مشهد يتكرر يومياً في مجتمعنا السياسي ،فكثيراً من ساسة العراق الجدد! الذين يبدأ تاريخهم السياسي من يوم استلامهم مناصبهم(الكراسي)،أي أنه يبدأ السياسة وهو صاحب منصب وقرار ويبدأ بطرح أفكاره الجبارة على حاشيته وهم يصفقون له ويثنون عليه خوفاً من أن يصارحوه بغبائه فيحرمهم المغانم .
اليوم العراق هو أسير هذه الحالة المشؤومة والغير متعارف عليها في دول العالم ،لأن العالم بأسره وبكل أحزابه لهم رجالات سياسة اختصاصها التنظير والتخطيط وهناك أدوات التنفيذ أي الرجال الإداريين من التكنوقراط والأكاديميين والمهنين ،هم من يطبقوا الخطط السياسية لإرضاء شعوبهم وخصوصاً في مجتمعات يكون فيها نظام الحكم للشعب (الديمقراطية).
أما في العراق العكس وعذراً لا استطيع ان اقول العكس لأن بعض ساسة الصدفة شواذ لكل قواعد اللعبة ،أقصد لعبة السياسة ،فترى السياسي تارةً مُنظُر وأخرى منفذ وأحياناً قليلة مراقب حيادي كما يدَعي ،بما يعني (سبع صنايع والشعب ضايع)، فالنتيجة التي عليها العراق الأن هي حتمية جداً نسبتاً للقرارات الإرتجالية التي كان يتخذها رجل الدولة السابق والمجموعة المنتفعة التي تحيط به لأنه يعلم مسبقاً أن الأضرار لن تصيبه لأنه ليس هو رجل مبدأ او رمزاً محنكاً من رموز السياسة يحتذى بحكَمه ومقولاته بل أنه رجل منصب ينتفع منه من يمجده في الصواب والخطأ ،ويراهن على ثروات الشعب بمنصبه ،وهذا ما أفرزته الإنتخابات الأخيرة وما قبلها من شراء الذمم ،وتوزيع الأراضي والأموال والتعيينات الأمنية الغير مبرره ، والتي من نتائجها سبايكر والموصل والخ.
من هنا لا بد للعراقيين أن يعرفوا أن بلدهم ليس بحاجه لرجل يستعرض عضلاته على أي فرد أو حزب أو طائفة أو دين من أبناء شعبه وكفانا من رجل يستذكر الماضي كي يفوز بمنفعة الحاضر والمستقبل ،بل العراق بحاجه الى سياسي حكيم ،يوحد أبنائه ويزرع الأمن والأمان ،ويبني العراق ويصل به الى مصاف الدول المتقدمة وهذا ليس ضرباً بالخيال أو أمنيةً اتلوها ليلة العيد ، بل عقول العراقيين تملأ العالم بالعلم والانضباط الفكري والأخلاقي والإجتاعي بل وحتى السياسي.
وها هو اليوم يعود من موقعه الأدنى كرجلِ للدولة من منصب شرف ليخاطب دولاً ،وكأنه يستشعر المواطن العراقي الذي أمهله منصب القرار فترة ثمان سنوات فأهمله ،ليطبق مقولة أن السياسة فن الممكن أو أنه قرأ يوماً ما عبارةً من عبارات ميكافيلي في كتابه الأمير أن القائد السياسي يجب أن لا يفي بعهوده لكي يضمن أن يكون قائداً ناجحً ، أما قرأ عن غاندي وتشي جيفارا ونيلسون مانديلا أذ كان يريد أن يصبح قائداً شعبياً، فإذا كان لم يقرأ فليقرأ ، ولا (يبكي مع الراعي بعد أن عاث مع الذئب).