• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : القاتل و المجتمع المقتول .
                          • الكاتب : بوقفة رؤوف .

القاتل و المجتمع المقتول

الشخص القاتل الذي يقتل شخص دون وجه حق كحالات الدفاع الشرعي أو تطبيق القصاص كتنفيذ حكم الاعدام مثلا وغير ذلك من الحالات المقننة , ليس له توبة من الناحية الشرعية على أحد الرأيين الفقهيين وعلة ذلك , ان التوبة مرتبطة بإرجاع الحق المسلوب أو اصلاح الخطأ المرتكب بينما القاتل الذي يرغب في التوبة لا يمكنه ارجاع الحياة للشخص المقتول ﴿  وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا   ﴾  النساء (93)  -

وجريمة القتل وان استهدفت شخص بعينه فهي تستهدف معه مجتمع بأسره , فان سقط قتيل واحد فسيسقط معه جمع غفير من حالة الرعب والخوف والرغبة في الانتقام , لذلك جاء القصاص ليعيد التوازن النفسي والاجتماعي للمجتمع بعد جريمة القتل التي حذرت الملائكة من تبعاتها قبل خلافة البشر :﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ  ﴾ البقرة (30)  -

ونحن هنا نقف مع آية تتحدث عن بني اسرائيل , ونحن المقصودين من هذه الاخبارية , كل البشر دون استثناء , للنظر للجانب الحضاري في الاية الكريمة , لنركز على ما وراء التشبيه , فقد شبهت  قاتل الفرد كأنه قتل جميع الناس ومن أحيا فرد كأنما أحيا الناس جميعا

﴿  مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾  المائدة (32)  -

وفي هذه الاية الكريمة هناك جريمتين , ركزنا على جريمة واحدة فقط و اهملنا تقنين الجريمة الثانية , و حتى وان قننت فتبقى شكلية حبيسة كتب الفقه والقانون التي لا تجد للواقع سبيلا  , الجريمة التي ركزنا عليها في الاية هي قتل النفس دون وجه حق اما الجريمة الثانية التي أغفلناها والتي تؤدي لنفس تبعات الجريمة الثانية وهي قتل جميع الناس بمعنى تدمير المجتمع , وتخريب منظومة قيمه , فتسقط الدولة وتتبعها الحضارة والجريمة هي الفساد في الأرض ﴿  الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ  ﴾   الشعراء (152)  -

وبالتالي فالقاعدة القرآنية التي نستنبطها من الاية الكريمة هي ان الافساد يدمر المجتمع ويسقط الدولة ويزيل الحضارة , وان الاصلاح يحمي المجتمع ويصون الدولة ويعمر الحضارة

وهذه القاعدة القرانية هي قانون سنني , دستور كوني معادلة  مجتمعية , لا حضارة دون دولة ولا دولة دون مجتمع , والمجتمع له أمراض كثيرة تصيبه , لكن هناك مرضان قاتلان فقط , هما القتل والفساد .
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=58734
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13