• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حرب وسجن ورحيل-67 .
                          • الكاتب : جعفر المهاجر .

حرب وسجن ورحيل-67

لابد لي وأنا أعيش في  مدينة حلب أن أشير أشارة عابرة ألى جامعتها  حيث تعتبر الثانية في سوريا بعد جامعة دمشق وقد  أُنشئت في الأربعينات وتوسعت بمرور الوقت  وتحولت ألى جامعة   كبيرة تضم حوالي ثلاثين ألف طالب  وفيها كليات عديدة منها الطب والهندسة والعلوم والاقتصاد والآداب والحقوق والشريعة وغيرها من الفروع العلمية والإنسانية  وكل عام يتخرج منها المئات لكن معظمهم يرى نفسه مرميا  في الشارع  دون أن يهتم به أحد حالهم حال زملائهم في معظم أنحاء الوطن العربي حيث يعاني الملايين من الشباب من البطاله التي تخفي في طياتها أوخم العواقب فحين يرى الشاب نفسه لاقيمة له ومهملا في مجتمعه ولا تهتم به السلطات الحاكمة ي يفور الغضب في عروقه وتتجمع حالات اليأس والأحباط في أعماقه  وكنت أرى  الكثيرين منهم يعملون على الأرصفة ويطاردهم (الأمن  الاقتصادي) من مكان ألى مكان والمحظوظ منهم يشتري سيارة تاكسي بمساعدة أهله وأقربائه ليرتزق منها بعد أن قضى عشرات السنين وسهر الليالي الطوال  في الدراسه دون جدوى. وتجرى كل عدة سنوات مايسمونها (مسابقات وظيفية) حيث يجرى أختبار لهؤلاء الخريجين لتعيين  البعض منهم  في دوائر ألدوله والمدارس كمعلمين ومدرسين وعادة مايتقدم عدة آلاف لشغل هذه الوظائف فيقبل منهم  العدد القليل والذين يعدون بالعشرات ومعظم الذين يحصلون على الوظائف هم من أبناء البعثيين أو المتنفذين في ألدوله. والفساد متغلغل في كل مفاصل الدولة السورية بشكل مريع ومخيف وقد قال لي أحد الأشخاص أن المواطن السوري أذا أعتدي عليه من قبل مواطن آخر وذهب لتسجيل شكواه في أحد مراكز ألشرطه لابد له أن يدفع المبلغ المطلوب حتى تسجل له شكوى وقس على هذا المنوال وقد كان  المبرر لبعض الموظفين الصغار (أن الراتب ضئيل ولا يكفيهم لسد رمقهم . ) . وقد خالطت الكثير من أبناء السنة والعلويين ولا أريد أن أدافع عن طرف دون طرف ولكني أعكس الحقائق التي عشتها والأحاديث التي سمعتها بكل صدق وأمانة أقول  رغم الانسجام الظاهريين المنتمين ألى هاتين الطائفتين   ألا أنني كنت أستشف ذلك التناقض الصارخ بين أفكارهم وتوجهاتهم والانتقادات الحادة  التي يوجهها كل طرف للطرف الآخر ولكن في الخفاء وليس العلن ومعظم أهالي حلب هم من طائفة السنة كباقي المحافظات السورية وهم ليسوا على وفاق مع النظام المؤلف معظم رؤوسه وخاصة في الأمن والمخابرات والجيش  من الطائفة العلوية وقد  أسرد البعض من السنة الذين تعرفت عليهم قصصا عن جرائم النظام بحقهم وكيف كانت( سرايا الدفاع )و (الوحدات ) وهي الجناح العسكري التابعة لرفعت الأسد تقتل الناس في منطقة (الكلاّسة ) وارتكبت مجزرة رهيبة في منطقة (المشارقه )حيث وضعت صفا من الشباب المشتبه بهم واتهمتهم بأنهم من (الأخوان المسلمين ) يربو عددهم على العشرين شخصا دون محاكمة على أحد الجدران في أحد شوارع المنطقة وفي صباح يوم العيد  تم رميهم بالرصاص علنا  وانتشر الرعب على أثرها في المدينة.