لا شك ان فوز اليسار في اليونان لم يكن بداية للتغيير في اليونان وحدها بل انها ستكون بداية للتغيير في اوربا كلها اي انه بداية مرحلة جديدة في اوربا
فوز اليسار في اليونان يعني انه فتح الباب امام اليسار الاوربي وهذه الحالة تذكرنا بانتفاضة الشعب التونسي التي فتحت الباب امام الكثير من الشعوب العربية للانتفاضة ضد حكامها الظالمين المستبدين وفتحت باب ما سمي الربيع العربي
لكن فوز اليسار في اليونان لا يعني ان الطرق امامه معبدة ولا بمجرد وصوله الى كرسي المسئولية يعني حلت ازمات البلاد وشفيت آلام ومعانات الشعب واصبح كل ما يريد الشعب تحت الطلب
فأمام اليسار والشعب اليوناني مرحلة صعبة تطلب تضحية ونكران ذات وبالذات من المسئولين الذين تصدروا المسئولية الذين اختارهم الشعب ووثق بهم
فأمام اليسار امتحان عسير وصعب جدا فليس امامه الا النجاح في تحقيق مهمته وكسب ثقة الشعب اليوناني بوضع الخطط المدروسة دراسة دقيقة والابتعاد عن الانفعالات والعواطف والنظر للامور بواقعية دقيقة وعقلانية رصينة واختيار عناصر نظيفة نزيهة لا تفكر في مصالحها الخاصة ومنافعها الذاتية اي تفكير يجب ان يكون كل تفكيرها وكل شغلها هو المصلحة العامة مصلحة الشعب ومنفعة الشعب
رفض اي سلبية اي خطأ حتى لو كانت غير مقصودة فاليسار الان في ظرف يتطلب منه ان لا يسمح لاي خطأ اوسلبية غير مقصودة لان اليساري منزه تماما من السلبيات والاخطاء المقصودة عليه ان يرفض المقولة التي قيلت من لا يعمل لا يخطأ فهذه المقولة بررت للسلبيين والمخطئين الاستمرار في الاخطاء والسلبيات وبالتالي النتيجة الانهيار لهذا يجب التحرك بسرعة لأزالة اي خطأ اوسلبية وانهاء اي اثر لها اي يجب الاسراع في ازالتها حال وقوعها لان استمرارها ولو لساعة يعني مقصودة وهذا يعني ان القوى اليسارية المسئولة بدأت تنحرف بدأت تفسد وهذا غير مقبول بل مرفوض وهذا ليس مستحيل بل امر ممكن اذا اشترك الجميع في تحمل المسئولية والتخلي عن الانانية وحب الذات وهذه الصفة الاساسية والميزة الوحيدة بالنسبة للانسان اليساري التي تميزه عن القوى والتيارات الاخرى والتخلي منها اي من هذه الميزة يعني التخلي عن اليسارية وكل ما يدعية مجرد كذب وافتراء وخداع ومثل هذا يشكل اكبر خطرا على اليسار والشعوب بل اكثر خطر من اعتى الوحوش البشرية
من الطبيعي ان فوز اليسار في اليونان لا يرضي الكثير من اللصوص ومصاصي الدماء وانهم لم ولن يقبلوا بذلك وسيعملوا بكل امكانياتهم وقدراتهم على افشال اليسار وتجربته بكل الطرق والوسائل لهذا على القوى اليسارية ان تتنبه لهؤلاء ومحاولاتهم المكشوفة وغير المكشوفة والرد بقوة لمواجهتهم والرد لا يعني باعلان الحرب وتسليح البلاد بل من خلال الالتزام بالقانون واحترام ارادة الشعب من خلال الالتزام بالامانة والنزاهة المطلقة والتضحية التي لا حدود لها للشعب يجب ان يسود التنافس بينكم حول من يضحي اكثر من يخدم اكثر
والويل لليسار وللشعب اذا ساد التنافس بين عناصره من اجل مصلحة شخصية ومنفعة ذاتية وكان فشل التجربة الاشتراكية واحزابها ومن يمثلها نتيجة لسيادة وغلبة هذه النزعة الحيوانية
لا شك ان فوز اليسار اليوناني قد اثلج وافرح كل اليسارين في اوربا وفي العالم وخاصة في الوطن العربي ومنهم اليساريون في العراق وعزز الثقة والامل في نفوسهم
كما ان فوز اليسار اليوناني عزز طموح كل اليسارين في العالم ورفع من معنوياتهم وجدد روح العزيمة والتفاؤل بالنجاح والفوز في اسبانيا في البرتغال في فرنسا في دول اخرى منها العراق
فالظروف ملائمة لليسار العراقي والقوى الديمقراطية ان تلعب دورا فعالا في انقاذ العراق والعراقيين من الحالة المزرية التي وصل اليها وذلك من خلال ما يلي
اولا وحدة القوى اليسارية والديمقراطية في تيار واحد جبهة واحدة
ثانيا ان يضم هذا التيار هذه الجبهة كل العراقيين من كل القوميات والاديان والطوائف ومن كل المحافظات والاقضية والنواحي في العراق
ثالثا ان يتفقوا على برنامج واضح وشفاف ويسعون لتنفيذه وتطبيقه
رابعا ان يكون هدفهم ترسيخ الديمقراطية ودعمها ويكون التنافس بينهم على تطبيق البرنامج وتنفيذ المهام والالتزامات وليس على الحصول على المصالح الشخصية والمنافع الذاتية