في ذهني لحظتها .. وبدأتُ أسير لهم القصة .. ورأيت علامات التعجب والذهول .. والابتسامات بدأت تعلو .. وتتصاعد .. وأخيراً  (أنفجر ) الجميع بضحك هستري غريب .. اسعدني كثيراً .. قبل ان يسألني الجميع .. فأذا بصاحبي يسالني بدهشة واستغراب قائلاً : ( يبدو انك لم تنصت الى حديثي جيداً _ قبل ثوان ؟ ) .. قلت له .. كيف ؟ قال ( لقد تحدثت أنت بالقصة نفسها التي تحدثت انا بها لحظات .. ويبدو انك يا صديقي تتمتع بقابلية كبيرة جدا على فن الاصغاء !! ) قال مازحاً ، لا ساخراً ، أو معاتباً .. وعلى أي حال .. وجتُ نفسي في موقف لا أحسد عليه .. موقف جعلني أتعلم درساً من الحياة في فن الأصغاء الى الآخرين .. بل حسن الاصغاء  اليهم .. 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=62210
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 05 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13