وذكر كذلك عما سماها (مجزرة حماه ) وكيف دمرت دبابات حافظ الأسد أحياء المدينة وقتلت الآلاف ثم ماجرى في سجن تدمر من جرائم رهيبة  وذكر لي أحد الأشخاص أيضا ماسماها(  الطغمة العلوية )التي تشكل 10% على أكثر تقدير وتتحكم برقاب الملايين من الناس وتسجن  الآلاف من أصحاب الرأي منذ عشرات السنين ومات الكثير منهم في السجون ولم تسلم جثثهم  ولا يمكن لهذا الوضع أن يدوم ألى الأبد (وحافظ الأسد  وآل الأسد لايمكن أن يكونوا أسيادنا  مهما كانت التضحيات ونحن  نرفض ظلمهم رفضا مطلقا وننتظر اليوم الذي سننتقم فيه من هذه الطغمة الفاسدة وننهي  ظلمهم تماما. )  وقصص كثيرة أخرى كنت أسمعها منهم ولا أعلق عليها ومن خلال تعرفي على السيد (خالد رستم ) رئيس تحرير صحيفة الجماهير في حلب والتي كتبت فيها العديد من المقالات والقصائد ضد النظام الصدامي بتشجيع منه  حيث كانت العداوة بين النظامين مازالت قائمة.وقد  كنت أزوره في مقر الجريدة   بطلب منه حيث صرح لي بأنه يحب العراقيين على اختلاف مذاهبهم ولا يفرق بينهم على أساس  القومية أو المذهب وكان يطالبني دائما بأن أتكلم عما حدث في العراق من حروب وحصار وكان يتألم كثيرا حين أسرد له المآسي التي مر بها الشعب العراقي نتيجة تسلط صدام وزمرته على العراق ولم يصرح لي  ألى أية طائفة ينتمي رغم أنه عضو في حزب البعث ولم تكن لي تلك الرغبة بسؤال  لأحد  ألى أي مذهب تنتمي  حيث  لامصلحة لي في ذلك. وكانت تصدر عدة صحف للمعارضة العراقية ومنها (الوطن) حيث كتبت فيها عدة مقالات وكان يكتب فيها الدكتور عادل مهدي نائب رئيس الجمهورية الحالي وعبد الحسين شعبا ن  والدكتور أحمد الموسوي وغيرهم.   تعرفت على صحفي وقد عرفته فيما بعد بأنه  ينتمي للطائفة العلوية فقال لي جملة مازالت ترن في أذني ب(أن جميع العلويين يعتقدون  أن الله يبعث لهم كل ربع قرن بمنقذ وولي ينقذهم من أعدائهم الذين يتربصون بهم من زمن طويل وهذه المرة  وهبنا السيد الرئيس حافظ الأسد وهو اليوم حامينا من  أعدائنا .!!! ) وحين قلت له  من هم هؤلاء الأعداء ؟ أجابني  أجابة فورية أنهم ياصديقي ( الأخوان   المسلمون ومن يؤيدهم ويتعاطف معهم. )فقلت له ومن الذين يؤيدونهم أجاب فورا (أنهم معظم السنه في سوريا وصدام يمدهم بالأسلحة والمتفجرات لكي يقتلونا لأنهم حاقدون علينا حقدا شديدا)ولم أستطع أن  أتأكد  أن كان هذا القول يمثل الرأي الشخصي له أو يشترك فيه جميع أبناء طائفته في رأيه.رغم ادعائه بذلك .  