• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أمريكا نادمة على انسحابها من العراق .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

أمريكا نادمة على انسحابها من العراق

أدخلت أمريكا وحلفاؤها من الحكام العرب منظمات الإرهاب إلى سوريا ، لغرض تغيير المسار السياسي السوري ، وتحويله إلى مسار الدول الأقليمية التي تعادي المقاومة وتعترف بإسرائيل ، فكانت داعش والنصرة والجيش الحر و... و... وكلها تعمل لتحقيق هذا الهدف ، وتبّنى الأعراب الخليجيون هذه المنظمات تمويلا وتسليحا ودعما لوجستيا وإعلاميا ، وكل منظمة إرهابية تابعة إلى أحد المحورين للدول الخليجية ، بعد أن انقسمت هذه الدول إلى محور سعودي أماراتي بحريني ، ومحور قطري تركي ، أما أمريكا والغرب ومعهم إسرائيل فيدعمون المحورين ، لأنّ كليهما في خدمة الأهداف الصهيونية الأمريكية ، علما أن الحكومة الأمريكية هي أيضا في خدمة الصهيونية . 
خرجت أمريكا من العراق بعد أنْ احتلته في ( 2003 م ) ، بجهود الشعب العراقي وجميع السياسيين الوطنيين من غير المرتبطين بأجندة دول خارجية ، ومن خلال تدقيق السلوك والتصرفات الأمريكية بعد الإنسحاب رأينا مؤشرات الندم ظاهرة على مسار السياسة الأمريكية بسبب انسحابها من العراق ، والظاهر أنها اتخذت قرار العودة ، فبعد أن خرجت من الباب تريد اليوم الدخول من الشباك بدفع من الحكام العرب حلفاء أمريكا وإسرائيل ، لغرض ترتيب مشروع تقسيم العراق ، أو تدميره على أقل تقدير حتى تقر عيون إسرائيل ، فجاء القرار الأمريكي الصهيوني الأعرابي بتسليم الموصل إلى داعش من غير قتال ، بالتعاون مع عناصر عراقية عسكرية وسياسية محسوبة على الخط  البعثي أو الطائفي المرتبطين بأجندة دول خارجية .
إحتلت داعش الموصل بعلم أمريكا وتحت إشرافها لتحقيق عدة أهداف ، لكن هناك عقبة كبيرة في طريق تحقيق الأهداف الأمريكية في حالة بقاء المالكي رئيسا للوزراء مما جعل هدفهم الأول ، إبعاد المالكي عن الترشيح لدورة ثالثة ، لأن بقاء المالكي على رأس السلطة التنفيذية عرقلة للمشروع الأمريكي ، فوضعت خطة استبدال المالكي أو تدمير العراق في حرب أهلية طائفية تفرض بالقوة ، استوحى المالكي هذه النوايا فكان قراره بإعلان انسحابه من الترشيح خوفا على العراق ، لأنه أدرك حجم المؤامرة ، فوافق المالكي أن يجار عليه بدل الجور على العراق ، فأعلن من خلال وسائل الإعلام إنسحابه من الترشيح ، فاحتفلت داعش بهذه النتيجة ، وعلى أثر ذلك تغيرت خطتها في التوجه إلى بغداد ، وربما صدرت الأوامر بتغيير خطة داعش من أمريكا والدوائر الخفية التي تشرف على اللعبة ، وللعلم إنّ بغداد عصية على داعش وأعوانها ، لكن الغرض كان توفير مبررات حرب أهلية داخلية على غرار ما يجري في ليبيا ، أو خلق سوريا ثانية في العراق .
