بعيداً عن السجالات الكتابية والنقدية والتهكمية ، لو تطرقنا الى مرحلتين مفصليتين من تاريخ هذه الأمة أدت في تداعياتها الى ظروف آلت الى مواجهة بين معسكرين أحدهما مع الحق وداعياً له والآخر مع الباطل ومناصراً له ، المرحلة الأولى معركة بدر التي خاضها النبي الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم )وأصحابه البدريون ضد قريش والمرحلة الثانية ملحمة الطف التي خاضها الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه الميامين ضد بني أمية وسلطنا الضوء على الأصحاب في كلتا الواقعتين لوجدنا أن أوجه المفارقة واضحاً جلياً بين الأصحاب في بدر والأصحاب في كربلاء ويمكن إجمال اهم تلك المفارقات :
1- الأصحاب في بدر كانوا يقاتلون ونبيهم بين أظهرهم بينما في كربلاء كان الأصحاب يقاتلون مع إبن بنت نبيهم وبطبيعة الحال لآبد أن تكون درجة التفاني في الأولى أبلغ من الثانية
2- كان هناك حضور ومشاركة للملائكة في نصرة الأصحاب في بدر لوجود النبي الأكرم (ص) معهم وهذا يخلق نوع من الشجاعة المضافة لدى المقاتلين ، بينما في كربلاء كان الأصحاب وحدهم من يواجه معسكر بني أمية .
3- عدد الأصحاب في بدر ثلث عدد عسكر قريش بينما عدد الأصحاب في كربلاء لايتجاوز سبعون نفراً في قبال آلاف من عسكر بني آمية وهذا بطبيعة الحال له الدور المهم في الحالة النفسية للمقاتلين .
4- الأصحاب في بدر كانوا أمام خيارين أما الشهادة وضمان الجنة كما قال لهم النبي (ص) أو النصر المؤزر والحصول على الغنائم ، وهذا يعطي أملاً بالنصر والفوز بغنيمة ، أما الأصحاب في كربلاء كانوا على يقين بأنهم سوف يقتلون ولا خيار دون ذلك .
5- الأصحاب في بدر كان في نفوس البعض منهم الثأر مما جرى عليهم من بعض أصحاب النفوذ في قريش من عبودية وتنكيل وإضطهاد بينما أصحاب الحسين (ع) في كربلاء بذلوا كل مافي وسعهم من أجل هداية القوم وإرشادهم الى الحق وإبداء النصيحة لهم .
6- الأصحاب في بدر كان الأغلب منهم هم من المقاتلين الرجال أما في كربلاء فمن شارك في النزال كان من مختلف الأعمار من الأطفال الرضع الى الغلمان الذين لم يبلغوا الحلم الى الشباب الى الكهول وحتى وصل الأمر الى النساء .
7- لم يكن للنساء دور مهم في معركة بدر في حين كان للنساء والأطفال حضور واضح في كربلاء وهذا مما يستوجب خلق حالة من رد الفعل والخشية من إنتهاك الحرمات والتطاول عليها .
من خلال هذه النقاط وغيرها يتضح بما لايقبل التأويل ان الأصحاب الذين بذلوا مهجهم دون الحسين ( عليه السلام ) كانوا على درجة من الذوبان في العقيدة الراسخة والإيمان الذي لاتشوبه شائبة وباعوا الدنيا بالاخرة وسطروا اسمائهم بأحرف من نور في سفر الخالدين |