الأول : رئيس الوزراء العراقي .
اما الثانية : امرأة عراقية في العقد الخامس من العمر تقريبا ، عاملة نظافة في إحدى مؤسسات وزارة الصحة العراقية وتعمل بأجور يومية فانيةً سنين عمرها تُنظِفُ الأرضٓ تحت اقدام الاخرين في انتظار ان تحين اللحظة و يجعلوها موظفة على الملاك الدائم وهي تجهل أن عُمرها لن يسعفها وان قريناتها تقاعدن من الخدمة . تلك البائسة سمعتها يوما تقول وسط الفتيات وتُصْفق أكفها بحسرة ( ظل بنفسي صبغ الاضافر ولا مره اشتريت منه ولاصبغت اضافري ) تخيلوا أيةُ انوثةٍ زقها الله في جسدها دون ان تختار فحتى في صباها لمْ تَقدرْ أن تَقتَني أشياء النساء البسيطة و في اليوم التالي طلبتْ من زميلةٍ لي إهدائها قنينةَ الطلاء ورغمَ انها فرحت بها لكنها رفضتْ استعمالها وقالت ( بعد راح وكتها عيب هسه شتكول عليه الناس ) وراحت تدسها بشغف في غياهب جيبها ، ويبدو انها أخذتها لابنتها الصغيره فهي تُعيلُ عائلةً مكونةً من ولدٍ وفتاةٍ في المدرسة وايضاً لها زوجٌ كان قد جعلها تهرعُ وتركضُ مبتلةً في يومٍ ممطرٍ وعاصفْ ، وحينَ سألتُ رَفيقَتها الأرملة التي تشاركها العمل والبؤس ، عن سبب خروجها بهذا الشكل ، قالت إن زوجها معاقٌ ولا يستطيعُ الحركة وسقفُ دارهم يوشكُ على الانهيار وقد ذهبتْ لتخرجهُ من تحتهِ وتُودِعهُ في بيتِ أحدى الجاراتْ وتعودُ بعدها تمسكُ ممسَحتها وتُنَشّف الارضَ وثيابها كقلبها منقوع بالمطر مذّل الفقراء ،
ام مصطفى وصَلها الخبرُ الصاعق يومَ امس حين أبلغها المديرُ أنْ لا تأتي للعملِ يومَ غدٍ لأن الدولة العظمى قد استغنت عن خدماتهن جميعا بسبب التقشف وعدم وجود اموالٍ تكفي ! !
بالرغم من أن راتب احداهن الشهري هو مئةٌ وعشرون الف دينارٍ فقطْ ،
وكانت تكفيهنَ وعائلاتهن وهذا المبلغ هو سعرُ فردةُ حذاءٍ واحدةٍ تركية الصنع يقتنيها عنصرٌ في حمايةِ مسؤولٍ ما !!
بالأمس جَلستْ على كرسيٍ وفي يدها كوب شاي وفي الاخرى لفةُ خبزٍ لا أعرفُ مابداخلها وكنت أرقبها من بعيد ورأيتها تَقضمُ لقَمَتُها وتسرحُ طويلاً قبلَ أن تُحرِك فَكها لتَقطيع الطعام وكان الشاي يسيرُ بطيئاً ليصلَ فمها ، فهي لا تملك اسنانَ كافية لكنها كانت تأكلُ كثيراً في الايام السابقة، هذه المرة جلست مُطأطأة رأسها تُحمْلقُ في الارضِ لدقائق بين قضمةٍ واخرى . لا أعرف مالذي جَعلني أدْخُل
رأسها في تلك اللحظة وأتيهُ في عويلِ افكارها ورأيتُها تقول ماذا أصنع ؟
كيف سأعيش ؟ ولقد ذهبَ الحلمُ الذي أنتَظرتُه مراراً ؟ وهل ذَهبَتْ سنوات التعب والذل والاهانةِ سدى ؟
أكادُ أجزم انها استعرضتْ كلَ لحظاتِ عملها في تلك الساعة ، كيفَ صرخَ بها مديرٌ ما ؟ وكيفَ يُعْيِّرنها النسوة المتكبرات ؟ وكم أهانها ضِعافُ النفوس وكم إسْتَعلى عليها بعض الموظفين حين يأمرونها اوينهونها، هل من المعقول هكذا بجرةِ قلمٍ او بقرارٍ عَبرَ الهاتف
صُودِرت كل الجهود وذهبَ كلُ شيء؟ وماهو البديل ؟ هل سأقف في الشارع أستجدي الماره ؟
ام أعمل في السوق ؟
لكنْ كيف والعمرُ لم يبقي لي من الطاقةِ مايكفي للعمل ؟ أم أبيعُ جسدي ؟ !
لكن منْ يشتري جسدٍ مهتريءٍ ولا يطمعُ فيهِ غير ديدان القبور ؟
تقشفكَ يارئيسَ الوزراء لا يعني قتل الناس جوعاً ، ولنْ نَسمح لك بذلك ، سننتقدك ونهجوك حتى تنحج ،
ولن نَخدْعك بتقاريرَ مزيفةٍ لتَخُرج كسلَفك لاحقاً تعترفُ بالفشل وأنكَ خُدعتْ من مرؤسيك .
أفعل ما شئتْ وانقذْ هؤلاء الناس .
فما توَفرهُ من تسريحك الآلاف من هؤلاء المساكين لن يكفي لتسد رواتبَ وامتيازاتِ عشرةِ نواب ،
فأوقف سياستك او أرجوك ،
إقترض المال وأتركْ الحديثَ عن بناء الاقتصاد والترشيد ، وكلام الخبراء ،
أجعل العراق رهناً عقارياً لو شئتْ لكن لا تقتل الناس جوعاً ، فالعيشُ في وطنٍ مرهونٍ ومديونٍ خيراً من الموت جوعاً في بلدٍ اقتصاده يُبنى !
ثلاثون عاماً وحكومة البعث تقترض ولم يأتي الدائنون لاخراجنا من ارضنا فهل سيفعلوها اليوم ؟
كن حازماً في استرجاع الاموال المنهوبة . وكن حنوناً تجاه جمهورك كعطفكَ واغداقكَ على كردستان وعاملهم بكرمك كما هو على شرطةِ تكريت الذين ستصرف رواتبهم باثر رجعي !
مع الود والاحترام لكَ يا دولةَ الرئيس
وتأكدْ اني لا من دعاة التسقيط ولا من انصار المختارين بل عراقي فقط |