• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح226 سورة طه الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح226 سورة طه الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً{115} 
تبين الآية الكريمة (  وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ ) , نهيه عن الاكل من تلك الشجرة , (  مِن قَبْلُ ) , ان يأكل منها , (  فَنَسِيَ ) , نسي  العهد , (  وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) , تصميم وارادة , عزما وحزما , وصبرا عما نهي عنه .      
 
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى{116} 
تبين الآية الكريمة (  وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ ) ,  قول الله تعالى هنا بمعنى الامر , (  اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا ) , امر الله تعالى جميع الملائكة بالسجود لادم , فامتثلوا الامر الالهي , (  إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى ) , استثناء ابليس اللعين , رفض الامتثال .     
 
فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى{117}
تروي الآية الكريمة خطابه عز وجل لادم وحواء "ع" (  فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ ) , اشارة الى ابليس اللعين , فأنه العدو الاول والاخير لادم وحواء وذريتهما , (  فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ) , التي انزلكما الله بها , (  فَتَشْقَى ) , من الكد والكدح في طلب المعاش , وتحمل مشاق الحياة , وما يعتري الانسان فيها من تعب ومرض ... الخ ,  يلاحظ ان النص المبارك خاطب ادم "ع" فقط  , في ذلك عدة اراء منها : 
1- خوطب الرجل , لان الرجال قوامون على النساء . 
2- لأن المراد بالشقاء التعب في طلب المعاش وذلك وظيفة الرجال ."تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .   
 
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى{118} 
يستمر الخطاب الرباني لادم "ع" مبينا : 
1- (  إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا ) : يبين النص المبارك مؤكدا عدم وجود الجوع في الجنة .
2- (  وَلَا تَعْرَى ) : وكذلك يؤكد النص المبارك عدم وجود العـري فيها ايضا .  
 
وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى{119} 
يستمر الخطاب الرباني لادم "ع" مضيفا في البيان : 
1- (  وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا ) : يؤكد النص المبارك على نفي العطش في الجنة .
2- (  وَلَا تَضْحَى ) : كما ويؤكد النص المبارك ايضا الى عدم تعرضك لحر الشمس .   
 
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى{120}
تكشف الآية الكريمة (  فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ ) , ان الشيطان الرجيم دخل على ادم "ع" عن طريق الوسوسة , (  قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ) , يذكر النص المبارك جانبا من تلك الوسوسة  , وكانت تصب في محورين :    
1- (  قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ) : شجرة من يأكل منها يخلد , ولا يموت ابدا , من طبائع الانسان انه يبحث عن الخلود , فكان هذا محور الوسوسة الاول .  
2- (  وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ) : لا يزول ولا يفنى , من طبائع الانسان انه يطلب ما لا يفنى من النعم , فكان محور الوسوسة الثاني .   
 
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى{121} 
تروي الآية الكريمة (  فَأَكَلَا مِنْهَا ) , استجاب ادم وحواء لتلك الوسوسة الشيطانية , فأكلا من الشجرة , (  فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ) , فكانت النتيجة ان ظهر لكل منهما عورة الاخر , وسميت سوأة , لأنها تسوء صاحبها , (  وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ) , اخذا ورق الجنة , الزقاه عليهما , ليسترا نفسيهما به , (  وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ ) , بالأكل من الشجرة , (  فَغَوَى ) ,  ضل عن طلبه في الخلد والملك الذي لا يفنى , فتبين ان ابليس اللعين كان عدوا لهما , يعد هذا الامر بمثابة درس عملي لادم وحواء , ادركا من خلاله عداوة ابليس اللعين وخطورته عليهما وعلى ذريتهما .  
 
ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى{122} 
تبين الآية الكريمة (  ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ ) , قربه , (  فَتَابَ عَلَيْهِ ) , قبل توبته , (  وَهَدَى ) , الى الثبات على التوبة , وكذلك التمسك بأسباب العصمة .     
 
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى{123} 
تروي الآية الكريمة خطابه جل وعلا لادم وحواء (  قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً ) , الخطاب لادم وحواء , ويندرج ابليس اللعين معهما , كونهم اصل الذرية , فآدم "ع" ابو البشر , وابليس اللعين ابو الشياطين , (  بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) , فيها عدة اراء نذكر منها : 
1- عداوة الشياطين للإنس . 
2- العداوة فيما بينهم , كعداوة البشر لبعضهم البعض , وكذلك عداوة الشياطين لبعضهم .       
3- كلا الامرين السابقين , وهو المتحقق , حيث يعادي البشر بعضهم بعضا , من جهة , ومن جهة اخرى يعاديهم الشياطين , والشياطين بعضهم لبعض عدو . 
لكن الآية الكريمة لم تغفل ان تذكر (  فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى ) , كتب سماوية , رسل وانبياء , (  فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ) , فمن اختار الهدى واتبعه فانه لا يضل في الدنيا , ولا يشقى في الاخرة .    
 
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{124} 
تبين الآية الكريمة حال الجانب الاخر , الجانب الذي اختار الاعراض عن هداه جل وعلا (  وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي ) , كتبي ورسلي وانبيائي , فقابلهم بالجحود والتكذيب  , (  فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ) , ضيقة , وفسرها بعض المفسرين على انها عذاب القبر , كما يرى السيوطي في تفسيره الجلالين , (  وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) , يبين النص المبارك حال الكافر عند الحشر يوم القيامة , يكون اعمى .       
 
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً{125} 
تروي الآية الكريمة قولا للكافر الاعمى يوم القيامة (  قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى ) , في الاخرة , (  وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً ) , وقد كنت بصيرا في الدنيا .     
 
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى{126} 
تروي الآية الكريمة الجواب على سؤال الكافر (  قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا ) , كذلك هو الامر , حيث ان آياتي البينات اتتك في الدنيا , (  فَنَسِيتَهَا ) , عميت عنها , تركتها , ولم تؤمن او تنظر لها , (  وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) , كذلك اليوم تترك في العمى والعذاب في النار .      
 
وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى{127}
تبين الآية الكريمة (  وَكَذَلِكَ  نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ ) , بالمثل نعاقب من اسرف ( تجاوز الحد ) على نفسه بالشرك وركوب المعاصي , (  وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ) , بما جاء به الرسل والانبياء "ع" , (  وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ) , يبين النص المبارك ان عذاب الاخرة اكثر ايلاما , وادوم بقاءا .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=50633
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14