كنت أسمع كل هذا وأحتفظ به لنفسي فقط ولن أبوح به لأحد ألا على هذه الصفحات اليوم لقد كان الجمر مشتعلا تحت الرماد وقد تفجر بعد مرور هذه السنين لأن النظام كان في واد والشعب في واد آخر ولم يحاول النظام تحسين أحوال المواطن السوري لاماديا ولا معنويا طيلة السنوات الخمس التي قضيتها بين أوساط الشعب السوري الكريم بكافة مذاهبه وقومياته حيث كان المواطن السوري يسحق ويهان ويحتقر من قبل السلطات الأمنية  ويبحث عن لقمة العيش  ولا يحصل عليها ألا بصعوبة بالغة وخاصة أصحاب العوائل الكبيرة من الفقراء والشباب وكانت أساليب النظام السوري لاتختلف عن أساليب النظام الصدامي في الكثير من الأمورحيث يشتركان في هم واحد كبير وهو البقاء في السلطة مهما كانت المآسي والمعاناة التي يمر بها الشعب ومستعدان لسفك دماء الملايين من أجل هذا الهدف الشريرالذي ينافي كل  الشرائع السماوية والقيم الأخلاقية وكأن الله سبحانه أعطاهم صكا لايبلى  بالبقاء في السلطة ماداموا أحياء ثم يتم توريث الأبناء والأبناء بدورهم يورثون السلطة لأبنائهم هكذا هم حال آل صدام وآل الأسد وآل القذافي وآل خليفه وآل علي عبد الله صالح وآل سعود وآل حسني مبارك وآل زين العابدين بن علي  وغيرهم من  العوائل التي نكبت بهم هذه الأمة فحولوا خيراتها ومقدراتها ألى شركات خاصة بهم وبأبنائهم وجمعوا الذهب والياقوت والمرجان والمليارات في البنوك الأجنبية في قصورهم التي تعج بالفساد والعهر والانحطاط ولقبوا أنفسهم بأنهم (قادة الأمة .ورمز العزة والمجد لأوطانهم وشعوبهم ولا حياة للشعوب بدونهم والاحتجاج على ظلمهم هو الخروج عن طاعة الله . !!!)فصاروا موضع تندر دول العالم المتحضرة وسخريتها واستهجانها نتيجة هذا القتل المريع التي ترتكبها أجهزتهم القمعية الإجرامية الشريرة لكي يبقوا كالكوابيس على رقاب شعوبهم. وحين كنت أقلب الصحف فلا أرى سوى صحيفة (البعث والثورة وتشرين ) وفي العراق كانت (الثورة والجمهورية والقادسية وبابل )  وهذه الصحف حين تخرج من الطابعة صباحا في البلدين لاتحمل غير صور الرئيس الملونة الزاهية   وعشرات المقالات عن عظمة الرئيس وعبقرية  الرئيس وحنكة الرئيس وتضحيات الرئيس وأيمان الرئيس وهلم جرا. وكانت صحيفة الجماهير التي تصدر في حلب يكتب فيها شخص أسمه (أحمد قرنه ) وهو عضو في مجلس الشعب السوري وقد خصصت له صفحة  يومية خاصة وثابتة عنونها بجملة (يسعد صباح الوطن ) وكلما كان يذكر أسم الرئيس حافظ الأسد يخاطبه بجملة (ياسيد هذا الشعب  وحكيمه!) وفي أحدى الصباحات خرجت صحيفة الجماهير وهي تحمل خطا مطبعيا صغيرا حيث ورد أسم الرئيس حافظ الأسد وكتب بدلا عنه (حامض الأسد )ولم  تلاحظ هيئة التحرير ذلك وبعد أن وزعت  الجريدة حدثت  ضجة وهرعت مجموعة مكونة من حزب البعث والأمن والمخابرات ألى مقر الجريدة وكأن زلزالا وقع في المدينة   حيث اعتقل رئيس التحرير (خالد رستم ) ولم أشاهده منذ تلك الحادثه أبدا.