لا شك ان ثورة 14 تموز عام 1958 كانت بحق ثورة وليس انقلاب عسكري قامت به مجموعة من العسكرين الذين هدفهم المال والنفوذ ومصالحهم الخاصة بل كانت بحق بقيادة مجموعة من الذين هدفهم خدمة الشعب ومصالح الشعب حيث طلقوا مصالحهم الخاصة ومنافعهم الذاتية وتوجهوا لمصلحة الشعب ومنفعة الشعب
وما شيد وما بني وما قدم للشعب العراقي من خدمات ومؤسسات في كل المجالات وما ساد من امن وامان وازالة للنعرات الطائفية والعنصرية واصلاح وتضحية ونكران ذات خلال ايام الثورة الا اكبر دليل واعظم برهان
اكد الكثير من اهل الخبرة والاختصاص بانه خلال فترة حكم الزعيم عبد الكريم لم تسجل حالة فساد واحدة في اي دائرة من دوائر الدولة لا في القمة ولا في القاعدة
كما ما شيدته حكومة الثورة من مدن ومن منشأت صناعية وعلمية وزراعية وتجارية وفي كل انحاء العراق وخلال اربع سنوات رغم مؤامرات اعداء العراق والعراقيين العديدة اضعاف ما شيد في زمن العهد الملكي وما شيد مابعد ذبح الثورة وزعيمها وحتى الان
كما انها صنعت انسان عراقي جديد صاحب نزعة انسانية وروح مضحية لهذا اجمع العراقيون بكل طوائفهم واعراقهم واديانهم على حب الثورة وزعيمها عبد الكريم قاسم وهذا لم يحدث الا للامام علي ونهجه
لا شك ان هذا التحول الكبير والتغيير الواسع والتقدم الهائل الذي حدث في العراق قد ارعب اعداء العراق واخافهم وشعروا بالخطر المحدق الذي احاط بهم فتجمعوا رغم الاختلاف والتوجهات في ما بينهم واتحدوا وتوجهوا لذبح الثورة وذبح العراقيين فكانوا خليط غير متجانس من العفالقة البعثيين والقومجية الناصرية والعوائل الفاسدة المحتلة للخليج ال سعود ال صباح ال خليفة وايتام الاستعمار من اقطاعيين ورجال دين مزيفيين وغيرهم
اقول صراحة ان هؤلاء جميعا لا اعتبرهم السبب في ذبح ثورة 14 تموز وذبح قادتها الاحرار وزعيمها البار عبد الكريم قاسم وذبح الشعب العراقي ودخول العراق والعراقيين في نفق الظلام والفوضى فساد الفساد بكل انواعه وفي كل المجالات ومن ثم العنف والارهاب والنزاعات الطائفية والعنصرية
فهؤلاء اعداء معروفين ومكشوفين وواضحين ولا يحتاجون الى ادلة وبراهين ومهما كانت مؤامراتهم وغدرهم لا يمكنهم ان يحققوا اهدافهم لولا اسباب اخرى داخلية هي التي ساعدتهم وحققت لهم اهدافهم
والاسباب التي ساعدت هؤلاء الاعداء في اعتقادي ثلاثة
السبب الاول التمرد البرزاني في ايلول عام 1961 من اهم الاسباب التي ساهمت في ذبح ثورة 14 تموز وذبح العراقيين ونشر الفوضى والظلام
المعروف جيدا ان الثورة كرمت الثوارالكرد واعادتهم الى العراق واستقبلتهم استقبال الابطال الاحرار وكانت ترى في قدومهم قوة ومعرفة لبناء العراق الجديد العراق الديمقراطي التعددي الا ان بعضهم رأى في ذلك وسيلة لتحقيق نواياه المريضة فتغلبت الانانية على نفسه واغلقت بصره وبصيرته فاعلن تمرده على الثورة على الشعب العراقي بعربه وكرده وكل اطيافه وانضم الى القومجية الناصرية والبعثية العفلقية وشيوخ الاقطاع وعملاء الشركات النفطية والعوائل الرجعية الخليجية
