يَفِد الى مدينة كربلاء وغيرها من الأماكن المقدسة في المناسبات الدينية الملايين من الزائرين ، تلك البقع المباركة التي لها الأثر البالغ في نفوس اتباع أهل البيت \"عليهم السلام\" فتلك المراقد والأماكن ترعٌ من النعيم ،ولا يكاد الناظر الى تلك الجموع ينقضي عجبه من كثرة ما يرى من الطيب والكرم والتفاني في طريق السائرين ، ممن وفقهم الله تعالى للمشاركة في خدمة الزائرين ممن وفقهم الله تعالى ايضا في المسير رغم تهديد المخالفين والناصبين العداء لأهل البيت \"عليهم السلام\" ، ففي كل عام نسمع حملات دعائية مقصودة ومكشوفة الأهداف والغايات للوقوف بوجه هذه الشعائر المقدسة .

وفي المقابل لا ينقضي الحديث ايضاً عن الآداب التي يُلزم أن يتحلى بها الزائر والموالي الحقيقي ، والالتزام بالأخلاق يشمل عناوين كثيرة فكثيرٌ من المراقبين والمتتبعين للمشهد الديني والاجتماعي والثقافي يفهم ما اعنيه وما اأتحدث عنه .

ذكر العلماء بعض الأحاديث في آداب الزيارة والمشي لمرقد أبي عبد الله الحسين \"عليه السلام\" أن في المشي اظهاراً للشوق وعظيم المحبة والتي من اجلها يتجشم الزائر كل ما في المشي من صعوبة ومخاطر ومشاق ، وفيه ايضاً اظهار لشوكة التشيع وقوته وتماسك اتباعه وتمسكهم بولائهم لأئمتهم \"عليهم السلام\" .

وفي كل ذلك يلزم مراعاة حالة التأدب بالآداب الشرعية ، لا اثناء الزيارة والمشي فحسب بل في كل الأوقات وفي حالة العودة ، إذ لا بد على الموالي الحقيقي أن يتخاق في اثناء طريقه الى زيارة قبر الحسين وباقي الأئمة \" صلوات الله عليهم\" بل في مطلق أيام حياته بمكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ، وليضع أمام ناظريه أن جميع اقواله وافعاله وتصرفاته تنعكس على مذهب أهل البيت \"صلوات الله عليهم\" سلباً أو ايجاباً .

إن الحفاظ على سمعة وكرامة وعزة المذهب هي مسؤولية الجميع لا سيما العلماء والمثقفين من أتباعه ومن يرتقي المنبر الحسيني على وجه الخصوص ، فينبغي عليه التنبيه والارشاد في عدم التهاون في إقامة الواجبات وحفظ اللسان والعين والأذن ، وأن لا يقتصر من يرتقي المنبر على اثارة العاطفة لدى الناس فحسب .

قال الامام الصادق \" عليه السلام\" لنفرٍ من الشيعة في زمانه : ( معاشر الشيعة كونوا لنا زيناً ، ولا تكونوا علينا شيناً ، قولوا للناس حسناً ، واحفظوا السنتكم وكفوها عن الفضول وقبح القول ) .

ومن الأخلاق والآداب المحافظة على نقاوة الشعائر وصفاتها ونزاهتها وخصوصاً في القضية الحسينية وعدم ممارسة وادخال ما لا يمت بصلة الى تلك القضية الخالدة ، فحريٌ بالزائرين أن لا يضعوا أمام نواظرهم غير الإمام الحسين واخلاقه في مطلق حالاتهم وفي أيام حياتهم وأن يُعين غنيهم فقيرهم ويوقر صغيرهم كبيرهم وأن يعين قويهم ضعيفهم ، وأن تسود بينهم روح المودة والألفة والتراحم هذه في المسير والزيارة الى حين وصولهم واثناء رجوعهم واستمرارهم في وظائفهم واعمالهم ، لينظر الله لهم بعين رحمته ، ويشملهم بلطفه بأن يجعل كلمتهم العليا على من خالفهم وعاداهم .