ولم أنس أحد المشاهد التي حدثت في (مجلس الشعب السوري )حيث شهدت دعايات أنتخابه لمرتين ولم تبق مساحة في المدينة ألا وتم تغطيتها بتلك الدعايات العريضة الطويلة الخاوية تماما كالدعايات التي حدثت في السنين الأخيرة في العراق تماما بعد سقوط الصنم ولم يكن باستطاعة شخص ترشيح نفسه ألى عضوية  مجلس الشعب مالم توافق عليه منظمة الحزب والجهات الأمنية والمخابراتية السورية وكنت أسمع قصصا كثيرة عن عمليات التزوير التي غالبا ما كانت تحدث أثناء الأنتخابات من أشخاص كثيرين بحيث لايصل ألى المجلس ألا الذين تعودوا الهتاف التافه المعتاد (بالروح بالدم نفديك ياحافظ ومن بعده بالروح بالدم نفديك يا بشاروقبلهما بالروح بالدم نفديك ياصدام ) ولا أدري هل كان يصدق الرؤساء الذين هلكوا والأحياء منهم  هؤلاء المطبلين والمفلسين أخلاقيا وليتهم لم يصدقوا. ولم أنس ذلك المشهد حين دخل الرئيس حافظ الأسد ألى مجلس الشعب حيث تلقى ذلك الهتاف من جميع أعضاء مجلس الشعب وكانت أحدى النائبات والتي أسمها (مها قنوت ) حاضرة لم    تتمالك أعصابها فخاطبت الرئيس بالآية القرآنية التي خاطب بها الله جلت قدرته نبيه الأمين محمد ص(وأنك لعلى خلق عظيم . ) وأخذت تؤشر بأصبعها نحوه تأكيدا  فابتسم الرئيس لها ولقول الله الذي قالته في حقه دليل القبول.!!!!ثم تلقى من شخص آخرآية قرآنية أخرى  وهو (مروان شيخو) فقبلها الرئيس شاكرا أيضا ولم يعلق بكلمة . وبعد أيام تقلدت الدكتورة مها قنوت منصب (وزيرة الثقافه !!!) وهكذا كانت جوقة المداحين والمطبلين والمسبحين بحمد الرئيس ليل نهارفي صحف البعث والثورة وتشرين والرؤوس البارزة منهم صابر فلحوط وعلي عقله عرسان ومروان شيخو وعدنان شيخو ومحمد بدر الدين حسون الذي كان مفتيا لحلب واليوم أصبح مفتيا لسوريا لأخلاصه للنظام  ومحد سعيد رمضان البوطي صاحب المحاضرات العرفانية من الفضائيات المختلفة والذي قرأت له مقالا في صحيفة تشرين أو البعث   عقب وفاة الرئيس حافظ الأسد يقول فيه (أن الرئيس كان يكلم الملائكة لشدة أيمانه . !!!) وكان مثل هذا يجري في العراق أيضا حيث  لايتورع المداحون  عن توجيه أعظم الكلمات لسيدهم المقبور صدام حسين وعن أيمانه العميق وهو يذبح  مئات الآلاف من البشر في حروبه الدموية ولقب نفسه ب(غبد الله المؤمن)وتجمع حوله المرتزقة والأذناب   كالمرتزق عبد  الرزاق عبد الواحد وغيره من  أبواق الزيف والباطل  وتجار المديح الوضيع .   
وهذا حارث الضاري  وأعوانه يتنقلون في عواصم الاستبداد  ويجيدون الكلام أيضا عن المقاومة ووجوب تحرير العراق  حارث الضاري الباغي وزمرته الضالة التي تصدر البيانات تلو البيانات عن التحرير  وتتباكى على شعب العراق الذي كان يحرق في الحروب ولم   ولم تتفوه هذه الزمرة الضالة التي تلقب نفسها ب (هيئة علماء المسلمين) بحرف واحد عن تلك الجرائم النكراء  حارث الضاري يريد اليوم تخليص العراق من الاحتلال الغاشم وأن قلبه النجس  وضميره الفاسد مصابان بفواجع وأحزان لانهاية لها نتيجة الاحتلال ويطالب الشعب العراقي بالثورة على نوري المالكي الذي يصفه الضاري بأنه (من أكبر المجرمين على مر التأريخ وأنه قتل مليوني شهيد وما