لا شك ان هذا التمرد الاجرامي الذي قادته مجموعة برزان سهل لاعداء العراق ذبح الثورة وذبح قائدها وذبح الشعب العراقي وحل الظلام في كل انحاء العراق وما تعرض له الشعب الكردي من ظلم وذبح واغتصاب وجرائم الانفال وحلبجة وغيرها الا نتيجة لهذا التمرد التي قادته مجموعة البرزاني العشائرية المتخلفة
السبب الثاني فتوى الامام الحكيم التي اصدرها ضد الشيوعيين والتي اباح بها دمهم الحقيقة ان دلت على شي فانها تدل على نظرة الحكيم القاصرة والغير واضحة لما يجري في العراق بحيث اصبحت هذه الفتوى وسيلة لذبح الشيعة فرفعها اعداء العراق وبالذات اعداء الشيعة سيفا لقتل لتصفية الشيعة لان الهجوم على العراق ليس ضد الشيوعيين وانما ضد الشيعة وللاسف هذا الخطأ ارتكبتها المرجعية في بداية دخول الانكليز في بداية القرن العشرين اصدروا فتاوى وحثوا الناس الى القتال بدون علم ومعرفة وكانت نتائجها اذلال الشيعة وقهرهم واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثالثة حتى ثورة 14 تموز حيث اعادت لهم بعض حقوقهم
لكن فتوى الامام الحكيم سهلت لاعداء العراق القضاء على ثورة 14 تموز وبدات تصفية الشيعة ومطاردتهم وقمعهم وتهجيرهم واعتبارهم هنود عبيد خونة منعوا من اي وظيفة الا اذا بدل نسبه واصله او عمل قواد لهم
وبعد التحرير في 2003 حاول بعض الذين ينسبون انفسهم الى الدين ان يلعبوا نفس اللعبة التي لعبوها في بداية القرن العشرين الا ان مرجعية الامام السيستاني الحكيمة والشجاعة وقفت بالضد من هذه اللعبة وقفت موقفا حسينيا وقالت هيهات منا الذلة
فصنعت للعراقيين دستورا ومؤسسات دستورية ودعت الشعب بكل اطيافه واعراقه واجناسه الى اختيار من يمثله وبهذا فهم الشعب حقه وفهم واجبه وبهذا وضع العراق والعراقيين على الطريق الصحيح
السبب الثالث الصراعات الشخصية بين قادة الشيوعيين انفسهم كل واحد من هؤلاء يبحث عن مصالحه الخاصة ومنافعه الذاتية رغم مؤامرات الاعداء ونيراهم التي اشعلوها والتي بدأت تقترب منهم كما ان نظرتهم الغير موضوعية للظروف التي تحيط بهم والواقع الذي يعيشونه جعلهم في حالة محرجة
فالذي يريد معرفة الصراعات والاختلافات بين قادة الحزب الشيوعي في تلك الفترة فالينظر الى الاختلافات والصراعات بين المسئولين في العراق الان كل واحد مهتم في مصالحه الخاصة ومنافعه الذاتية والشعب العراقي يذبح والوطن يدمر على يد المجموعات الارهابية الوهابية
كان المفروض بقادة الحزب الشيوعي يتجاهلون بل يطلقون المصالح الخاصة تماما ويتوجهون لمواجهة اعداء الشعب وذلك من خلال الوحدة ووضع الخطط والاجراءات الكفيلة بالتصدي للعداء والقضاء عليهم قبل تحركهم وكان بأستطاعتهم ذلك الا انهم لم يفعلوا واذا كان هناك من تصدى بقوة وقدم حياته كان تصدي عفوي غير مدروس وغير مخطط له مسبقا وبالتالي فشل التصدي