• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المدخل لفلسفة إسلامية حضارية : تأصيل الهوية .
                          • الكاتب : بوقفة رؤوف .

المدخل لفلسفة إسلامية حضارية : تأصيل الهوية


الهوية الحضارية هي مرجعية ومنطلق مشروعنا الحضاري , فمن لا يعرف نفسه لا يعرف غيره , ولا يعرف كيف يتعامل لا مع الذات ولا مع الآخر , وهويتنا الحضارية هو:  الإسلام  , الإسلام الجامع لا المفرق , الإسلام الجاذب لا المطرد , الإسلام الذي يكون غطاء للإنسانية جمعاء دون إقصاء , لا إسلام الطوائف والفرقة الناجية والشعب المختار , إسلام الهداية والكلمة الطيبة والحسنى والقول المعروف لا إسلام الحساب والوعيد البشري والجلاد ومنكر ونكير الدنيوي , الإسلام المكرم للبشرية الحاقن للدماء , إسلام الرسل والأنبياء , إسلام النبي إبراهيم و إسلام النبي موسى وإسلام السيد المسيح وإسلام محمد خاتم الرسل والأنبياء , إسلام الأخوة السمحة , إسلام الحب , إسلام إنسانية الإنسانية جمعاء .
هذه هي هويتنا الحضارية تعمّد الإنسان بقدسية السماء , تؤمن بان الله محبة ورحمة لذلك خلق الإنسان وكرمه بأن جعله الخليفة وقد اختارنا نحن اليوم  لإعادة بعث الخلافة الحضارية , لأجل إعادة إنسانية الإنسان المفقودة.
          إذا أردنا القيام بمحاولة تأصيلية للهوية فإننا سنجد هناك هويتان متناقضتين تتوجدان معا في إطار قانون التدافع  وهما الهوية الإنسانية والهوية البشرية : ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾  الحج (40)  -  
  ﴿ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ  ﴾ البقرة (251)  -     
فالعلاقة بين الهوية الإنسانية والهوية  البشرية نستطيع أن نوضحه كما وضحه القران  بالكلمة والشجرة فالكلام  تركيبه  واحد باعتباره مجموعة حروف منظمة (حركات صوتية) لكنه ينقسم إلى قسمين كلمة طيبة وهي الهوية الانسانية وكلمة خبيثة وهي الهوية البشرية والفرق بينهما بينه القران الكريم : ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) ﴾ سورة ابراهيم
فالهوية الإنسانية هوية منتجة معطاءة مثمرة تؤتي أكلها كل حين للإنسانية جمعاء , حتى من لم يتزود من ثمارها أقل شيء يستظل بظلها (السلام ) أما الهوية البشرية المادية (حضارة السراب/ الحضارة الشيئية ) فهي شجرة دون امتداد جذوري في التاريخ , مقطوعة الاستمرارية التاريخية الممثلة للامتداد الإنساني , مجتثة من القيم ومن المثل منزوعة الصلة بالتاريخ ومقطوعة الاتصال بالسماء
أما العلاقة بين الهويتين فهي  علاقة تدافع , لا علاقة تكامل وان كان الجانب التدافعي من هذه العلاقة يختلف منطلقه عند الهوية الإنسانية منه عند الهوية البشرية (حضارة السراب) فالدفع عند الهوية الإنسانية يكون وفق قانون الدفع بالتي هي أحسن :﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾  فصلت (34)  -    ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾   المؤمنون (96)  -    
أما عند الهوية البشرية فنجد خصائصها المميزة لها كعلامة فارقة هي النزعة العنصرية للجنس او للدين او للأصل او للفكرة فهي تتغذى على الاستكبار ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾  ص (74)  -  الذي مرجعه الخيرية الابليسية  ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴾  ص (76)  -  والفكر الفرعوني : ﴿ يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾   غافر (29)  -
وهناك نوع ثالث نستطيع تسميته بفاقد الهوية وهو الذي يخرج من الهوية الانسانية ولم يتشكل بالهوية البشرية : ﴿ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾   النساء (143)  -
يعيش حالة من الاستلاب والاستغراب الفكري والعاطفي والسلوكي يعاني من خلل في التواصل مع ماضيه المجهول لديه ومع التعامل مع الحاضر الضبابي أمامه ,كأنه يعاني من فقدان الذاكرة لا يتذكر أي أحداث ماضية من حياته السابقة و نقصد هنا التذكر التفاعلي المحفز لبناء الحاضر لا التذكر الاسترسالي البكائي على الامجاد الضائعة او التذكر الهروبي لعدم مواجهة تحديات الواقع , يعيش حاضره دون ان يتفاعل معه كأنه في اغتراب نفسي ولا يفكر بأي مستقبل  ونستطيع ان نسمه بالإنسان البهيمي الذي لا يعطل حواسه وعقله عن أداء وظيفتهم الحضارية فتجدهم كالانعام دون رسالة حضارية تحركهم الشهوة البهيمية فقط :﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾  الأعراف (179)  -
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا   ﴾الفرقان (44)  -
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾   محمد (12)  -

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=46972
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13