بقلم .. خالد مهدي الشمري
في هذا المقال سولت لي نفسي لادلو بدلوي الفضولي مع الباحث والصحفي والكاتب الرائع قاسم محمد الياسري.. حيث وضع أنامله على الجرح الذي يعاني منه المجتمع ببحثه عن الصدق المفقود ..في كتابه الذي صدر أخيرا تحت عنوان ( صديقنا الكذب .. بين الموروثين الاجتماعي والبيولوجي ).. وبعد ان استدرجني ببحثه وبثنائيته الاجتماعية ( الريف والمدينة ) وهو يناغم بها ثنائية المغفور له عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي ألمعروفه (بدو .. وحضر ) والتي كانت من وجهة نظره مصدرا أساسيا من مصادر الصراع الاجتماعي .. وانتشار ازدواج الشخصية .. من هنا أوضح الياسري اضطراب منظومة السلوك في المجتمع وبحثه عن مصدر الكذب تاريخيا بين قيم ما قبل الإسلام وأدوارها بعد نزول الرسالة السماوية في محادثات الماضي والحاضر.. وأشار الباحث الياسري الى التغيرات الاجتماعية بشكل تفصيلي وتأثر الإنسان بالبيئة وضغوط الإحداث في التاريخ القديم والمعاصر التي لازمة المجتمع العراقي وازدياد نسبة انتشار الكذب متلازمة مع التغيرات الجوهرية التي فرضتها إحداث التاريخ المعاصر وخاصة في هذه السنوات التي نحن فيها .. ففي ثنائية الياسري المتلازمة مع التطورات ألحديثه الحاصلة في مجتمع اليوم حيث كان الريف العراقي متميز وأكثر صدقا من المدينة .. وأثبت الياسري ان التغيرات البيئية وانثربولوجيا الإنسان المتغيرة إضافة للعامل النفسي أفرزت شروط وظروف مستجدة هي التي شكلت المواقف والقيم الضابطة لمنظومات السلوك الاجتماعي في المجتمع .. من هنا يمكن القول ان الفجوات الحضارية كما يؤكد الباحث بين مكونات البيئة المادية والاجتماعية يمكن عدها واقعا وجوديا ثابتا ومطلقا تخضع له منظومات السلوك الاجتماعي والتغيرات البيئية ملازمة للضغوط النفسية التي تلازم الإحداث فتظهر تأثيراتها على سلوك الإنسان ..وهنا فتح الباحث أعيننا على مشهد من المسرح الاجتماعي العراقي طالما أخطا الآخرين ولم يحسنوا التدقيق به وأسبابه حيث عجز الدين من معالجة ومكافحة الكذب كحاله مرضيه تفاقمت وأصبحت مزمنة وازدادت نسبة انتشارها في المجتمع حيث وجدت لها مستنقع خصب الا وهو مستنقع السياسة والأحزاب ولا يمكن الخلاص من الكذب .. وكذالك أشار الباحث الياسري الى تباينات النسيج الاجتماعي وتناقضاته حيث أفرزت منظومات سلوكيه مضطربة هي قدر العراقيين والكذب كواحدة من سماتهم الاجتماعية الازليه .. ونبه الباحث اننا لو تجاهلنا ظاهرة ارتفاع نسب الكذب هذه في العلوم السلوكية للمجتمع تعني اننا ندير ظهورنا لكل قوانين التغير الاجتماعي وهذا مالا يجوز ان نقع به ..وان الانسياق وراء المسلمات الاجتماعية سيكلفنا كثيرا ..ويؤكد الباحث ان ظاهرة الكذب لا تسعفها الملاحظات ولا يغني عنها العرض ألتوصيفي لنشازتها وللتعامل مع هكذا ظواهر يجب البحث في ظروف توالدها غير الشرعي .. وتقصي عوامل تضخمها بالطريقة التي أصبحت عليها وبهذه النظرة غير المنفعلة من الباحث ينبغي التعامل مع سلوك الكذب السائد بالتشدد دينيا وقانونيا ..رغم الخليط الاجتماعي الغير منسجم وإفرازات الإحداث في حاضرنا .. وهنا اليوم لا بد من عملية نمو انتقالي يؤمن مسارات متلازمة شرعا وقانونا كما اكد الباحث هو التمهيد لكي تأخذ عملية التغيير الاجتماعي اتجاهاتها كخيارات حضارية تتوازى مع ما يتحقق للمجتمع من فرص التقدم و الرخاء المادي .. ومثل هذا التحول قد سارت عليه الأمم التي تحظى اليوم .. بقدر من الاستقرار الاجتماعي والسياسي ونحن جميعاً نعرف ان ما يحدث وما حدث في العراق عبر ما يقرب من نصف قرن أثرت تأثيرا شموليا على سلوك الإنسان وبيئته الاجتماعية نتيجة للضغوط النفسية وصدمات الحروب التي تلقاها فولدت الضغوط والاضطرابات النفسية المتعددة لجميع إفراد المجتمع .. وذكر الباحث ابرز أقسام الكذب ألمعروفه الرياء والمرائين والمنافقين وشهادة الزور وحب الظهور وتحدث عن علم النفس و دلالات الكذابين والعلامات التي تظهر على الكاذب وأنواع الكذب .. وأوضح الباحث كيف نكتشف الكذب وكيفية إدراك الكذب بين الوعي الشعوري واللاشعوري .. وأوضح مناطق الاتصال بينك وبين الكاذب .. والمواقف الدفاعية للكذابين وكيف تكتشف الكاذب .. وكيف يكون موضع الرأس عند الكذابين والرأس المهتم بالعين ... واستشهد الباحث بما قاله الشعراء عن الكذب وما قاله المفكرين والفلاسفة الغربيين والعرب ..اللهم اكفنا شر الكذابين واحشرنا مع الصادقين يأرب العالمين كانت لنا أبحارة في كتاب الكذب والباحث قاسم محمد الياسري . |