• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العرب ومعضلة المفاهيم!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

العرب ومعضلة المفاهيم!!

يعيش العرب معضلة إضطراب المفاهيم وعدم وضوح المسميات , بسبب غياب دور المفكرين والمثقفين في حركة المجتمع , وفقدانهم للقدرات الإدراكية اللازمة لصياغة النظريات الوطنية والحضارية المتفقة مع جوهر بلدانهم , وطبيعة تكويناتها المتنوعة الأطياف الجغرافية والتأريخية والحضارية والبشرية.

 

ولهذا فأن الجهل التأريخي والحضاري والواقعي هو السائد , ويترتب عليه وجود سائب سائل القوام يتخذ شكل الوعاء الذي يوضع فيه , مما يجعله بلا ملامح ولا هوية أو مناهج حياة وصيرورة إنسانية ذات قيمة ودور معاصر.

 

إن غياب المفاهيم الواضحة المعاني والدلالات أو المضطربة , يساهم في صياغة التفاعلات السلبية المشوشة للرؤى والمعززة للمخاوف والتوجسات من الآتيات , وتجعل الشك سلطان وديدن ما يتحقق من تواصلات وما يترتب عليها من نتائج خسران.

 

فكأن الأزمة الحقيقية الجوهرية العاصفة في الحياة العربية هي مشكلة مفاهيم حياة  , وعندما تغيب هذه المفاهيم أو تتشوه فأنها تنعكس على الواقع اليومي , الذي تتوالد فيه وتعيش وتؤسس لمناهج تفاعلات.

 

والحضارات كافة لم تنطلق إلا من مفاهيم محددة ذات مشاريع توصلها لأهدافها المبينة في مفاهيمها , والتي يمضي على هداها حَملتها.

 

فالحضارة الإسلامية كانت ذات مفاهيم راسخة يتم التعبير عنها وفقا لمعطيات عصرها ومكانها , وبهذا التوافق الإدراكي أسست لحضارات متنوعة في أصقاع الدنيا المختلفة.

 

وفي أيامنا الحاضرة تجدنا في مآزق الدعوات المشوِّهة للمفاهيم والمُبلدة للمدارك , والمُساهمة في تأجيج العواطف والإنفعالات , التي تأخذها إلى جحيمات سلوكية لا تُرتجى منها قيمة حضارية أو إنسانية , مما يصنع واقعا غثيانيا مهلكا للجميع.

 

وعليه فلا بد من مراجعة المفاهيم , والإستيقاظ من نومة العدم والضياع , والتفاعل مع التحديات بمفاهيم تستوعبها وتتمكن من إبتكار السبل الكفيلة بتجاوزها , والخروج من أصفاد ومحن ردود الأفعال , إلى منطلقات المبادرة والإقدام.

 

ولا يتحقق هذا الوعي النهضوي الحضاري إلا بتفاعل عقول الأمة المدركة الرشيدة المقتدرة , وعملها الجاد والمجتهد في تحديد المفاهيم وتعريفها بوضوح , والإرتقاء بالمعارف الإجتماعية والإنسانية إلى مصاف العصر وما بعده , وما تتطلبه الأجيال من ميادين تستوعب تطلعاتها وما يتوقد في خيالها من أحلام منيرة.

 

فهل سيتمكن العرب من إعمال العقول ولجم العواطف في عصرٍ تصدّح فيه المَدارِك بالإبداع المطلق؟!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=61400
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 05 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12