من بين فكي الموت المحتم الذي كتب لزملائه الجنود والضباط، كتبت الأقدار النجاة للجندي عبد الهادي كريم سلمان (30 عاماً) من ناحية البطحاء التابعة لمحافظة ذي قار، والمنتسب لفوج الثالث لواء 38، بعد معارك ضارية خاضها أمام المجموعات الإرهابية ضمن قاطع تمركز اللواء عند جسر الثرثار وتحديداً عند ناظم التقسيم في محافظة الانبار، والذي عاد لأهله جريحاً يروي قصة مروعة عن حقيقة حادث افجع العراقيين وذكّرهم بمجزرة سبايكر الأليمة.
مراسل راديو المربد، التقى الجندي الجريح، وحدثه قائلاً "تعرضنا الى هجوم واسع من قبل المئات من المجموعات الإرهابية، وباغتونا بعربات مفخخة أسفرت عن استشهاد قائد عمليات الفرقة الاولى وآمر اللواء 38، الا انه استمر صمود رفقائي من المقاتلين حتى الصباح، حتى باتت المسافة بيننا وبين الإرهابيين قريبة".
مال سلمان برأسه ببطء نحو مراسل وواصل حديثه، "في اليوم التالي وبعد وصول قوة من التعزيزات العسكرية من قوات المشاة فقط، دون مشاركة دبابات ابرامز كما وعدوا، وبالتالي اشتبكت بعنف جميع القوات مع الإرهابيين، واستشهد على إثرها أمر الفوج مقدم حيدر مع وقوع عدد كبير من الجرحى من زملائه".
وأشار إلى ان عدد المقاتلين من زملائه بعد مساندتهم بالتعزيزات وصل نحو 500 مقاتل مع معداتهم من عربات الهمر والأسلحة المختلفة، لافتاً إلى ان قوة المشاركة العسكرية والتصدي للهجمات كانت للمشاة حصرا، اذ لم يتسن استخدام الإمكانيات والآليات الأخرى بسبب الاحتدام الشديد وقصر المسافة بين الجنود والإرهابيين.
لحظات توقف فيها الجندي الجريح عن سرد قصته، وعاد يكمل قائلاً "استخدم الإرهابيون العجلات الملغمة وأسلحة القناص ومدافع الهاون (57) بشكل كثيف ومتواصل، الامر الذي أنهك قوانا وشتت عددنا، حتى اضطررنا لتوجيه نداءات استعانة إلى القوات القريبة لكن دون جدوى حيث لم ترسل تلك القوات أي مساعدة".
وبينما تتواصل عليهم الهجمات، سقط سلمان على الأرض اثر أصابته بثلاثة رصاصات في مناطق مختلفة من جسمه، لكنه أصر على المقاومة والبقاء حياً حتى تمسك بإحدى العجلات المدرعة المنسحبة وقد أخذته الى مسافة وتمكن بعدها هو مع عدد من زملائه الجرحى الصعود في تلك العجلة وعيناه ترمق تارة الدخان المتصاعد من ساحة القتال وجثث زملائه تارة أخرى، كما روى.
الجندي الجريح تم اعادته الى مواقع عسكرية آمنة ومن ثم نقل الى مستشفى الكاظمية ومنه إلى مستشفى الحسين التعليمي في مدينة الناصرية ليلة البارحة، ليبقى شاهداً حياً يروى تفاصيل خافية عن الجميع أثارت العديد من التساؤلات لاستشهاد ثلة مستبسلة صمدت قرب ناظم الثرثار طويلاً بوجه الإرهاب الأسود.
المصدر : راديو المربد |