أمريكا تناقض نفسها ، فهي تطلب الحرية والديمقراطية لشعوب ، وتحجبها عن شعوب أخرى لأجل مصالحها ومصلحة إسرائيل ، فيما يخص ترشيح المالكي الذي جاء باختيار الشعب العراقي ، لم تطبق الآلية الدستورية في عزله ، إذ يفترض حسب الضوابط الديمقراطية أنْ يتم أسقاط  ترشيح المالكي من خلال التصويت داخل مجلس النواب ، وفي حالة عدم حصول المرشح سواء كان المالكي أو غيره على الأصوات التي تؤهله ليكون على رأس الحكومة ، ينص الدستور على ترشيح شخصية أخرى ، لكن هذه العملية لم تتم ، بل جرت على طريقة الكاوبوي الأمريكية ، وهذا هو التوحش العولمي الذي تبشر به أمريكا .
لقد تم لأمريكا ما أرادت ، وأُبعد المالكي عن استحقاقه الإنتخابي بقوة الظروف التي خلقتها أمريكا ومحورها ، فتنازل المالكي عن حقه الدستوري من أجل العراق والعملية السياسية التي أريد لها أن تموت ، وبذلك فوّت الفرصة على أعداء العراق الذين أرادوا استغلال الظرف للتخريب والتدمير ، وبتنحي المالكي عن الترشيح دخل الفرح نفوس أعداء العراق وأعداء العملية السياسية ، وكذلك دخل الفرح الغامر نفوس السياسيين المنافسين ، بعد أن تحقق لهم ما أرادوا ، فسال لعاب الجميع للفوز بمنصب رئاسة الوزراء  . 
كانت خطوة حجب المالكي عن استحقاقه الإنتخابي نقطة الإنطلاق في طريق تنفيذ المشروع الأمريكي ، لكن ترشيح الدكتور حيدر العبادي ولد القلق عند الأمريكان وحلفائهم ، لأنّ العبادي والمالكي ينتميان لنفس المدرسة ، وإننا كمواطنين مطمئنون إنْ شاء الله تعالى أنّ العبادي ومن معه من السياسيين الوطنيين غير المرتبطين بأجندات دول خارجية ، سيفوتون الفرصة على أمريكا ومحورها وأعداء العملية السياسية الذين يخططون لعودة النفوذ الأمريكي مجددا ، من أجل تخريب العراق على غرار ما يجري في سوريا وليبيا ، أو على الأقل إفشال العملية السياسية .
المراقب للسلوك الأمريكي أثناء تسليم الموصل إلى داعش وبعده ، لا يجد صعوبة في كشف وجه الصلة بين دخول داعش إلى الموصل والمشروع الأمريكي المعد للعراق ، عندما دخلت داعش الموصل ، على الفور أعلن أوباما وكأنه على موعد مع الحدث ، أنه سيشكل حلفا دوليا لقصف داعش من الجو ، وستستغرق العملية حسب قول الرئيس الأمريكي ثلاث سنوات ، وهي المدة المتبقية لرئاسته .
أوباما في تصريحه المفضوح هذا كأنه أعطى لداعش فيزا دخول لمدة ثلاث سنوات كي ترتب أمريكا أوراقها ، وهناك من المسؤولين الأمريكيين إدعى أن أمريكا تحتاج إلى ثلاثين سنة كي تقضي على داعش بالتعاون مع الحلف الدولي ، وقد صاحبت تصريحاتهم هذه التي نشم منها النفس الصهيوني ، تهويلا إعلاميا لداعش حتى جعلوا منها الوحش الذي لا يقهر ، وأخذوا يصورون داعش وكأنها دولة عظمى لا أحد يستطيع الوقوف بوجهها سوى أمريكا وحلفها .
 هذه السنيورهات الأمريكية تريد من ورائها دعوة رسمية عراقية لدخول قواتها من جديد إلى العراق ، والغاية ترتيب الوضع العراقي على ما هي تريد ، لا على ما يريد الشعب العراقي ، كي تقدم الدعم إلى حلفائها داخل العراق وإلى منظمات الإرهاب التي تقاتل في سوريا نيابة عنها وعن إسرائيل ، لقد أدرك العراقيون هذه اللعبة الجديدة ، فأعلنت الحكومة العراقية برئاسة العبادي رفضها استقبال أي قوات برية أجنبية ، وما على الحكومة الأمريكية إنْ كانت جادة في مساعدة العراق ، إلا أن تفي بالتزاماتها ووعودها التي نكلت بها ، ومنها التزامها بتسليح وتدريب الجيش العراقي حسب إتفاقية الإطار الستراتيجية ، لكن الحكومة الأمريكية ترفض تسليح الجيش لحد هذه الساعة ، رغم الإتفاقيات المبرمة بين الطرفين ، وهذه حقيقة يعرفها الشعب العراقي وشعوب العالم .  
