• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الملاحة الشمسية بين الحقيقة والخيال .
                          • الكاتب : زوزان صالح اليوسفي .

الملاحة الشمسية بين الحقيقة والخيال

قال الله سبحانه وتعالى: ( وَمَا أوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ ألاَّ قلِيلاً) (سورة الأسراء 85). 
 وكذلك في قوله: ( لأَتَرْكَبُنَّ طبَقا عَنْ طَبَقٍ )( سورة الإنشقاق 19).
وكذلك في قوله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) (سورة الحجر الآية: 14-15)
وكذلك في قوله تعالى: ( سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ))  سورة فصّلت الآية: 53)
يشير توقعات العلماء إلى أنه من الممكن خلال العقود القادمة أن تقام الرحلات والمحطات الفضائية وأن يصل الأنسان إلى كوكب المريخ، غير أن الوصول إلى أبعد من ذلك يستلزم أستحداث تكنولوجيا جديدة وواسعة أكثر مما نحن عليه الآن، ومن الأفكار العلمية والفلكية المطروحة الآن للإطلاق رحلات خارج المجموعة الشمسية نظام جديد للملاحة الفضائية أطلق عليها العلماء الملاحة الشمسية(1)، أن الذي يبدو اليوم مستحيلاً قد يكون غداً حقيقة؟!، فبعد آلاف السنين يتحدث العلماء عن سفن شراعية تنطلق في الفضاء بالطاقة المنبعثة من أشعة الشمس، حيث أنه من الأفكار المطروحة من قبل علماء الفلك لإطلاق رحلات خارج المجموعة الشمسية، كفكرة ونظام جديد للملاحة الفضائية أطلق عليه العلماء عدة عنواين منها الملاحة الشمسية، سفن الشمس الفضائية، سفن الضوئية، سفينة الفضاء الفوتونية (2)…وغيرها)
وهو نظام يقوم على بناء سفن فضائية تعتمد على الأستعانة بصدمات الجزيئات الضوئية المنبعثة من الشمس على سطح هيكل المركب الخارجي لدفعها إلى الفضاء.
إن أشعة الشمس لها ضغط ووزن وكما تدفع الرياح الأرضية السفن الشراعية في البحار، ستدفع أشعة الشمس سفن الفضاء إلى الكواكب، وإلى النجوم خارج المجرة!، وحديث العلماء عن سفن الفضاء الشراعية التي تسير بقوة الضوء حديث مثير يفتح أمام الإنسان أبواب الكون اللانهائي إلا آفاق بعيدة لا يكاد يتصورها العقل، والصواريخ الضوئية تعمل على أساس النظرية العامة للصواريخ، وهي قوة الأرتداد الناشئة من إندفاع الغازات من الصاروخ النفاث مع فارق بسيط، هو أن الصاروخ الضوئي يطلق ضوءاً بدلاً من الغازات والضوء كما هو معروف ينتقل بسرعة 186 ألف ميل في الثانية تقريباً وهي أقصى سرعة معروفة في الطبيعة، ومن هنا فإن سفن الفضاء الضوئية تنطلق بسرعة تقرب من سرعة الضوء.
ومعنى هذا إن الرحلة من الأرض إلى القمر، وهي مسافة تقرب من 240 ألف ميل لن تستغرق أكثر من ثانية وجزء من الثانية! ومن هنا فأن سفن الفضاء الضوئية هي الوسيلة الوحيدة التي تتيح للأنسان زيارة الكواكب والنجوم.
