• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : خواطرٌ من الديار المقدسة .
                          • الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي .

خواطرٌ من الديار المقدسة

 
ما إن شددت الرحال الى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج لهذا العام حتى نصحني أحد أصدقائي أن أغلق كل أجهزة الإتصال في نجد والحجاز وأتفرغ الى روحي وحاجاتها فهذه فرصة لا تعود بسهولة ، وبصراحةٍ لم أجد ذلك سهلاً  ربما لأن وسائل الاتصال خارقة للعادة واتس أب ، وفيسبوك ، وفايبر ، وتانكو ناهيك عن الموبايل ، فعلاً ان وسائل الإتصال هذه  تأخذ نصيبها من رحلة الحج الروحية إنها تحاصرني من كل مكان فلا مكان لانعزال أحد في عالم اليوم  . 
وأنت في بلدك تنتقد ، تضجر ، تتهجم ، تنفر من الوطن كله ، تنزعج ممن يقودوه وعندما تطأ قدماك الديار المقدسة في أرض نجدٍ والحجاز وتدرك أن دعاءك الى الله أقرب تدعو من أعماقك للعراق بلدك ، ويثور في نفسك الحنين الى وطنٍ ودعتهَ ُبالأمس ساخطاً .
عندما تزور أئمة البقيع يعرّفُك بعض القائمين على رعاية المكان أن ها هنا قد دفن عشرة آلاف صحابي !!! والمكان ليس سوى تراب تذروه الرياح يتناثر عليه أجزاء من حجر غير منتظم أو قطع من طابوق اسمنتي متهالك فلا هو أثر كما نرى (تاج محل) أو (الاهرامات) أو (سور الصين) !! ولا هو مَعلَم كما المسجد النبوي أو الحرم المكي أو حتى الجمرات فقد رصفت فوقها الجسور والممرات، حينها يجول في نفسك تساؤل لماذا لا نصنع لهؤلاء نصب وليس قبر إن كان لدى البعض حساسية من القبور ، نصب أقلهُ كنصب شهداء (حلبجة) نكتب فيه اسماء هؤلاء الصحابة وبلاط ومسقف وعبارات هنا وهناك تذكّرُ هذا الجيل بجيلٍ أسس لنا ما ندين به اليوم . أم إننا لا نريد أن نطل على تاريخنا وان كان تاريخ صدر الاسلام ؟؟!!
عندما تشعر أن هناك أجواءً مأزومة بين المذاهب تؤدي عباداتك  وقلبك يتلفت لمن حولك فلا تشعر بروح العبادة ، وما إن تشعر بالأمان بمن حولك أو تعتزل مكاناً لوحدك حتى تطمئن وتقترب ممن تؤدي له العبادة . حرية العبادة جزء من سعادة البشر ، متى يعي المسلمون أن اختلاف مذاهبهم لا يوجب تنافرهم وتباغضهم وحقدهم على بعضهم البعض فالى الله مرجعهم فينبئهم بما كانوا فيه يختلفون .
العمران مظهر من مظاهر الحياة الدنيا ولكنه في دور العبادة يضفي على العبادة خشوعاً ، هل لان الجسد عندما يشتغل بالحر او البرد او الضيق أو الغبار أو خراب المكان يسحب الروح معه ، أم لأن معالم المكان من المؤثرات أيضاً على استجابة الروح وترويضها على السمو ؟؟ أبهة المسجد النبوي ومعماره يضفي الهيبة والخشوع .
ينتشي المسلم وهو يرى حشوداً بشرية كالسيل الهادر منها الاسود والاحمر والأصفر والأبيض تقصد مكاناً واحداً لربٍّ واحدٍ ولكنه حين يلتفت على خارطة النظام السياسي العالمي فلا يرى للمسلمين  موقعاً ، ( إني لأفتح عيني حين أفتحها على كثير ولكني لا أرى أحداً )، ربما لأن الأديان طقوس بين الفرد وربه ، ولكن الكثير لا زال يصر على أن الاسلام خلاف ذلك اللهم ارزق القارئين الكرام ثواب الحج .
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=51171
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13