الدنيا تتحرك بسرعة فائقة نحو آفاق الأنوار المعرفيه , والعلوم الخارقة الإنجازات والإبتكارت , ولا تعرف المستحيل , لأن عقولها تتفاعل وأفكارها تتلاقح , وجهودها تتواصل , وإراداتها تتوثب باحثة عن الجديد , ومحاولةً التغيير.
وما يحصل في عصرنا لا يمكنه ملامسة عقولنا وخيالنا المسجون في الباليات والغوابر المهترئات , فطاقاتنا منسكبة في رمال البهتان وكهوف الظلمات والهوان.
الدنيا تتقدم ونحن نترنح على شفا حفرة الإنقراض والغياب وعدم القدرة على التواصل والبقاء والعطاء , وتحقيق القدرات الجينية اللازمة لتزويدنا بمهارات التحدي والإرتقاء.
فمجتمعاتنا في نومة أهل الكهف , وأفكارنا ورؤانا في حالة إستنقاع أليم في أحواض تفوح نتانتها في أرجاء المكان والزمان.
فما هي مبتكراتنا , وأدوات تواصلنا مع عصرنا؟
هل ما نقوم به من تفاعلات وصراعات مخجلة , وبائسة ومخزية؟
هل تخريبنا لوجودنا الذاتي والموضوعي ما نفخر به ونتباهى في عالم متوج بالمعرفة والعلم؟
إن أحوالنا ليندى لها جبين الماضي والحاضر والمستقبل!
فكأننا لسنا بمنتمين إلى حياتنا , وإنما نسعى لموتنا بعنفوان الفناء الأبيد!
فالعالم من حولنا يفكر ويبحث ويدرس ويبني ويصنع , ونحن القابعون في حفر الأجداث , والمنشغلون بحلّ مشاكل الراحلين!!
فتصوّروا , أن الإنسان المعاصر منشغل بإبتكار النباتات المضيئة , التي ستوفر الطاقة , وتنير المنازل والطرقات على مدى حياتها , فالنبتة ستتحول أوراقها إلى مصابيح منيرة , تبهجنا بجمالها وتمنحنا الأمن وتبدد الظلام.
ليس خيالا ما تقدم , فقد توصل العلماء إلى هندسة جينية جديدة بمقدورها أن تنتج نباتات مضيئة , إذ إستخدموا الجينات الضوئية لبعض الحشرات المضيئة والنباتات والحيوانات البحرية المضيئة وطعّموا بها موروثات النباتات فصارت تضيئ.
وهذا المشروع سيغير أسلوب الحياة , ويجعلنا نتمتع بأضوية الأشجار من حولنا , فلا نستهلك الكثير من الطاقة الكهربائية.
هذا مَثل على إنشغال الدنيا بالحياة وإنهماك مجتمعاتنا بصناعة الموت , فما أبرعها وأمهرها وهي تسعى للإنقراض السعيد!!
عاشت أدمغتنا التي تم مصادرة قشرتها , وشلّها وتحويلنا إلى عظايا آدمية , حتى أصبح ديننا الذي به تألقنا , هو العامل الأقوى لإفنائنا!!
فهل من دماغ مضيئ؟!!