• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : انظروا ماذا ورثتم.... وماذا ورثنا (1) .
                          • الكاتب : عباس العزاوي .

انظروا ماذا ورثتم.... وماذا ورثنا (1)

لنتكلم في البداية عما ورثنا نحن الفقراء من سكنة الجنوب او النازحين الى بغداد في نهاية خمسينيات القرن الماضي والمستفيدين من قرار الزعيم عبد الكريم قاسم بالحصول على قطعة ارض بسعة 124 متر مربع لكل عائلة بعدما كان اهلنا منتشرين على اطراف بغداد بما كان يسمى بالصرايف لينقلهم الزعيم الى منطقة اطلق عليها اسم الثورة والتي
اصبحت فيما بعد المنطقة الاكثر مقارعتة للسلطه والبعث وعضماً في حلق العصابة الصداميه المجرمه. وقد سمعت ذالك من احد البعثيين في جلسة خاصه عندما التقيته بالصدفه في اوربا وقد تجاوز الستين من عمره عندما سمع اني من اهل الثورة قال لي بالحرف الواحد "انتم اهل الثورة كنتم مصدر قلق للقيادة العراقيه دائما لانكم تمثلون التجمع الشيعي الاكبر في بغداد وايام كنت انا رئيس مهندسين مشاريع الري في العراق في مطلع السبيعينات وقد كنت رفيق حزبي (لم يذكر لي درجته الحزبيه) كانت الاوامر تاتي الينا من القياده باطلاق الاشاعات على اهالي الثورة وتشويه سمعتهم بشتى الطرق وانهم غجر( كاوليه) ولاشرف لهم ومتوحشين ومتخلفين ويقتل بعضهم بعضا و و… الخ" من التهم المخزيه.

لم تشهد هذه المنطقة الفقيرة اي خدمات تُذكر لمدينةٍ وصل عدد سكانها اكثر من مليون انسان باستثناء ايام الحرب مع ايران وكحالة تعويضيه عن ابنائها الذين ذهبوا اضاحي وقرابين في سبيل مغامرات الدكتاتور وحروبه المفتعله قامت السلطات بتعميد الشوارع والعمل على بناء شبكة مجاري كبيرة لم تُنجز كلها وتُركت الحفريات لتصبح بعد ذالك مكان لتجمع مياه الامطار ومصدر من مصادر الاوبئه والجراثيم ولانها حُفرعميقة كان السقوط فيها من الاطفال يعني الموت الاكيد ان لم يسعفه احد حال سقوطه.

لنعد لموضوعنا الاساسي وهو ماذا ورث الفقراء من كل الصراعات السياسيه التي كانوا هم انفسهم وقوداَ لها ومصدر من مصادر القوة والدعم الجماهيري للزعامات الدينية وغير الدينيه, دفعنا ثمن حُبنا للزعيم الخالد ومناصرته عند مجئ البعث وتعرضنا لكل انواع القتل والتشريد والاعتقال التي طالت حتى الاطفال والنساء بسبب انتماء ابائهم لاحزاب معاديه ((للحزب والثورة)) او مشتبه بانتمائهم من شيوعيين او من حزب الدعوة ومازلت اتذكر الاعتقالات عندما كنت صغيراَ من جوامع المدينة خلال المناسبات الدينية خصوصاَ بعد تسلم المقبور صدام رئاسة الجمهورية وحملة الاعتقالات الواسعة والشرسة بين الشباب.

وورثنا ايضا الفقر والجوع واستمرار المآسي في نفس المناطق التي رفعت الرصيد السياسي والانتخابي للكثير من السياسين الان وحتى لااكون مجحف بحق الاخرين فانني مع ثمانيه من اخوتي ورثنا من ابينا بيت واحد من بيوت الثورة البسيطه مع خنجر قديم جداَ بمقبض منفصل عن شفرته(مكسور) وكذلك ورثنا مرض الفقرات وضغط الدم ومرض القلب وامراض السرطان والموت بعده بسرعه لعدم توفر الرعاية الكاملة في مستشفيات الحكومه ((الشيعية)) التي لاتسع لهم اوللعناية بهم في ايامهم الاخيرة. نشرت قبل اشهر مقالة تحدثت فيها عن مناضلة عجوز وام لثلاثة اولاد قدمتهم قرابيين في سبيل العراق للخلاص من الدكتاتورية لم تجد سرير واحد في المستشفيات الحكوميه واصرار الطبيب المتعجرف باخراجها من المستشفى لعدم توفر المكان لها حتى وافاها الاجل دون ان تعرف هذه السيدة الكريمة ان لها حق في اعناقنا والعراق.