بات مكشوفا إن أمريكا نادمة على انسحابها من العراق ، وربما استجدت أهداف لم تكن موجودة في الحسابات الأمريكية سابقا ، لان اللوبي اليهودي الصهيوني هو من يملي على الحكومة الأمريكية سياستها ، لهذا السبب دفعت أمريكا ومعها حكام الشر الأعراب داعش لدخول الموصل بالتعاون مع خونة الشعب العراق من سياسيين وعسكريين ، وحواضن عشائرية متخلفة تلهث وراء الدولار الخليجي ، خلقت أمريكا داعش وأعطتها الضوء الأخضر لدخول الموصل لتحقيق عدة أهداف منها تقسيم العراق أو تحويله إلى ساحة للقتال على غرار ما يجري في سوريا وليبيا ومناطق أخرى في المنطقة ، وترغب أمريكا أن يستمر الصراع في العراق لسنوات من أجل تحقيق أهدافها وأهداف الصهيونية ، وعبّر عن هذه الرغبة الرئيس الأمريكي أوباما وعدد من المسؤولين الأمريكيين .
 بناء على هذه المعطيات والمؤشرات ، أرى تصريح(محمد رضا نقدي) قائد التعبئة الشعبية التابعة للحرس الثوري الإيراني لوكالة شفق نيوز الإعلامية : 
(( إن السفارة الأمريكية في بغداد هي مركز قيادة داعش )) أراه واقعيا .
في يوم  ( 15 / 11 / 2014 م ) زار رئيس الأركان الأمريكي مارتن ديمبسي بغداد وأقر ببطولات الجيش العراقي في تحرير أرض العراق من داعش ، وإذ نتكلم عن بطولات الجيش العراقي ، لا ننسى قوات الحشد الشعبي بكل فصائلها في دعم الجيش العراقي لتحرير أرض العراق الطاهرة ، وقد جاءت وقفة الحشد الشعبي التي أفرحت أصدقاء الشعب العراقي وأغاضت أعداءه ، استجابة لفتوى المرجعية في الجهاد الكفائي ، هذه الوقفة الشجاعة للحشد الشعبي أقلقت الحكومات التي صنعت داعش ودعمتها ، ومنها حكومة الأمارات والسعودية وقطر وتركيا ودول أخرى حاقدة على العراق وشعبه .
على أثر زيارة ديمبسي إلى بغداد ، أعلن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل أن ديمبسي إذا أوصى إرسال قوات برية إلى العراق ، فستقوم أمريكا بإرسال هذه القوات ، لأن أمريكا تخشى على مصالحها من داعش خاصة في أوربا ، كما أعلن أن القضاء على داعش يتطلب سنوات ، أما أوباما الرئيس الأمريكي فقد أتحفنا بمعلومة جديدة ، إذ بشر شعوب المنطقة أن داعش قد تحصل على سلاح نووي ، أو أسلحة ستراتيجية أخرى ، وفي هذه الحالة سترسل أمريكا قوات برية مقاتلة ، وهذا هو الهدف من لعبة داعش الأمريكية الصهيونية الخليجية . 