وعندما تصل سرعة سفن الفضاء إلى سرعة الضوء. سيتوقف الزمن، وتتحول المادة إلى إشعاع. ويصبح في أستطاعت الحياة البشرية أن تمتد لتكفي رحلات الفضاء الطويلة لزيارة النجوم والكواكب البعيدة!، والنظريات الخاصة بهذا النوع الفريد من الطاقة الضوئية كثيرة. ولكن أكثرها شهرة أستخدام ( مصباح بلازما )(3) وهو جهاز يوضع في مؤخرة السفينة لإطلاق طاقة ضوئية دافعة نتيجة لرفع حرارة بعض المواد إلى 150 ألف درجة سنتيجراد وعندما تتحقق لنا سرعة تقرب سرعة الضوء، ستحدث أشياء مثيرة ، فعندما يتوقف الزمن، وتتحول المواد إلى إشعاع. سترى النجوم وراءك في أشكال غريبة ساحرة، النجوم االصفراء ستبدو لك حمراء كلما أرتفعت سرعة السفينة طبقاً لقانون يعرف بأسم ( دوبلر )(4) ويفسر التغير الظاهر في ذبذبات الأشعة بسبب الحركة النسبية بين المشاهد والمصدر!.
وكان هناك جدل وعدة أراء إيجابية منها وسلبية حول هذا الموضوع بين العلماء، منهم من قال  كيف ستواجه السفينة أخطار النيازك والشهب، وخاصة في طبقات الفضاء العليا البعيدة !؟ فردوا المتحمسون من العلماء بوضع دروع أو ستائر تحمي السفينة من الشهب والنيازك الصغيرة، أما الكبيرة فسوف تتهشم بواسطة مدفع إشعاعي!
وكانت هناك ثمة إعتراضات أخرى، وهي إن ذرة صغيرة من التراب تزن ملليجراماً واحداً وهي منطلقة بسرعة 866 ر. من سرعة الضوء تصبح قادرة على أن تهشم وتحول عشرة أطنان من الحديد إلى بخار!، فوجد البعض حلاً لذلك وهي بأن الستارة التي سوف ستكون كهربائية بحيث أنها ستوءدي الذرات الغبارية وتحد منها بالمجالات المغناطيسية، وهناك من العلماء من أشاروا أيضاً بأنه بالأضافة إلى الغبار فإن ذرة من الهيدروجين في كل سنتمتر مكعب من الفضاء الخارجي وستخترق البروتونات التي تتحرك بسرعة تقارب سرعة الضوء السفينة الفوتونية هذه كما لو كانت مصنوعة من ( الخشب المعاكس ) بمعدل عشرة من الجسيمات لكل سنتيمتر مربع من السطح أي ما يعادل عشرة أضعاف قوة الأشعة الكونية وهذا معناه كأن الواحد يخطط سفينة موت لا سفينة فضائية، كم أدعى بعض العلماء منهم، وغيرها العديد من الأعتراضات والأراء السلبية والإيجابية حول السفن الشمسية.
إن الفكرة من السفن الشمسية هي إن إشعاعات الضوء تجتاح الكون كله مثل الرياح، وكما تدفع الرياح على الأرض السفن في البحار، فإن ضغط الضوء يستطيع أن يدفع سفن الفضاء في الفضاء!، وينتج هذا الضغط بموجب نظرية الدقائق من إرتطام سطح الأجسام بكمية الضوء أو الفوتون، إن الشمس ترسل سيلاً قوياً من الدقائق وينتج هذا السيل في فترة الفعالية الشمسية ضغطاً يبلغ 70 ضعفاً أكثر من المعتاد، وفي الفضاء الخارجي حيث لايوجد إحتكاك الهواء يقاوم الحركة يكفي أقل قدر من الطاقة لدفع السفينة، وما عليك أنذاك إلا نشر الشراع لتبدأ الرحلة، ولا يحتاج إلا إلى نقل العربة إلى ما فوق جو الأرض لكي تصبح تابعاً إصطناعياً وستنجذب عند ذاك نحو كوكب سيار آخر بواسطة الضوء الذي يدفعها وأن ( الوقود ) الشمسي في مجالي الزهرة أو المريخ يكاد لا ينفذ وبوجود هذا الوقود خارج العربة، يمكن زيادة حجم الالات وحجم غرفة القيادة زيادة كبيرة، وإن هذه المزايا قد أثارت أهتمام علماء بارزين.