وورثنا ايضا مناطق ملوثة في الثورة وغيرها من مناطق الفقراء لاتصلح للسكن البشري ومياه آسنه ومكب للنفايات والقاذورات وورثنا ايضا صراعات بين ابناء المذهب الواحد وعودة لقب (القائد حفظه الله) الذي يجب ان يسبق اسم الشخص المشار اليه عند حديثك عنه والا فأنت من اصحاب الجحيم ومن الخارجين عن المذهب, وورثنا محاكم تفتيش على الطريقة الحديثة وقطاع طرق شرعيين وورثنا ايضا كهرباء لاتعمل في صيف الحراره فيه وصلت الخمسين درجه مئويه ومياه غير صالحه للشرب ودخان السيارات القديمة ودخان المولدات.

وورثنا ايضا جيل بل اجيال من الشباب الامي والمتخلف بكل المستويات بعد ان كانت الثورة رغم فقرها ومحاصرتها ترفد العاصمة والعراق بطاقات رائعة بكل المجالات من شعراء وكتّاب ومطربين ورياضين وسياسيين.... وخوشيه.... وسرسريه.... ومطريجيه اذا اتحبون , فالثورة هي عبارة عن عراق مصغر من ابناء الجنوب والوسط وحتى الاكراد من الشمال بعد تهجيرهم من مناطقهم ولهم حي يسمى" حي الاكراد". وورثنا الكثير ...الكثير من القهر والالم والحسرة من امهات ماتت قبل ان تعرف مصير ابنائها ولم تقف على قبورهم واطفال لم يجدوا فرصة التعليم لفقرهم اوبعد اعتقال آبائهم مما دفعهم باعمار مبكرة للعمل باعمال شاقة ومرهقة وبعد التغيير وجدوا انفسهم خارج دائرة التكنوقراط والبطيخ المبسمر وليس لديهم مؤهلات تخدم العراق الجديد كأبناء الرفاق سابقاَ لاشغال مناصب مهمه مثل مايتبوءه الان اناس كنا نعرفهم جيداَ بولائهم للحكومة المقبورة وتفانيهم بخدمة الحزب الفاشي , وورثنا المقابر الجماعية التي تنتشر في كل بقاع العراق والتي قبرت معها احلام وامنيات الكثير من الشباب العراقي وانا كنت من المرشحين لها لولا لطف الله ورعايته.

اكيد انتم ( فحطتو) اخواني القراء من المصائب التي اوردتها وانا ايضا ( فحطت) وسوف لن تكفي مئات الصفحات لحصر مفردات ومقتنيات الارث الكبير والغني الذي ينعم به اهلنا المساكين جراء تفانيهم واخلاصهم لقادتهم ومقدار التضحيات التي قدموها ومازالوا في سبيل الخلاص من الظلم والفقر والمرض فماذا كانت النتيجه...؟
في المرة القادمة ساحدثكم عن الاخرين وميراثهم في الجانب الاخر ... وسيكون حديثنا ذو شجون.




عباس العزاوي
 


كافة التعليقات (عدد : 3)


• (1) - كتب : ستار رافد من : العراق ، بعنوان : ليس غريبا يا عبيد في 2010/08/31 .

الى الاخ عبيد
ليس غريبا تعليقي فكل مدن الجنوب تعانب من التخلف والجهل اضافة الى بيئة لا استطيع ان اصفها
ماذا خلف لنا البعث غير ماتفضل به صاحب المقال والذي نشد على اياديه فيما كتب الا اننا اضفنا لمقالته ماراينا خلال سبع سنوات من التحرير كما يسمى غير القتل وزيادة الجهل والفقر
في السابق كان الطالب يدخل الى المدرسة خوفا من الجيش اما الان فينخرط في احد المجاميع واخرها في الناصرية مجاميع السيافة غير المجاميع الموجودة على الساحة
شكرا لكاتب المقال على توضيح الصورة وشكرا لكم على التعليق على تعليقي

• (2) - كتب : عبيد ابن الزايرة من : فنلندا ، بعنوان : تعليق غريب في 2010/08/31 .

الاخ ستار القضية ليست تسابق او تنافس على مقدار الالم والدمار فكل العراق ورث الموت والخراب لكن لاباس بالاشارة الى نموذج اراد به الكاتب توضيحه ولانه من مدينة الثورة يكسب الموضوع واقعية ويمكن لك ايضا الكتابة عن ماتعرفه انت عن باقي مآسي العراق
مع التحيات



• (3) - كتب : ستار رافد من : العراق ، بعنوان : لم تضف جديد في 2010/08/31 .

الى كاتب المقال الاخ عباس العزاوي
انت لم تات بجديد فكل مدن الجنوب نالت نصيبها من التخلف والاهمال مثلما نالته مدينة الصدر ...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=492
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 08 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13