العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية من الواضح أنها بدأت تتشابك، في ظل ترحيب إيراني بتعزيز التعاون مع دول الجوار، ورغبة سعودية بنسيان الخلافات القديمة والبدء من جديد.
الخطوة السعودية يمكن أن تُقرأ من أكثر من جانب وفي أكثر من تأويل، ففي البداية، وجّهت الرياض الدعوة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في وقت كان يهمّ باستئناف الجولة الرابعة من المفاوضات بين وفد بلاده النووي والسداسية الدولية برئاسة كاثرين آستون مفوضة الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنها جاءت في وقت لا يستطيع الوزير الإيراني أن يلبّيها ما يطرح سؤالاً مهماً، وهو هل من الممكن أن السعودية طرحت دعوتها لإظهار نواياها الحسنة لنسيان الخلافات مع طهران وأن الأخيرة لا تعطي المبادرات السعودية أيّ اهتمام !
ومن جهة أخرى، فإن الدعوة السعودية جاءت شفهية من قبل وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إلى نظيره الإيراني، وهو ما يعطي انطباعاً بعدم جدية الخطوة السعودية تجاه تعزيز العلاقات وفتح باب النقاش بين الطرفين.
والأمر الهام هو أن هذه الدعوة جاءت في وقت كان التفاؤل سيّد الموقف في العاصمة فيينا بشأن البرنامج النووي لطهران، وفي ظل تعاون إيراني لا مثيل مع الخطوات السبع المحددة سلفاً بالاشتراك مع الوكالة الدولية للطاقة الدولية وترحيب دولي واسع الطيف، فهل السعودية أحسّت بأن النووي الإيراني أمر واقع وأن عداوة إيران في هذه المرحلة هو “لعب بالنار” و “تهور”، وذلك بعد التطور العسكري والتقني للدولة الإيرانية رغم الحصار الغربي عليها.
إيران بدورها، وعلى الرغم من ضعف الدعوة السعودية باللقاء ونقاش المسائل العالقة بين الطرفين لأنها كانت مجرد دعوة “شفهية” لزيارة أراضي المملكة إلا أنها أعلنت وعلى لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، الثلاثاء، أن ترتيب زيارة وزير الخارجية جواد ظريف جارية حالياً على خلفية الدعوة التي وجهتها السلطات السعودية له لزيارة المملكة، بعد الانتهاء من المفاوضات مع الدول الست الكبرى دون تحقيق تقدّم يُذكر بفعل التدخل الأمريكي والتجاوب الغربي على فتح ملف الصواريخ البالستية للنقاش ضمن الملف النووي الإيراني وهو الأمر الذي رفضته طهران شكلأ ومضموناً إلى جانب دعم روسي .
مرضية أفخم وخلال تصريحها الصحفي لم تنسَ اللباقة المعهودة من الإيرانيين في مدّ اليدين الاثنتين لأي دولة تحاول ولو في عقلها أن تمدّ يدها للتعاون مع إبران، وتعاملت مع الدعوة أنها رسمية رغم “شفاهيتها”، وأكدت أن إيران والسعودية بلدان مهمان في المنطقة ولا شك أن تعاونهما یترك تاثیراً هاما علی المنطقة بأجمعها.
اللقاء الإيراني – السعودي المرتقب، على الرغم من أنه غير معروف التاريخ إلى أن المراقبين يرون فيه خطوة هامة لالتقاء بلدين لهما وقع كبير ودور أكبر في التأثير على معظم القضايا في الشرق الأوسط، على الرغم من أنهما يأخذان جانبين متقابلين، ولكن السياسة وكما هو معروف لا تعترف بالتاريخ وإنما بما هو واقع على الأرض. |