الرأي : الإعتقاد
الرأي: ما يراه المرء في الأمر
وجمعه آراء.
ويقال:فلان يتراءى برئي فلان إذا كان يرى رأيه ويميل إليه ويقتدي به.
والرأي يُفصَح عنه بالأقوال والأفعال.
ترى هل يجوز للشخص أن يذيع كل ما يراه , دون إعتبارٍ لما سيتسبب فيه رأيه من تفاعلات سلبية , خصوصا أولئك الذين يقودون ويتحملون مسؤوليات البلاد والعباد؟!
أتناول هذا الموضوع لوجود إنحراف خطير في فهمه وإستخدامه في زمن الديمقراطيات المستوردة , التي تريد أن توهم المجتمعات الغير ناشئة على التربية الديمقراطية , بأن حرية التعبير عن الرأي تعني , أن يندلق ما فيك من الأفكار والتصورات والإنفعالات والمشاعر السلبية بلا قيد أو شرط , على أنك بشر حرّ!!
ولابد من الموضوعية في تناوله , ولنبدأ بسؤال: كم من الإعلاميين والصحفيين وغيرهم , تم منعهم وطردهم من محطات التلفزة والصحف , التي عملوا فيها في الدول الغربية الديمقراطية , لأنهم قد نطقوا بما يجب أن لا ينطقوا به , وعبّروا عن حرية رأيهم؟!
هناك العديد منهم , ولا نريد أن نأتي بالأسماء , لكن بين فترة وأخرى تسمع عن وجه إعلامي أو صحفي قد مُنع , لأنه قد خرج عن سكة التعبير عن حرية الرأي المرسومة , أي أن هناك حدود وضوابط ومعايير للتعبير عن الرأي.
فلا يمكن للكاتب في الدول الديمقراطية أن يتناول موضوعا يخل بشرف الوطن والمواطن , ويدّعي إنه تعبير عن الرأي.
وما يحصل في صحفنا ومواقعنا - إلا القليل منها- لا يمت بصلة لحرية التعبير عن الرأي , بقدر ما يُشعر القارئ بأنها سوح تخاصمات وشتائم وعراك , وميادين إنفعالات وعواطف سلبية متأججة , بلا قيمة معرفية وثقافية إيجابية , ومعظمها تتناول الأشخاص , وترمي بجام غضبها عليهم , لغايات في نفس ألف يعقوب ويعقوب.
فالتعبير عن الرأي يجب أن لا يتجاوز بعض الخطوط , التي قد تتسبب في إنهيارات إجتماعية وسلوكية وتؤذي البلاد والعباد.
كما يجب أن تكون هناك معايير وطنية واضحة يتفق عليها أصحاب الرأي , ولا يجوز الإعتداء عليها , كسلامة وسيادة وأمن وإستقرار الوطن , والحفاظ على حقوق المواطن وعدم السعي لإشاعة التنافر والتشظي الإجتماعي , وغيرها من الضوابط التي لا يُسمح بالمساس بها بذريعة التعبير عن الرأي.
فالرأي الحر لا يعني الرأي المنفلت , وإنما الرأي الصالح الموزون , الذي يهدف إلى إصلاح حالة تتعارض مع مصالح الوطن ومواطنيه , فيتصدى لها بالتحليل والدراسة والتقويم وتقديم المقترحات والخطط النافعة.
أما أن يكون التعبير عن الرأي إعتباطيا , فهذا يمكن تسميته أي شيئ آخر عدا حرية التعبير عن الرأي.
ويبدو أن هناك في المجتمعات الديمقراطية , بعض السلوكيات المقصودة , لإيهام المجتمعات الحديثة العهد بالديمقراطية , للإقتداء بها على أنها من معالم حرية التعبير عن الرأي , لتأجيج العواطف والمشاعر , وزرع الفتنة والبغضاء بين الناس.
وعلينا أن نتذكر أن الكلمة الطيبة صدقة , وتنبت طيبا , والخبيثة تأتي شرّا!!
|