تحدثنا في المقال السابق عن ما اتحفتنا به الشاعرة المتميزة " فضيلة ملهاق " والذي يحمل عنوان " امرأة ذكية + رجل ذكي = الإبداع" وها نحن مع المبدعة من جديد من خلال مجموعة شعرية ثانية ، تضم عشرة قصيدة . وتحمل عنوان " المذبوحة والمسلوخة .. والمقطعة " والذي صدر هذا الأسبوع في الجزائر.. يتناول هذا الكتاب موضوعا – يعتبر إلى حد كبير – مجهولا بالنسبة لنا نحن الجزائريين ، فبينما نعرف كثيرا من الشعراء الشرق كتبوا عن الربيع العربي ترانا لا نسمع سواء القليل من الشعراء الجزائريين الذين كتبوا عن الموضوع . المفارقة العجيبة في هذا الصدد ان الربيع العربي اصبح عند بعض الكتاب عبارة عن شتاء عربي !!ّ! وعند البعض اصبح كفصل الخريف !!! والأغلبية تقول أنه اصبح مثل فصل الصيف في صحراء الجزائر!!! . فكيف تنظر إليه الشاعرة " فضيلة ملهاق " في اعتقادي أن من أمتع القصيدة التي تتناول موضوع الربيع العربي في كتابها الجديد هي تلك التي تحمل عنوان " ربيع الأمنيات " إذ تقول : جاء الربيع بأمطاره الجارفات وأضاف لفجائعنا شجيرات شوك .. وكم بالونات فهل برعم الورود اليابسات!
بقدر ما أمطرنا دمعا وردعا .. وجرجرنا في الخيبات ؟ كاد الربيع يكون ربيعا
.. لولا أن أبقى تحت جلودنا قيحها .. وأكواما من الفطريات .. حتما سيكون ربيعا .. الخ
ربما كان من أطرف موضع في المجموعة قصيدة تحمل عنوان " شارلي .. مفرقعة " إذ تتناول في هذه القصيدة : صحيفة شارلي التي
قررت أن لا تكف عن النبش والتفتيش في عقيدة المسلمين .. و نشر كل
الرسومات السابقة عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم. إذ تقول في اخر القصيدة : .. إن لم تستوعبوا ما برمجتم من دروس العولمة ولم تراجعوا مواثيق العهود المغفلة ..
وفواتير الحقوق الضائعة هزلت ..؟ وليست أي مهزلة !
ان مأساة الشعب الفلسطيني ليست مأساة فلسطينية ، ولا مأساة عربية ، إنها مأساة انسانية . من هنا استطاعت المأساة ان تصل الى قلب الشاعرة فأتحفتنا بقصيدة تحمل عنوان " تظل الصخرة صامدة " إذ تقول متسائلة : هل التاريخ تبدله الجرافات ؟! .. هل حياكة حائط تخيط الشتات ؟!
ستظل الصخرة صامدة .. تحفظ آثار البراق .. واستغفارا الأنبياء ..تفضح نشاز اللوحات . تتوزع موضوعات المجموعة الشعرية العشر بين رسم مأساة الإنسان العربي وهمومه ، والتي تتابع ذاتيا بامتدادات فلسفية معمقة ، راصدت الظواهر بدقة ، ومعريا الوقائع التي يعشها المجتمع العربي . كل هذا قدمته الشاعرة عبر اسلوب جمالي متطور ، ووعي اجتماعي لا تخطئه عين . على الخط الذي جاءت فيه مجموعاتها في الكتاب الذي اشرنا إليه امس . ان من يقرأ قصائد الشاعرة الجزائرية فضيلة ملهاق يشعر أن هذا الشعر النضالي العالي النبرة متفرد وأصيل يهدف الى تنوير المجتمع العربي ، وفي نزوعه نحو المغامرة . ولعل من المناسب ونحن نعلق على هذا الكتاب أن نشير الى أن المجوعة تتكون من 7مؤلفات كلها جديدة ويشرفني ان اعرف بمحتوى كل كتاب والى الغدا في مقال جديد حول كتاب " قهوة باردة "
|