يقال الرجال بمواقفها ، وكثير من مواقف الرجال تبرز وتشخص أثناء المصائب والشدائد والنكبات ، ويحفظ لنا التأريخ أسماء الكثير من الرجال المخلّدين في ذاكرة الشعوب بمواقفهم المشرفة .
العراق يتعرض اليوم إلى محنة كبيرة وتحدٍ خطير ، هو احتلال الموصل من قبل داعش والدواعش ، والأكثر خطورة أنها سُلّمت في عملية سهلة ( تسليم وتسلّم ) من قبل السياسيين الخونة ومعهم بعض الضباط الذين ينتمون إلى نفس الخط السياسي الخائن ، أحتلت داعش والبعثيين الصداميين وأصحاب الدعوات الطائفية الموجهين من دوائر المخابرات الخارجية الموصل ، وأنزلوا العلم العراقي ورفعت داعش علمها المشؤوم ، وأعلنت تأسيس ( دولة العراق الإسلامية ) اللا إسلامية ، واعلنت داعش زعيمها البعثي الطائفي عميل الصهيونية أبو بكر البغدادي خليفة لهذه الدولة المزعومة المدعومة من دول محور الشر في المنطقة .
وعند الشدائد يعرف الإخوان وتعرف الرجال ، وأول المنتفضين للدفاع عن العراق وشعبه بكل طوائفه وقومياته ، المرجعية الإسلامية العليا في النجف الأشرف المتمثلة بسماحة السيد علي السيستاني حفظه الله تعالى ورعاه ، بعد أنْ دعا للجهاد الكفائي دفاعا عن العراق أرضا وشعبا ومقدسات ، وعندما تصدر فتوى الجهاد من المرجعية العليا ، فهذا يعني وجود خطر حقيقي وواقعي على البلاد ، فجاءت فتوى السيد السيستاني في الوقت المناسب ، وهل يوجد أكبر من خطرهجوم أدوات ( ماوسية ) تحركها دول إقليمية يحكمها أعراب متخلفون يؤمنون بالتكفير وإقصاء الآخر ؟
هؤلاء الأدوات ( الماوسية )، هم مجموعة من الأوباش المتحجرين في عقولهم المنتمين إلى منظمات إرهابية تكفيرية يقتلون الآخرين ويعتدون على الأعراض والممتلكات باسم ( الجهاد ) ، وهؤلاء مدعومون بدولار النفط الخليجي ومستوردون من جنسيات مختلفة ، تتعاون معهم حواضن بعثية خائنة للوطن والشرف والكرامة تقتل ألناس عشوائيا ، وتعتدي على شرف النساء بعنوان جهاد النكاح ، وهي فتوى ليست إسلامية بل صهيونية .
من خلال الأطلاع على الأفعال الشنيعة والمخزية لهذه المنظمات الإرهابية نرى عقول المنتمين لهذه المنظمات مقفلة على الفكر الوهابي التكفيري المتخلف ، وهؤلاء المتخلفون المسيؤون إلى الإسلام مدعومون من الحركة الصهيونية العالمية وأعداء الإسلام الآخرين ، ومدعومون من حكومات رجعية متخلفة سياسيا وفكريا كالسعودية وقطر وحكومات عربية أخرى ، أو متخلفة فكريا وتسلقت إلى السلطة بالسلم الديمقراطي ، مثل حكومة الإخوان في مصر التي رفضها الشعب المصري خلال فترة زمنية قصيرة ، وحكومة أردوغان التركية التي تنتمي إلى مدرسة الأخوان المسلمين السلفية التكفيرية أيضا .
على خلفية فتوى السيد السيستاني اندفعت الجماهير المليونية للتطوع ضمن صفوف القوات المسلحة ، أو تحت إشراف الجهات الرسمية المسؤولة الأخرى للدفاع عن العراق وشعبه بكل مناطقه وقومياته وأديانه ومذاهبه ، وبذلك أثبتت المرجعية العليا أنها لجميع العراقيين ، وأظهرت مسار الجهاد الحقيقي والسليم ، الذي يدافع عن الأوطان وعن الإنسان ومظلوميته وينصره بعيدا عن أي عنوان عنصري أو طائفي لقد خلقت الفتوى سيلا لا ينقطع من العزم والتصميم والإرادة لدى الجماهير الشعبية للتصدي لعصابات داعش والداعمين لها في الداخل أو الخارج .
