استفزني اليوم وانا اطالع الوكالات الاخبارية، خبراً عن وزراه التخطيط مفاده ان :- "وزارة التخطيط اعلنت، امس، ارتفاع نسبة الفقر في العراق الى اعلى مستوياته بعد الاحداث الاخيرة التي شهدها العراق، حيث وصلت النسبة الى40%.
وهذا ما يجعلنا كعراقيين ان نتخوف من مستقبل هذه الطبقة المجهول، في العراق ، خصصاً بعد الاحداث التي عصفت بالعراق، والتي ادت الى نزوح الملايين من المواطنين عن اماكن سكناهم، وهذا احد اسباب زيادة الفقر، فضلاً عن الفساد السياسي الكبير الذي شهده العراق في الاعوام الاخيرة، ومازال.
وكشاهد على هذه الماسي، التي اودت بشبابنا، اتذكر اني كنت مارا في احد التقاطعات، بعد رجوعي من الدوام اليومي، فتوجه نحوي احد الشباب، حملاً بين يديه " العلوجة"، لكي يبيعها، لاحظت عليه ملامح الخجل والغضب من حالته هذه خاصة، فهو يبدو على ملامحه انه من فئة المتعلمين والمتخرجين، وكانه كان يشكر الحكومة ، بنظرات غضبه، على هذا الانجاز الكبير الذي انجزوه خلال فترات قياسية وهو انجاز تحويل المتعلم والمثقف الى متشرد لا يمتلك المال ولا المأوى الذي يستحق، فبيته شوارع بغداد وماله، بضع دنانير يقتنيها من بيع "العلج" كما نقول بلهجتنا الأم.
وتكررت مشاهدتي لهذه الحالات على مدى الاعوام السابقة، واعتقد اني سأشاهدها بكثرة في الفترة القادمة، لا سيما وان تردي العمل الحكومي والوضع الامني مستمر.
واحدى تلك المشاهدات التي المتني اكثر، اني وجدت احد الايام بنت بعمر الزهور يثقل كاهلها الصغير "جنبر محمول" تبيع فيه السكائر كأنها تحمل جبلاً على ظهرها، لصعوبة حمله، ولشعورها بالخجل عند وقوف الشباب امامها والشراء منها حتى انها جلست امام امامها الكاظم (عليه السلام) وهمت بالبكاء حتى نزلت دموعها على ارض وطن لا تمتلك فيه مأوىً لها.
وكمواطن عراقي اقول لحكومتي، الى متى نبقى نرى هذه المناظر المخزية بحق وطن يمتلك الموارد الكافية لكي يجعل من مواطنيه اصحاب مال وجاه وهم لا يطلبون سوى مكان يأويهم وعائلاتهم واطفالهم الرضع؟!.
ومتى ستعمل الحكومة بنظام الضمان الاجتماعي الذي يضمن لكل مواطن حقه في العيش الكريم ام ان بلد المليارات والنفط لا يملك الموارد الكافية لمشروع يحفظ ماء وجه العراقيين بعد ان اصبحت دموعهم عنوان للظلم الذي لحق بهم وهذه الماسي تمس المهندسين والصحفيين والترويين ومن كل الفئات، فاصبحنا نرى المهندس يمشي بعربة المياه في ازدحامات بغداد ، فنرى حملة شهادة الدكتوراه يمتلك (السايبا) يعمل بها ليل نهار ليروي عائلته الجائعة في بلدها الغني ...... |