لم اكن أعتقد ان عدد حالات الانتحار في العالم قد تصل الى أكثر من 800 الف في العام وفي كل
40 ثانية هناك شخص ينتحر في مكان ما . مما يتفق مع الحقائق، التي سجلت سابقا بأن شخصا واحدا على الأقل يحاول التخلص من حياته كل ثلاث ثوان . قراتها أرقام إنما هي تتحدث عن إنسان
في مكان ما ضاع من بين أيدينا وسلمناه لعجزه وضياعه ثم قلنا انتحر هكذا ولم نفكر لحظة
قبل ان تقول له هذا حرام وحلال ان نفكر بطريقة ربما تساعده على المضي بحياته مهما كانت ونمد له يد العون . فالله عز وجل يعلمنا أننا جميعا ً ضعفاء وهذا الضعف يتلون ويتشكل في اجزاءنا وابعادنا فكان التخفيف أولى من التأديب في حالة الضعف( ... يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا. ..) من القرآن الكريم وفي المسيحية نصائح تصغر امور العالم لإنها مهما تضخمت امامنا الأشياء فهناك ما هو الأفضل الحياة والرعاية الربانية ( ..والذى ينتسب لأمور العالم الحقيرة يصغر معها ...) .
حتى غاندي كان عندما تستعصي عليه مسألة فكان يلجا لكتابه المقدس حسب عبادته ويبحث عن اية من النور في داخله لتعينه . الله ينظر للنية ويعين النفس المخلصة التى تريد تنفيذ وصيته .
من هنا أيها الناوي للإنتحاراجعل لي فرصة للتحدث معك ثم فكر قليلاً وقلب الموضوع في ذهنك
سأتحدث عن مشاعرك ومعاناتك ونيتك ربما أستطيع لتتمكن ان تضعها على الطاولة وانظر إليها وإليك القرار .. ربما خيارك الداخلي للإنتحار طفى فوق السطح ونشطت نيتك في ظروف صعبة فلم تجد إلا هذا الخيار الوحيد ( الإنتحار) فتمهل معي .فأنت فقدت الاهتمام والسرور وانزويت وفقدت الأمل وأصابك اليأس وشعرت بالكأبة . او ربما فقدت القدرة على المبادرة وانخفضت مستوى قدراتك واحسست بتشويش في تفكيرك . او واجهت صعوبات في علاقاتك الشخصية والإجتماعية أو فقدتها ولم تحافظ عليها . او ربما اصبحت لا مبالي وانعدم من داخلك الطموح والأمل لإن الهموم
جعلتك تبكي على الماضي الأليم ويحاصرك الخوف من المستقبل وأصبحت تصيح وتتأوه من أوجاع الحاضر . و شعرت ان الأخرين لا يقبل بك إما لضعفك الجسدي او المالي او الطبقي او التعليمي . او ربما فشلت في دراستك ولم تجد مهنة تناسبك او في حبك او ربما لديك الكثير مال وجاه وعز إنما الفراغ يأكل من حياتك او ربما تحب الحياة ولا تريد الموت إنما جانب الإستسلام أقوى عندك وأخيرا او تشعر بالذنب ربما تسمع لإولئك الذين يدعونك للإنتحار فكيف تصدقوهم .
أيها الإنسان إينما كنت ضع على طاولتك ورقة جديدة مع الأوراق السابقة لا يهم واذكر بها هدفاً جديدا مهما صغر او كبر حتى ولوكان برنامج لتنظيف غرفتك امنح الهدف الجديد فرصة للعيش عن طريقك انت لا تنتظر من اولئك الذين خذلوك ان يستحقوا مساحة من الذهن تدفعك لعدم التحمل
بل ضع نية جديدة وتبدأ من عبارة الحياة هبة من الله تستحق أن نعيشها او إذا اردت فقل أنا أستحق العيش من جديد فلقد فشل اديسون في هدف واحد 999 مرة ولم ينتحر وانا اعتقد ان تجاربك التي تعتقد انها فاشلة لم تصل لهذا الرقم لان كلمة الفشل هي في قواميس من يريدون منا هذا بل هي تحديات واختبارات على معرفتنا ونوايانا وابعادنا . ورقتك الجديدة ضع عليها لونا منك وهو إني أثق بنفسي وتأكد هنا الإرادة للعيش تنبع فأنت تستحق الحياة مهما كانت تتلون وتتقلب
هي ( الدنيا ) تريد ذلك فأنت تعاكسها لإن شجاعتك وقوتك تمدك بالاستمرار فلعبتها بالتقلب مع اي شخص ليست انت فقط ولو اختلف اسلوبها . اما مشاعرك السلبية ابحث عن تفريغها وانت المسؤول وهذا ايضا هدف جديد لإن الأرض هي ام الجميع والسماء مظلة الجميع فانبذ افكارك الإنتحارية ويكفيها أنها كانت في داخلك كالحب الفاشل فكرامتك تسبقك وتقول له اخرج من اي باب فأنا قادر على التجديد و لاتصدق افكار الدونية لإن الجبل فوقه ما هو اخف منه إنما هو فوقه السحاب والعصفور والنسر ... الخ .
فنحن خلقنا أطياف قبل ثقل الجسد لكي نحلق بالكون الفسيح في عقولنا ونبحث عن اهداف وجودنا لان امتدادنا ليس فقط جسد ووعاء فنحن عقل ونفس وروح تروح الى الاعماق وتغوص في الاكوان تسرح في الممكن والمحتمل تشرب من لذة ما وراء المعرفة ليأتي اليوم الذي نعرف فما الموت الا حلقة للوصول الى بزرخية الوجود ثم الوقوف على الجنان نعم نحب الحياة وملحها كثير نعم نرغب الحياة وجراحها غادر فلا بأس فلا بأس فلقد أتينا لها ولكن أتينا لنسافر عبر تجاربها المرهقة نسافر من قاطرة الى اخرى رغم ان دخان القاطرة قد يخنق لا بأس هو تعب جسد انما الروح والعقل تمتطي النفس والجسد وتقول له رويدا انت مكتوب في الاقدار ومكتوب في الاسرار ومكتوب في اللوح المحفوظ فاصبر قليلآ لان الابتسام في يوم سرمدي يوم نقف به امام العلي امام جمال لا يوصف ولا يحاط بعقل ولا يخطر على بال البشر يوم نلقى الله عز وجل هذا اليوم الا يستحق الا نتنحر ونخرج بطريقة انسانية عادية فنحن نتألم اذا تألم أخر فكيف نسمح للنفس ان تنتزع من وجودها باسم الانتحار لندع قانون الحياة الطبيعي يسير بعدالة ولا نبحث عن الهروب والكروب فما هي الا رحلة تستحق ان نعيشها لان الحياة هبة من الله تستحق ان نعيشها أملا بلقاء لا يعرفه الا الله عنا
فمن عرف ربه عرف نفسه |