لو وقفنا قليلا مع تصريحات المسؤولين الأمريكان منذ إدخال داعش إلى الموصل ومهمتها التي كلفت بها وإلى يومنا هذا ، لنشخص بعض المؤشرات التي نستوحيها من هذه التصريحات ، أرى أن أوباما في آخر تصريح له بعد زيارة ديمبسي إلى بغداد وكذلك تصريح وزير دفاعه تشاك ؛  يتكلمان وكأن العراق ولاية أمريكية ، فلا يوجد شعب ولا حكومة ولا سيادة ، إنما مجرد أن يوصي ديمبسي إرسال قوات إلى العراق فستقوم أمريكا بإرسال هذه القوات ، التصريح خالٍ من اللياقة ، ألا يفترض أن يقول مثلا نتشاور مع الحكومة العراقية لإرسال قوات إلى العراق ، التصريح يوحي إنّ قرار إرسال قوات برية قرار أمريكي بحت ولا شأن للعراق بذلك ، وهذه هي الوقاحة الأمريكية .
 ونستوحي أنّ المسؤولين الأمريكيين يصورون داعش في الإعلام ، موجودا خارقا وكأنه نزل إلى الأرض من الفضاء الخارجي ، ويستخفّون بعقول الآخرين الذين يعرفون داعش منظمة إرهابية خُلِقت من قبل أمريكا ومحورها كغيرها من منظمات الإرهاب الأخرى ، وجميع منظمات الإرهاب هي وليدة الفكر الوهابي التكفيري المدعوم من أمريكا وإسرائيل ، وممولة من دولارات نفط الخليج بعلم ودعم الحكام العرب ، لكنهم يصورونها الوحش الذي لا يقهر والذي يهدد العالم ، أعطوها حجما أكبر من حجمها الحقيقي ، ويتجاهلون أو يتغافلون الفكر المنتج للأرهاب ، وقنوات الدعم الخليجية الداعمة له ، التهويل الإعلامي الكبير لداعش جزء من المشروع الأمريكي الصهيوني المعد للعراق وسوريا ، كي يخلقوا الحجج والمبررات للتدخل وفرض المشروع الذي يريدون .
 المؤشر الآخر الذي نستوحيه من تصريحات المسؤولين الأمريكيين ، أنهم يريدون العودة إلى العراق عسكريا تحت أي ذريعة ، ولهذا السبب أخلّوا باتفاقات تسليح الجيش العراقي ، تصريح أوباما أنّ داعش ربما ستحصل على سلاح نووي ، مؤشر خطير يؤكد أنّ أمريكا هي حاضنة لداعش ، وتريد تجهيزها بسلاح فتاك ، إن لم تحقق داعش الأهداف الأمريكية بما تملك الآن من أسلحة ، وإلّا كيف ومن أين تحصل داعش على سلاح نووي؟ والعالم يعرف مثل ما يعرف أوباما إن الدول التي تمتلك النووي معروفة ومحددة ومنها أمريكا وإسرائيل ، كلام أوباما يوحي أن أمريكا تنوي تزويد داعش سلاحا فتاكا تحقيقا لأهدافها ، أو أنها ستتخذ من هذه الفبركة ذريعة مثل ما فعلت مع صدام للتدخل الواسع في العراق وسوريا بحجة امتلاك داعش سلاحا فتاكا ، ولا زلنا نتذكر كذب أمريكا عندما أدعت على العراق أيام الطاغية صدام مثل هذا الإدعاء ، لتبرير عدوانهم واحتلالهم للعراق .
 هذه المؤشرات توحي أنّ أمريكا تخطط  شيئا للعراق وسوريا والمنطقة ، بعد أن عجزت مخالبها مثل داعش ومنظمات الإرهاب الأخرى من تحقيق الأهداف الأمريكية ، ونستوحي من سلوك أمريكا فيما يخص العراق أنها نادمة لانسحابها منه وتريد العودة إليه عسكريا تحت أي ذريعة ، لتحقيق عدة أهداف وليس هدفا واحدا ، ومن ضمن هذه الأهداف الضغط على إيران عن قرب ، وهذه رغبة إسرائيل ودول الخليج أيضا الداعمين للأرهاب . 
إننا على يقين أن الشعب العراقي وقيادته الوطنية ستفوت هذه الفرصة على أمريكا وحلفها الشيطاني ، وسيطردها الشعب العراقي كما طردت سابقا .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=54134
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 11 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15