إلى غزة.. ومحمود درويش.. وأطفال الحِجارة (1)
مِن أحفادِ صلاح الدين.. إلى أهلِ فلسطين
بالأمس ِ أهدانا شاعرُ الوطن والثورة
عاشقُ فلسطين.. ونبضُ القدس وغزة
كلماتٌ أستوطنت في القلوبِ.. وفي الذاكرة
عَشر عقود مَضت..
وَقصيدة الدرويش ما زالت..
مُعلقة فوق قِمم الجِبال.. وفي ينابيع المياهِ
مَوشومٌ على جبين الأحرار
كلماتٌ عاشت معنا.. عَبرَ الزمان
هَزت مَشاعرنا.. التئام بها جراحنا
قصيدة بعنوان كوردستان (2)
رثى درويش آلامنا.. جراحنا.. عزائنا
قال لنا: أنا مَعكُم
وَمَعكُم قلوبَ الناس.. عيونَ الناسِ
مَعكُم أنا.. ومَعكُم أبي.. أمي
مَعكُم عواطفنا.. قصائدُنا
مَعكُم غُصنَ الزيتونِ.. وعِطر البُرتقالِ
واليومُ حَان دوري.. نِدائي.. هِتافي.. عواطفي
لأنُاجيكُم.. بقصَائدي
وأُبادلُكُم.. بمشاعري
بأحاسيسي.. بنبضي.. بوجداني
بِصَلاتي.. بمُناجاتي السماءِِ.. بتراتيلِ الدُعاءِ
أناجيكُم مِن وطنِ التآخي ودارِ السلامِ..
إلى وطنِ الرُسُلِ والأنبياءِ..
أقولُ يا درويش..
يا سيد الشعرِ والشُعراءِ
يا غائب الجسدِ.. وحاضِر الفكرِ والروح
يا عِطر القصائدِ.. ونبض المشاعرِ
يا عبق الزيتوني.. وهديل الحمام
وأقولُ يا غزة.. يا عَروسَ الجَنان.. ومَرتع الأحرار
يا نبض فلسطين.. يا نبع الدماءِ.. وشعار العنقاء (3)
نحنُ مَعكُم.. ومَعكُم قلوبُنا.. وعيوننا
مَعكُم.. أنا وقلمي وكلماتي.. وقصائدي
مَعكُم أبي الشهيد.. أمي.. وأمنياتي
مَعكُم بيره مكرون وكَاره.. وهندرين(4).. ودِجلة والفُرات
مَعكُم عشتارُ(5).. وأسدُ بابل(6).. وجسرُ دلال (7)
مَعكُم أطفالُ العِراق مِن قِمم الجبال.. إلى ضِفافِ الأهوار
مَعكُم بساتينُ الجوزِ واللوزِ.. والنخيلِ والرُمان
مَعكُم زهورَ النرجسِ والياسمينِ والريحان
مَعكُم.. صلاح الدين.. والحسنُ والحسين.. وكاوه الحداد (8)
يا رفاق الدرب.. يا حاملينَ راية العز
لو عَصفت رياح الإعصارِ.. أو هَبت طوفان البِحارِ
ستبقى غزة.. شامخة بالهيبةِ والعزة
تحرسها السواعد بالهمة
تكتبُ أنامِل الصغارِ على الجدران
على الأبوابِ.. على الأشجارِ.. على الحِجار
كلِماتٌ مطرزةٌ بملاحمِ الأمجادِ
هُناك في فلسطين.. ومُنذ سنين
قابعٌ على أرضِهم تنين
في جوفهِ لهيبٌ ونار.. وبُركانٌ يغتالُ أحلامَ الصِغار
ينفثُ النيران.. يُبصقُ الدُخان
يهوى رائحة الدِماءِ.. يحرقُ الأخضرَ واليابسَ والأمنيات
يذرف الرماد.. في عيون الأمهات
يأكلُ الحشيشَ والتُراب.. وخُبز الفقراء
يعشقُ الحربَ والدمَار.. ونِواح الأراملِ وبُكاءَ الأطفال
لكنهُ يخشى غزة.. وأطفال فلسطين.. والحِجارة
ويَخشى قصائد الدرويش.. ودِماءَ الشُهداءِ
ستحيى رغم الجراح.. أسطورة العنقاء
لِتدق بأجنحتها عُنق التنين في تراب غزة.. وفي قاع البحار
لن تجف ينابيع الدِماء.. ولن يُغمض أجفانَ الشهيد
بربِ الكعبةِ والمسجد الحرام
ستزهو غزة.. بوشاح العزة
وستظل عالية راية فلسطين
رغم الجراح ورغم السنين
زوزان صالح اليوسفي
(1) نالت القصيدة الجائزة الثالثة وشهادة تقديرية في مسابقة نور للأدب العالمية للشعر - 2010.
(2) محمود درويش الشاعر الفلسطيني الكبير, كتب قصيدة بعنوان (كوردستان ) عام 1965 أشاد فيها بنضال وكفاح الشعب الكردي من أجل الحصول على حقوقه القومية.
(3) طائر العنقاء طائر في الأساطير القديمة وشعار مدينة غزة.
(4) بيره مكرون, كاره, هندرين: جبال في إقليم كوردستان العراق.
(5) عشتار هي آلهة الحب والإنجاب والحرب عند البابليين.
(6) أسد بابل تمثال من الحجر لأسد يفترس شخصاً يدل على العدو في مدينة بابل وسط العراق. (7) جسر دلال جسر تاريخي قديم يقع في مدينة زاخو شمال العراق.
(8) كاوه الحداد بطل في أسطورة كردية حارب ضد الظلم. |