الجماهير المليونية التي استجابت لنداء المرجعية تنظر وتراقب مواقف القادة الآخرين من سياسيين ومسؤولين ورموزا أخرى ، فتفرز مواقفهم الإيجابية والسلبية لتستمد من أصحاب المواقف الإيجابية العزيمة والإرادة والقوة في الصمود والدفاع عن الوطن والشعب والمقدسات ، عندما تشاهد الجماهير القادة الكبار وهم يندفعون للدفاع عن الوطن إستجابة لفتوى المرجعية ، ستقتدي بهم وتندفع أكثر في مواقفها للدفاع عن العراق وشعبه .
وللتأريخ والإنصاف نذكر إنّ الشعب العراقي فيه الكثير من القادة والرموز التي نعتز ونفتخر بها الذين استجابوا لنداء المرجعية العليا في الجهاد ضد الغزو الهمجي للدواعش ، وعندما نذكر إسم أحد هذه الرمز ليس من باب الحصر ، بل مثالا نحثّ به المتخاذلين والصامتين من القادة الآخرين ليكون لهم قدوة حسنة ، وأعني بهذا القائد الأستاذ ( هادي العامري ) مسؤول منظمة بدر .
أرى إنّ الجماهير تفتخر وتعتز بمواقف هذا الرجل الوطنية المشرفة ، ومواقفه هي مواقف للحق وليس من أجل مصلحة أو مكسب مثل ما يبدو من مواقف بعض السياسيين الآخرين ، في تقديري إنّ هادي العامري رجل وطني مخلص لا يحيد عن الحق ولا ينتصر للباطل حتى لو رفع شعار الباطل أقرب الناس إليه ، أنا مقتنع إنّ الجماهير تراقب وتشخص رموزها وقادتها في الظروف الطبيعية والحرجة ، ومن خلال متابعتي لمسيرة وأداء بعض القادة العراقيين وجدت الرجل العامري رمزا وطنيا يستحق الإحترام والتقدير ، وهو أهل أن يُقتدى به ، فهو عنوان ديني لا شائبة عليه ، ورمز وطني مجاهد يُفتخر به ، ومواقفه الوطنية يذكرها الشعب العراقي وينظر إليها بتقدير عالٍ ، يمتلك الخبرة في تشخيص المسارات السياسية الوطنية السليمة ، ويؤشر على المسارات المنحرفة أوغير الوطنية أو المرتبطة بأجندات خارجية ، ينتصر للحق ولا يخشى في الله لومة لائم .
اصطف الاستاذ هادي العامري مع الصف الوطني مؤازا ومؤيدا ومدافعا استجابة لشعوره الوطني ، واستجابة لمسؤوليته الشرعية ، انضم إلى مسار دولة القانون بعد أن وجده المسار الوطني الذي يلبي طموح الجماهير ، وشخّصه مسارا وطنيا بعيدا عن النفوذ الخارجي ، وعندما انحاز لهذا المسار الوطني تعرض لضغوط كبيرة لكنه تجاهل هذه الضغوط ولم يستسلم ، وقد تعرض لضغوط قبل انتخابات 2014م وبعدها ، ولم تزحزح الضغوط والمغريات هادي العامري عن موقفه الوطني المنحاز إلى الحق والعراق .
وآخر وقفة مشرفة للأستاذ العامري وأنا مقتنع إنها لن تكون الوقفة الأخيرة بل ستتبعها وقفات ، هي وقفته أثناء وبعد تسليم الموصل إلى داعش ، إذ استجاب لنداء المرجعية ، ولشعوره الوطني فتحرك بقوة مع أعضاء منظمة بدر الآخرين ليقفوا وقفتهم البطولية دفاعا عن العراق وشعبه ، فتحرك العامري بسرعة إلى ميادين القتال ضد داعش وحلفائها من البعثيين والطائفيين الآخرين ، فوقف في الصفوف الأمامية للقتال في ديالى ، وبذلك أثبت الرجل بشكل عملي ولاءه للمرجعية والتزامه بتعليماتها وأثبت أيضا حبه لوطنه وشعبه ، الشعب العراقي ينظر ويراقب ويشخص ، وقد شخص الشعب خلال محنة الموصل مواقف الكثير من القادة المدنيين والعسكريين والرموزالوطنية التي يعتز ويفتخر بها الشعب العراقي ، وينظر إليها باحترام وتقدير عاليين ، ومن هؤلاء الرجال القادة السيد هادي العامري ، فله منا ومن الشعب العراقي تحية واحتراما .
|