يزيد على ثمنمائة ألف سجين وأكثر من مليون أرملة وخمسة ملايين يتيم) وألى آخر  ماتفوه به من أكاذيب وتفاهات تدل على حقارته ووضاعته وتحريفه للحقائق ولم يذكر حرفا واحدا في بيانه البهلواني المضلل المليئ بالأكاذيب عشية الذكرى الثامنة لسقوط صنم الاستبداد واحتلال العراق عن جرائم سيده البشعة وما فعلته القاعدة المجرمة وحلفائها من أيتام النظام الصدامي من بشاعات وسفك دماء الآلاف  وهو وأسياده الذين جلبوا الويل والثبور والاحتلال للعراق ولو كانوا يملكون ذرة واحدة من الشرف والأخلاق الإسلامية   وصادقون فيما يدعونه لأصبحنا من أشد المؤيدين لهم دون تحفظ والله أنها (كلمة حق يراد بها باطل )كما قالها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في معركة صفين حين رفع معاوية بن أبي سفيان المصاحف بطلب من عمرو بن العاص وهاهو التأريخ يعيد نفسه من جديد  فالاحتلال كريه ومرفوض من كل الشعب العراقي وحارث الضاري وأشباهه من الدجالين يتخذون من الاحتلال مأربا لممارسة جرائمهم بحق الشعب العراقي المظلوم وهو وأمثاله من الكذابين لاغيرة لهم على الشعب العراقي لامن بعيد ولا من قريب وأنما لهم أجندات طائفية مقيتة تشجعه على ذلك أنظمة طائفية منبوذة ولها باع طويل في بث الفتن الطائفية في المنطقة وهم  شيوخ آل سعود الوهابيين الأشرار  عملاء  أمريكا والصهيونية العالمية.لاأريد أن أدافع عن نوري المالكي وغيره من أقطاب هذه الحكومة الذين لم يقدموا شيئا للشعب العراقي الذي صبر طويلا على المآسي التي مرت به . لقد سكت هذا الضال أثنين وثلاثين عاما عن أبشع الجرائم التي ارتكبها طاغيته المقبور صدام وذهب ضحيتها الملايين من الأبرياء سكت هذا الشيطان والبوق  الطائفي اللئيم  الخسيس ومعه بقية الجوقة البعثية القذرة التي نهبت وأجرمت وعاثت في  الأرض فسادا واليوم ينبحون من وراء الحدود كالكلاب الضالة ويضمون أصواتهم المنكرة للأصوات الطائفية البغيضة التي تسود العالم الإسلامي ويتباكون على الإسلام زورا وظلما  فيالضيعة الإسلام الذي يتكلم باسمه  وعاظ السلاطين هؤلاء وأزلام البعث الصدامي  الفاشي الذين نكبت الأمة بهم وبأمثالهم من الذين يخاطبون الناس باسم الإسلام ويتسترون على ظلم الظالمين لسنين طويلة مهما ارتكبوا من جرائم بشعة  ويذهبون ألى هذا الظالم أو ذاك أذلاء خانعين لكي يحصلوا على الدعم لأيذاء العراق وشعبه وعلى منافعهم الدنيوية ويظلون متسكعين على موائد هؤلاء  الطغاة ألى أن يلفظوا أنفاسهم ثم يكررون فعلهم الشائن مع من يخلفهم ألى أن يلحقوا بأولئك السلاطين البغاة  فهل يوجد في الدنيا أبشع من هذا البغي والغي الذي يمارسه هؤلاء الحكام قلعن الله حارث الضاري ومن لف لفه من دعاة السوء والضلالة والتحريف والويل لهم من عذاب  الله  أنهم أئمة الضلالة والأنحراف والزيف بامتياز بسم الله الرحمن الرحيم : (وجعلناهم أئمة يدعون ألى النارويوم القيامة لاينصرون. )41-القصص.
