زارني في العاشر من محرم الحرام هذا العام ضيوف كان أحدهم من الديوانية رجل تبدو عليه سيماء الصادقين فقال : ذات يوم ذهبت الى احد الاطباء المعروفين في المحافظة ( يعني محافظة الديوانية) وبعد المعاينة والفحص وكما هي العادة خرجت ومعي (الوصفة) وبجوار العيادة صيدلية قد اشتهرت بغلاء الاسعار فتجاوزتها متعمداً وذهبت الى صيدلية أخرى قريبة منها وعندما قرأ الصيدلاني الوصفة إعتذر لي وقال أعتذر لا استطيع قراءتها وقلت في نفسي تلك حكاية كل الاطباء في كتابتهم للوصفات فهم لا يعيرون اهتماماً لخطها ، فذهبت الى الآخر ولم يختلف جوابه فأخذتني الحيرة وتثاقلت من الأمر إذ في كل مرة يستطيع الصيدلي قراءتها ومن أول مرة فما لهم اليوم ؟! أما يكفي ما بي من علة حتى أقع في هم البحث عمن يجيد قراءة وصفة الطبيب ، تخلصنا من عناء البحث عن الأدوية لنقع في مشكلة الخط هذه المرة ،إنها وساوس وافكار راودتني وانا اتلفت يميناً وشمالاً عن صيدلية ثالثة وفي هذه الأثناء اقترب مني أحد رجال المرور وكان يراقبني على ما يبدو فقال لي : لا تتعب نفسك لا يستطيع احد قراءة هذه الوصفة الا ان تذهب الى تلك الصيدلية التي بجوار عيادة طبيبك !! ولماذا ؟ اذهب وسترى ، وهذا ما كان بالفعل لقد اكتشفت أن طبيبي المحترم يكتب الادوية على شكل رموز لا يحل شفرتها الا صيدلاني واحد هو ذلك المشهور بغلاء أسعاره وهو شريكه في الصيدلية ومن يدري لعل الصيدلي مجرد أجير عند الدكتور الفاضل !!! في السابق كان الطبيب حين يحيلك الى المختبر يثبت لك التحليل الذي يريده على وصفته الخاصة به لتختار أنت أي مختبر ، أما اليوم فعند كل طبيب استمارات خاصة بسونار معين ومختبر تحليلات معين وعيادة اشعة معينة وانت حين تاخذ هذه الاستمارات تكون شبه مجبر على ارتيادها بعينها بعض الاطباء يفعلون ذلك باتفاق وآخرون بحسن نية نتيجة الصداقة او العلاقة او اطمئنانهم الى حسن الاداء لهذا المحتبر أو ذاك ، نخشى أن نصل الى مرحلة الرموز كما فعل صاحبنا في الديوانية فعالم اليوم حوَّل الكثير من قيم حياتنا الى مفاهيم تجارية تعتمد مبدأ الربح أو الخسارة في جني المال . اعاذنا الله والقارئ الكريم من شرور أنفسنا إنه سميع الدعاء . |