يعتقد البعض ، أن التمادي السعودي الاخير والذي وصل الى اوج طغيانه من حيث العبث بمقدرات الأمن الاقليمي لن يكون له من رادع... وذلك التصور جاء بحكم المعادلات الاقليمية والعالمية وموازين القوى التي تدير دفتها السياسة الاستراتيجية الأمريكية و ذهب البعض الى أن التحالف العربي الجديد يعكس حالة القوة والاقتدار التي استشرت وانبعثت من جديد في منظومة الأمن و التضامن العربيين والتي افتقدتها منذ غزو الكويت عام 1990 .
بيد أن المراقب الحكيم والذي يقرأ الاحداث والمواقف بعين استشرافية فوقية يرى ان هذا التحرك المجنون لا ينسجم مع ابسط المفاهيم الاستراتيجية ذات الابعاد العميقة خصوصا وان الجبهة المضادة -اقصد معسكر محور المقاومة- يمتلك من المقومات الاستراتيجية العميقة والبعيدة المدى ما يمكنه من ادارة الصراع بشكل حرفي ناجح خصوصا بعد ان اصبح زمام المبادرة الان بيده بسبب انكشاف المقدرات والنوايا والتخطيطات للمعسكر السعو أمريكي وكذلك فان محور المقاومة لا تزال لديه الكثير من اوراق المناورة الاستراتيجية هذا من جهة ومن جهة اخرى فانه لا يزال يحتفظ بحقوق واستحقاقات ميدانية اقرتها القوانين والاعراف الانسانية.. اضف الى ذلك فان محور المقاومة لايزال غير معني بكشف مدى مقدراته وقوته العسكرية والبشرية الاستراتيجية وذلك على عكس المعسكر الاخر والذي ألقى على طاولة اللعب بأغلب اوراقه العسكرية بدءا من الغزو الامريكي للمنطقة ومن ثم القاعدة ومرورا بداعش والنصرة ومئات الالاف من المرتزقة وليس انتهاء بعسكرة التحالف العروبي الجديد بل يمكن ان تكون هي الورقة الأخيرة في جعبته.
ان المتابع للمواقف الصادرة عن محور المقاومة والمعسكر المساند له من قوى الممانعة العالمية كروسيا والصين وفنزويلا وغيرها يجد ثمة ترابط عضوي في ابداء ردود الفعل المناسبة مع الاحداث من دون ضجيج او عنتريات وهذا يدل على مدى دقة هذا المعسكر في ادارة لعبة الشطرنج .. هم يفكرون في كيفية التمهيد لنقلتهم القادمة خصوصا وانهم يمتلكون من البيادق ما يتيح لهم تغيير انماط هذه النقلة وتعدد خياراتها الامر الذي افتقده الطرف الاخر بعد ان خسر كل بيادقه ويلعب الان على الرهانات الاخيرة (كش ملك).
وهناك مؤشرات واضحة في تقدم المحور المقاوم على اكثر من جبهة عسكرية وسياسية منها:
1- بروز تباشير معركة الحزم في تكريت والتي اضحى اعلانها كمنطقة محررة قيد الاعداد.
2- الوصول الى نقطة الأطباق الاخيرة على عدن ومجمل الجنوب اليمني على يد انصار الله الحوثيين ومحاصرة قوى التكفير من القاعدة وغيرها.
3- الاقتدار الايراني في خلق مقاربة في انجازها النووي والوصول الى نهاية النفق بجدارة ونجاح..
4- المحافظة على المنجزات الميدانية في الملف السوري .
5- المحافظة على الزخم الثوري الجماهيري في ملف البحرين .
6- القدرة على ابراز مظلومية الشعوب في فلسطين والمنطقة الشرقية وغيرها من المناطق.
إن الخطاب السياسي والديني الأخير للمؤسسة السعودية ينبئ بوضوح عن مدى تخبطها في ادارة الملفات حيث نجد ان السمة التعصبية العاطفية هي الغالبة على هذا الخطاب ... ولعل ما سمعناه اخيرا مما نسب الى المدعو (السديس) عميد الخطاب الديني في المؤسسة السعودية ماهو الا صرخة شيطانية تدعو الى الويل والثبور هاتفة بالعرب من شر قد اقترب فلقد عشعش ابليس في صدورهم وفرخ شره في روعهم ولقد اسقط مافي ايديهم من بقية عقل وحكمة وها هم يجرون المنطقة الى فتنة صماء لا تبقي ولا تذر .
لكن يبقى الرهان في الحفاظ على استقرار المنطقة معلقا في الثريا وهو الموضع الذي لا يناله الا رجال من فارس كما اخبر بذلك النبي الاعظم صلى الله عليه واله وسلم والامر لله من قبل ومن بعد بيده الخير وهو على كل شيء قدير.. |