غالبا ماكان يلفت أنتباهي  أولئك الفتية الصغار الذين كانوا ينتشرون في الأسواق وهم يحملون الأكياس البلاستيكية والمناديل الورقية ويركضون بها وراء الناس لكي يشتروها وأشد المناظر بؤسا أولئك الأطفال الصغارعلى الأرصفة وهم  يتوسلون بالمارة  ليصبغوا أحذيتهم ويلمعوها وهم يرفعون أصواتهم (وحياة ربي دهن أصلي ) ( لخلي سباطك يلمع بنص السعر ) (جرب وشوف ولا تعطيني أذا كان الصبغ مو كويس )هؤلاء الأطفال الذين حرموا من التعليم  بملابسهم القذرة الرثة  وبأيديهم ووجوهم الملطخة بالأصباغ  كانوا يثيرون شفقة كل إنسان شريف يراهم في دولة البعث  الأسدية التي يملك فيها أشخاص المليارات من الدولارات ويطالبون بالمزيد على حساب الفقراء والمسحوقين وكان الكثير منهم يعاني من الأمراض السارية والمعدية ولم يلتفت أليهم أحد حيث  المشافي الحكومية عبارة عن هياكل فقط يموت فيها الفقراء ببطئ نتيجة الأمراض الفتاكة دون أن يسمع أحد  استغاثاتهم . أما الأطباء فمعظمهم طامع بالمال الكثير   يسعى للثراء على حساب الشعب في أقصر  فترة ممكنة وحين يدفع الطبيب (بدل الاشتراك ) للنقابة يكتب مايشاء من ( الاختصاصات من أرقى الجامعات الأوربية !!!)على  القطعة المعلقة أمام عيادته دون أن يحاسبه أحد وهو لايحمل أية شهادة اختصاص ولم يدرس في أية جامعة أوربية. وغالبا مايذهب الفقراء من النساء والرجال المرضى ألى شيوخ وشيخات السحر والشعوذة لمداواتهم بقراءة الأدعية لطرد الشياطين التي جلبت لهم الأمراض وتحضير بعض المواد العشبية وغيرها  لكي يتخلصوا من الأمراض التي تأكل أجسامهم كما تأكل النار الحطب. 
ولو تحدثت بإسهاب عن البناء وتجارة البناء في هذه المدينة لكتبت مئات الصفحات عن حالات الغش والرشوة والفساد المستشري فرغم وجود مناطق جيدة في مواصفات  بناء عماراتها وتناسقها وجودة موادها كمناطق حلب الجديدة والسريان والأشرفية والجامعة  وغيرها لكن توجد مناطق تبنى فيها عمارات كثيرة بصورة عشوائية ويدخل الغش في البناء على نطاق واسع حيث يتم أنشاء عماره خلال أسبوعين ودون ترخيص لقاء  رشاوى تدفع ألى الرؤوس الكبيرة في البلدية حيث تظهر هذه العمارات وكأنها أخطبوط يقوم بها تجار بناء هم على قدر كبير من الاحتيال والغش والكذب وتباع هذه الشقق على الفقراء الذين يبحثون عن مأوى لهم ولعوائلهم وبعض الأحيان يشترونها على شكل (أقساط شهرية )ويربح بها تجار البناء ربحا فاحشا دون أن  تسجل هذه العمارات في مديرية التسجيل العقاري حيث تباع بورقة عادية بين البائع والمشتري وغالبا ماتحدث مشاكل جمة  نتيجة هذا البيع حيث تظهر الأرض بعد فترة من الزمن تابعة للدولة حيث تفرض على المشتري ضرائب عليه دفعها أو أخلاء الشقه بعد أن غضت النظر في بداية الأمر  ويصبح  المواطن المسكين عرضة لابتزاز     المقاولين والحكومة على  حد سواء بحجة (أن القانون لايحمي المغفلين !!!!)وكانت منطقة الأنصاري وصلاح الدين وغيرها مسرحا ومرتعا  للبناء المغشوش وقد سقطت عدة عمارات وقضت على عوائل بأكملها نتيجة هذا الغش.