وقد بذلوا العلماء عناية فائقة وأهتمام شديد في فن فكرة صنع الأشرعة فركزوا على كيفية عمل شكل وحجمه لمثل هذه الرحلة، وأن صنع الشراع الشمسي يحتاج إلى صفيحة كبيرة جداً ورقيقة من معدن يصقل سطحه صقلاً جيداً بحيث تعكس الضوء بصورة جيدة وهذا الشراع أما أن يكون من الألمنيوم أو من الفضة أو من البلاستيك المطلي بالألمنيوم.
وعلى الرغم من أنه لم يتيسر بعد صنع السفينة المطلوبة وأن المشروع لا يزال يخطط ويصمم على الورق ومع ذلك نجد أن العلماء كثيرين قد أخذوا على عاتقهم عبأ القيام بالعمليات الحسابية والرياضية لتقدير سرعة سفينة الفضاء التي تسير بأشعة الشمس على مدار الأرض والذي يساوي ( 2 مليمتر ) في الثانية فوجدوا بأنها ستستغرق ( 164 يوماً ) على الاقل لتصل إلى الزهرة و ( 322 يوماً ) للوصول إلى المريخ، وقد عرف العلماء كيف يغيرون من زاوية الشراع بالنسبة لشعاع الشمس أثناء الطيران من أجل الوصول إلى كوكب السيار المقصود في أسرع وقت ممكن، وقد يأتي ذلك الوقت الذي سيبدأ به الفضائيون برحلة بين الكواكب السيارة ونسمع دعاء التوديع الذي يقال ( نتمنى لكم سفرة شراعية موفقة ).
(1)الملاحة الشمسية: هو نظام يقوم على بناء مراكب فضائية تعتمد على الأستعانة بصدمات الجزيئات الضوئية المنبعثة من الشمس على سطح هيكلها الخارجي لدفعها إلى الفضاء.
(2)الفوتون (photon ): هو جسيم الأولي، والكم للضوء وجميع الأشكال الأخرى للإشعاع الكهرومغناطيسي والحامل للقوة الكهرومغناطيسية ،وهو يتحرك في الفراغ بسرعة الضوء 299792458متر/ثانية وسرعته ثابتة لا تتغير إلا إذا دخل وسطاً آخر مثل الزجاج.
(3)البلازما ( plasma ): هي حالة متميزة من حالات المادة يمكن وصفها بأنها غاز متأين تكون فيها الإلكترونات حرة وغير مرتبطة بالذرة أو بالجزيء، فإذا كانت المادة توجد في الطبيعة في ثلاث حالات: صلبة وسائلة وغازية، فأنه بالإمكان تصنيف البلازما على أنها الحالة الرابعة التي يمكن أن توجد عليها المادة، على نقيض من الغازات فإن للبلازما صفاتها الخاصة، يؤدي التأين لخروج واحد أو أكثر من الإلكترونات عند تسليط حرارة أو طاقة معينة، هذه الشحنة الكهربائية تجعل البلازما موصلة للكهرباء لذلك ستستجيب بقوة للمجال الكهرومغناطيسي.
(4)دوبلر: ظاهرة دوبلر هو تغير ظاهري للتردد أو الطول الموجي للأمواج عندما ترصد من قبل مراقب متحرك بالنسبة للمصدر الموجي، يدعى هذا التأثير بتأثير دوبلر الذي أكتشف هذه الظاهرة عام 1842 م ، وتحدث ظاهرة دوبلر أيضاً للضوء وقد أكتشف عن طريق ظاهرة دوبلر أن كل المجرات تبتعد عنا بسرعات عظيمة وفي جميع الإتجاهات، ووصل لهذا التفسير عندما وجد أن أطياف تلك المجرات منزاحة بدرجات متفاوتة نحو اللون الأحمر، فكان هذا الإكتشاف والذي عرفنا من خلاله أن الكون يأخذ في الأتساع يعتبر من أعظم إكتشافات في القرن العشرين، حيث تغيرت صورة الكون من وقتها عند الإنسان حيث كان الأعتقاد السائد قبلها بأن حجم الكون ثابت لا يتغير.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=44715
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13