• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الفكرة الدينية السامة .
                          • الكاتب : بوقفة رؤوف .

الفكرة الدينية السامة

 زودت بعض الكائنات الحية بالسم كوسيلة هجومية وأحد أنواع السم مادة تصيب الضحية بالشلل المؤقت فتستسلم للمفترس دون إبداء أي حركة دفاعية بسبب تصلب جسمها وعجزها عن تحريكه , ليتسنى للحيوان المفترس تناول ضحيته بكل هدوء ودون أدنى مقاومة , هذه الخاصية الدفاعية/الهجومية الطبيعية أخذها الفكر وحولها لسلاح هجومي دفاعي يحافظ به على ذاته ويحجز به مساحة على أرض الواقع
هذا الفكر الديني السام الذي يسمم المحيط الاجتماعي في تفاعله معه ببثه الشلل الفكري والجمود المعرفي والغشاوة القلبية والعمه وجروعات من انواع المخدرات والهلوسات الفكرية باسم الدين فان اقتحم الدار باغي ظالم نصبر لأن ذلك من القضاء والقدر ونحن ضعاف لا حول لنا ولا قوة بمجابهته فنفنى و لا نحرز شيء فالأجدر أن نصبر ونحتسب حتى نرزق القوة دون أن نعد لها العدة ولا نستعد لها فتناولنا جرعات من مخدر القدر فأصبح كل ما يحدث من المهانة والذل أمر عادي فالدنيا دار نكد وابتلاء وبدل أن نغير هذا الواقع المرير تكيفنا معه وبدلنا حتى منظومتنا الفقهية معه فجاء فقه تبريري و فكر استسلامي انهزامي يرى في الاستكانة والعجز والذل والمسكنة والضعف صبر على القضاء والقدر وانه ابتلاء والله ما دام يبتلينا فانه يحبنا وكأن المستعمر الغاشم ومن بعده الحاكم الظالم يمارس ربوبية الله علينا ويعاقبنا بدل منه ونحن في خنوع وخضوع نصبر ونحتسب الأجر عند الله
وكذلك مخدر الإرجاء فالظالم حسابه غدا يوم يلقى الله ,فهو يمارس علينا وفينا كل الأفعال و لا رد فعل من قبلنا ,لأنه واحد منا من جلدتنا وملتنا لا نستطيع رد السيئة بسيئة مثلها بل نوكل عليه الله وهو نعم الوكيل
فتحول الفكر الديني الحي المتجدد الدافق الفعّال الى فكر شيئي قبوري سطحي هامد خامل يثير في النفوس الكسل والاستسلام نتمنى غدا أفضل و لا نعمل أن نكون الأداة التي تغير هذا الواقع إلى غد أفضل , حتى في دعاؤنا ندعو الله بأن يهلك الظالمين وأعداء الدين ويعاقبهم بالزلازل والبراكين والأعاصير وقد تناسينا أن السنن الطبيعية شأنها شأن السنن الاجتماعية لا تحابي أحدا وليست بسلاح يستخدمه أحدنا ضد الآخر ,هذه الاتكالية والانهزامية وعجزنا الدفاع عن أنفسنا ورفضنا حتى محاولة التفكير في كيفية الدفاع ونتمنى مع هذا من الله أن يقوم بمهمتنا بدل عنا ,فان كان الدعاء مقرون بالعمل والتوكل مقرون بالسعي والسؤال مرتبط بتسبيب الأسباب , فان الفكر الديني السام شعاره تواكل دون سعي ودعاء دون عمل وتسول بدل التوسل فأصبحنا نعيش في مقبرة مفتوحة يشبه حالنا كثيرا حال الأموات الأحياء نمشي دون هدى ولا تفكير ونتجه في حركة رتيبة جماعية نحو مصدر اي صوت نشتم فيه رائحة الدم ,فقدنا القدرة على النهوض وافتقدنا القدرة على التغيير
إن أصعب أنواع الأسر هو الأسر النفسي ,لأن كرامة الأسير تنمعه من الاعتراف بأسره  والظروف المحيطة به تموهه عن رؤية الحقيقة فلا يعمل على تحرير نفسه حتى ولو خالجت خواطره لحظة تفكير في الأسر النفسي الواقع فيه لأن المحيط الاجتماعي بمضاداته الجمعية الدفاعية  تمنعه من الاستمرار في التفكير في هذه الأساطير والجنون والسحر فيستغفر ربه وسرعان ما يعود إلى رشد القبيلة /الحظيرة وكمثال حي تجسيدي على الأسر النفسي نجد حدائق الحيوانات المفتوحة حيث الحيوانات فيها لا تتواجد وسط أقفاص بل في بيئة تماثل بيئتها الحقيقية لكنها مسيجة تشبه كثيرا القفص الكبير تماثل الأسر الحضاري عند البشر وتلك الحيوانات وان كانت في الأسر فإنها ليس بمعناه الضيق المحدود فتجزم بأنها حرة وهي الأسيرة فلا تبدي أي مقاومة أو محاولة للتغيير وان وقف أحدها وشرح لها الموقف فإنها لا تصدقه وترميه بالخبل والجنون وتنفيذ أجندات أجنبية  , لذلك كان خطر الفكر الديني السام أعظم معوق ومانع ومثبط لمحاولات البناءات الحضارية بسيطرته على الفكر وعلى الدين مفتاحا أي حضارة ولأنه يجعلنا نعيش في أسر حضاري بكل رضا وسرور.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=44955
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14