ومن المعالم البارزة في المدينة شارع أسمه شارع (بارون ) وفيه فندق  يحمل نفس الاسم وهو فندق قديم أقيم في الثلاثينات وخضع ألى تحسينات عديدة ويفتخر صاحبه بأن العديد من الشخصيات العالمية قد نزلت في هذا الفندق  وقضت عدة  ليال فيه وأهمهم (ألجنرال ديغول) أثناء زيارته  لمدينة حلب. ومن الظواهر الأخرى الملفتة للنظر تعدد الزوجات في هذه المدينة وكان معظم المتزوجين بأكثر من واحدة هم  من التجار ومن الطبقة المتوسطة أيضا وقد كان لأحدهم من الذين تعرفت عليهم  أثنين وعشرين ولدا وبنتا لزواجه بأربع نساء  ولاّدات والحبل على الجراروقال لي بالحرف والواحد (أنني أنسى أسماء البعض منهم أحيانا وأتمنى أن يتضاعف عددهم وأبناء عشيرتي يسلكون نفس طريقي) والعرس الحلبي له نكهة وتقاليد خاصة وحين يتزوج أحد الشباب تقام في ليلة العرس حفلة يحضرها مجموعة من الأصدقاء والأقرباء ويؤتى بأحد المطربين وتكون الحفلة بمستوى أمكانات العريس المادية فأن كان غنيا يأتي بمطرب مشهور وأن كان من الطبقة الوسطى يأتي بمطرب أقل منه شهرة أما الفقير فيكتفي بحضور المقربين أليه فقط بعيدا عن المظاهر ثم يزف العريس بصيحات جماعية ترتفع بين آونة وأخرى (زين زين مكحول العين عدكم نبي صلوا عليه. ) ويبدأ الطبل والزمروالرقص  والغناء  وفي مكان آخر  من بيت   العريس أو في مكان آخرتجتمع النساء ويتباهين بأجمل الملابس وقصات الشعر ولبس  الذهب (حيث تحب المرأة الحلبية الموسرة الذهب حبا جما )وهن يرقصن  ويحطن بالعروس وهي في طرحة العرس  ويرددن حولها: (ياعروستنه الحلوه شيلي هالغطا وارميه . يلعن أبو هالغطا لابو السعالك فيه. والوجه دويرة قمر والورد فتح فيه. والصدر بستان لأبن العم خليه يطارد فيه. )وأغان وأهازيج كثيرة تقال وسط الزغاريد التي تطلق من حناجرهن . والحقيقة أن العرس الحلبي فيه تفاصيل كثيرة جدا لايسع المجال لذكرها هنا  وقد حضرت العديد من هذه الأعراس ومعظم الحلبييين  يجيدون الرقص العربي وخاصة الشباب وحتى الكهول وتستمر الحفلة ألى مابعد منتصف الليل وتتجسد في العرس الحلبي علاقات المحبة وروابط الأخوة  والتعاطف مع العريس حيث يلبس العريس بدلة جميلة ويطوف على جميع الحاضرين ويتبادل معهم القبلات ويهنئونه وتوزع القهوة المرة والحلويات الحلبية المعروفة بجودتها ويتبرع الحاضرون بمبالغ مالية ويقرأ  أحدهم مقدار المبلغ الذي يتبرع به  كل شخص  تصحبها كلمات المدح للمتبرع . ولكن كل مارأيته من مظاهر لايمكن أن يلهيني عن أخبار الوطن وما يحدث فيه بعد حادثة مقتل حسين كامل كنت أنتظر المزيد من الانشقاق في العائلة الصدامية عسى أن يتلقى النظام صفعة من بعض الضباط الكبار الذين  شهدوا الهزيمة المنكرة  وتدمير العراق وما حدثت فيه من أهوال ومصائب نتيجة حكم العائلة الصدامية الباغية خاصة وأن رئيس النظام كان  قد أعدم عددا من القادة الكبار من الأنبار بعد الهزيمة المنكرة في (أم المهالك ) الدامية كمظلوم الدليمي الذي  منحه الكثير من الأنواط والنياشين قبل أن يفتك به وبغيره الذين لاأتذكر أسماءهم وكان الانتظار صعبا وقاسيا وقد سمعت بأن أبن الطاغية قد تعرض لمحاولة أغتيال في منطقة المنصور  عام 1998م  أصيب على أثرها بعدة أطلاقات نارية غير مميتة أزدادت  نتيجتها وحشية النظام ودمويته وتنكيله وفرضت ماتسمى (وصايا القائد ) على طلاب المدارس لحفظها عن ظهر قلب وكثرت المنظمات البعثية وانتشرت في كل مكان  وتمادى البعثيون الصداميون في ظلمهم وفسادهم وطغيانهم أكثر فأكثر وتصاعدت وحشية المقبور عدي ورغبته في الانتقام من الشعب العراقي نتيجة العجز الجنسي الذي أصابه ومنعه من ممارسة شذوذه الأخلاقي.
جعفر المهاجر/السويد
19/4/2011م

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=5082
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 04 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14